jo24_banner
jo24_banner

النقد الدولي ولبنان

خالد الزبيدي
جو 24 :

بعد اكثر من ثلاثة اشهر من الاحتجاجات العنيفة في لبنان وإقالة او استقالة الحكومة وتأزم الوضع المالي وخسارة الليرة اللبنانية ثلث قيمتها التبادلية تحرك صندوق النقد الدولي والتقى وزير المالية اللبناني الجديد امس السبت في زيارة وصفت بأنها ودية قام بها المدير التنفيذي الذي يمثل لبنان في صندوق النقد.
هذه الزيارة تمهد لمرحلة جديدة وصعبة في العلاقة بين الجانبين لاسيما وانها تأتي بعد مسلسل من الاحتجاجات طالبت بالتغير ومكافحة الفساد واسترداد الاموال المنهوبة وتحسين الخدمات التي تدنت الى مستويات صعبة، بينما يعاني لبنان صراعات إقليمية تنعكس مباشرة على الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية.
وبرغم تطمينات «مصرف لبنان» ان الوضع المالي والنقدي مطمئن الا ان الدولرة في الاقتصاد اللبناني اصبحت نمطا من التعاملات التجارية في المحلات الصغيرة والمتوسطة وصولا الى إيجارات البيوت والخدمات مما يشير الى تفاقم الازمة المالية والنقدية التي تحتاج الى برنامج محكم للرد على الازمة ومنع الانهيار، والحد من انزلاق المؤشرات الرئيسية للاقتصاد اللبناني.
ارتفاع الدين العام ( الداخلي والخارجي ) تضخم وتجاوز 150 % نسبة الى الناتج الإجمالي، وتمتص خدمة الدين مبالغ كبيرة من الموازنة العامة للدولة، وخلال السنوات القليلة الماضية ارتفع الدين العام مستويات عالية واصبح ككرة ثلج تتضخم يوما بعد آخر، ومع الدين الكبير لا يزال الاقتصاد الرمادي اللبناني الاوسع بين الدول العربية نظرا لضعف تطبيقات السياسات المالية الضريبية وغير الضريبية لتمويل النفقات العامة (الجارية والراسمالية).
الحكومة اللبنانية المكلفة ستجد نفسها بين فكي كماشة ..مطالبات اللبنانيين في تحسين المستويات المعيشية من جهة ومطالبات صندوق النقد الدولي في تطبيق سياسات مالية تشددية طابعها الانكماش من جهة اخرى، وهذه الاهداف متناقضة كليا وتعقد الامور اكثر وتضع الحكومة والشارع اللبناني في تصادم كبير في حال تحرك الحكومة لفرض ضرائب او غيرها، وربما يكون لبعثة صندوق النقد الدولي وجهة نظر مختلفة لدعم لبنان ماليا لإخراجه من الازمة الراهنة، وقد يكون الدعم المنتظر له شروط سياسية اكثر منها مالية .
لبنان ليس الدولة الوحيدة التي تعاني من الدين وشح السيولة وارتفاع تكاليف المعيشة ونقص فرص العمل والإخفاق في التنمية، فهناك دول كثيرة خرجت من حروب قاسية دفعت الكثير من الخسائر البشرية والمادية لكن سرعان ما تعافت، وهناك دول قليلة سكن فيها الإخفاق والفشل وكان المسبب الرئيسي في ذلك الاعتماد على الغير وانتظار الحلول من الخارج، وهذا لا يمكن ان يتحقق، لذلك ان زيارة صندوق النقد للبنان سيعقد الامور اكثر كما حصل في دول اخرى ..فالحل دائما يأتي بالاهتمام بالقطاعات الاقتصادية الإنتاجية والتصديرية المولدة لفرص عمل جديدة ورفد الاقتصاد والخزينة بأموال وفيرة، وبدون ذلك يستمر الدوران في حلقة مفرغة.

الدستور

تابعو الأردن 24 على google news