طبيبة سورية تروي جحيم الحرب بفيلم "الكهف" المرشح للأوسكار 2020
طبيبة الأطفال أماني بلور بطلة أحدث الأفلام الوثائقية للمخرج فراس فياض، تحملت مسؤولية إدارة مستشفى تحت الأرض وسط جحيم الحرب الأهلية السورية، وعالجت الكثير من ضحايا الانفجارات والأسلحة الكيميائية. واليوم تعيش لاجئة في تركيا.
وتقولإنهأثناء عملها بمستشفى الكهف على مدى ست سنوات،بمنطقة الغوطة الشرقية قرب دمشق، تعرضت الملاجئ والأنفاق التي يتكون منها هذا المستشفى للقصف أكثر من عشرين مرة. وحتى اليوم، ورغم ابتعادها عن مسرح الحرب، فإن ضجيج الانفجارات لا يزال يقض مضجعها،بحسب لقاء أجراه معها موقع "إنفوباي".
وأصبحت بلور مسؤولة عن مستشفى الكهف عام 2016، وهي بعمر 29 عاما فقط، وكانت عملت فيه لأربع سنوات قبل أن تصبح المسؤولة الأولى عن إدارته. وهي اليوم بعمر 32 عاما وتعيش في مدينة غازي عنتاب التركية.
بلور: تم تفجير المستشفى "الكهف" أكثر من عشرين مرة(إنفوباي) |
المخرج أثناء تصويره فيلم عن الطبيبة(إنفوباي) |
بلور أنقذت آلاف الأطفال(إنفوباي) |
بعض الذين حضنتهم(إنفوباي) |
مكثت بلور ست سنوات بالكهف واستحقت لقب بطلة الفيلمالوثائقي(إنفوباي) |
لن أعيش بلا أمل
وتضيف"بالطبع الآن بعد مرور عام كامل في تركيا، تحسن شعوري قليلا، لأني وجدت طرقا أخرى للمساهمة من هنا، حيث يمكنني الوصول لعدد أكبر من الناس وإخبارهم بحقيقة ما يجري في سوريا. لن أعيش بلا أمل، بل سأحاول مساعدة السوريين الذين يتعرضون لعملية إبادة جماعية، جرائم الحرب التي أتذكرها تضمنت هجمات بالأسلحة الكيميائية ضد المدنيين، وقصفا للمستشفيات".
"الكهف" إلى الأوسكار
وتدور أحداث الفيلم حول طبيبة الأطفال وفريق عملها، وهو مشارك ضمن فئة الأفلام الوثائقية في مسابقة الأوسكار لعام 2020. والمخرج هو صانع الفيلم الوثائقي "آخر الرجال في حلب" الذي يسلط الضوء على العمل الإنساني لمتطوعي الخوذ البيضاء في الحرب الأهلية، وتم ترشيحه لجوائز الأكاديمية عام 2017.
ويروي "الكهف" قصة سوريا التي دمرتها الحرب، وكيف أصبح الأمان والأمل موجودين فقط تحت الأرض، داخل مستشفى الكهف الذي طالبت فيه النساء بحقهن في العمل بشكل متساو مع زملائهن الرجال. وكن يخاطرن بحياتهن لإنقاذ الجرحى وإيجاد طريقة لإيقاف الوحشية والظلم والمعاناة التي كانت مسلطة على المدنيين في شكل القصف ومنع وصول المواد الأساسية، والتهديد بالأسلحة الكيميائية.
إلى أرض الواقع
وسرعان ما انتقلت من الكتب والنظريات إلى التطبيق على أرض الواقع، من أجل تخفيف معاناة ضحايا هجمات نظام الأسد. كما شاركت في بعض الاحتجاجات، وكانت أيضا حاضرة في غرف الطوارئ لإنقاذ الأطفال وضحايا القصف بمناطق بعيدة عن محافظتها. وكانت بدايتها في العمل الطبي متطوعة، دون الحصول على أي مرتب، في مستشفى ميداني غير مكتمل البناء.
تقول "أردت مساعدة الناس بما أنني أؤمن بالقيم الإنسانية، فأنا طبيبة وأرغب بتخفيف معاناة الضحايا. لقد كان أمامي خياران إما البقاء أو مغادرة البلاد، وقررت عدم الرحيل، لأنني لا أتخيل ترك الأطفال المصابين وعدم القيام بشيء".
بعد ذلك تطورت إمكانيات هذا المستشفى، وتم بناء العديد من الأنفاق والملاجئ تحت الأرض لتوسعته، بعد أن كان في البداية مكونا من غرفة طوارئ وغرفة عمليات فقط.
وسرعان ما اشتهر هذا المستشفى بتسمية "الكهف" والتحق به المزيد من الأطباء والممرضين والمتطوعين، وكثيرون منهم رغم افتقارهم للخبرة اكتسبوا المهارة لأنهم كانوا مجبرين على التدخل، وحتى أطباء الأسنان والبياطرة كانوا مضطرين للعمل في طب الطوارئ وإجراء العمليات الجراحية.
وفي 21 أغسطس/آب 2013، تم جلب ضحايا هجوم بغاز السارين للمستشفى، حيث تعرضت الغوطة الشرقية لهجوم كيميائي خلف المئات من الضحايا. وواجه الأطباء ضغوطا كبيرة أمام تكدس الجثث، ووجود المئات الآخرين ممن يعانون من الاختناق، بحسبها.
قيادة الطاقم
وبعد بضعة أشهر، تذكر أن وتيرة القصف تزايدت بشكل واضح، بسبب وصول الطيران الروسي. وفي إحدى الغارات تسببت تلكالطائرات بتدمير جزء من المستشفى ومقتل عدد من زملائها، إضافة لاستهدافهم للأطفال والمدارس.
ودأبت الطبيبة على التدوين على شبكة الإنترنت حول المعاناة الإنسانية التي يتعرض لها شعبها، إلى أن اضطرت للانتقال إلى شمال سوريا عام 2018، ثم العبور نحو تركيا.
وحصلت بلور على جائزة راؤول فالنبرغ لعام 2020 الممنوحة من المجلس الأوروبي، تقديرا لأعمالها الإنسانية الاستثنائية. وفيلم الكهف الذي يروي قصتها مرشح اليوم لجوائز الأوسكار لهذا العام.