2024-07-30 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

المصري: الأمن المعاصر لم يعد ذلك الأمن الشرطي المجرد

المصري: الأمن المعاصر لم يعد ذلك الأمن الشرطي المجرد
جو 24 :

أكد رئيس مجلس الأعيان، طاهر المصري، أن "مفهوم الأمن المعاصر لم يعد هو ذلك الأمن الشرطي المجرد، وإنما هو الأمن الشامل بأبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهو معادلة مركبة ليس من السهل بلوغها إلا بتوفر البيئة الحاضنة لها، والمؤهلة فعلاً لإنتاج حالة من الأمن الوطني الشامل، وبالتالي الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، كمقدمة لابد منها لتحقيق هدف الازدهار والتقدم والنماء، وهو هدف مؤشره الإنجاز في شتى مناحي الحياة العامة".

ومن جانبه أكد مدير مركز دراسات الشرق الأوسط، جواد الحمد، ان "التحولات التي عصفت بالمنطقة العربية كانت وراء انتشار الفكر الديمقراطي العربي والحريات العامة، واصبحت رافعة لتغيير وضع الامة المهتز دوليا نحو الريادة، ولا يستطيع الأردن ان يكون خارج دائرة هذه التحولات الايجابية".

جاء هذا في كلمة ألقاها المصري خلال الندوة التي عقدها مركز دراسات الشرق الأوسط اليوم السبت تحت شعار "من أجل أردن آمن ومستقر ومزدهر"، وشاركت فيها شخصيات وطنية سياسية وأكاديمية واقتصادية مثلت طيفاً واسعاً من المجتمع الأردني.

وبدا واضحاً من النقاشات لمحاور الندوة التي امتدت على مدار هذا اليوم بأنها نقاشات ثريّة وناضجة يمكن أن يبنى عليها في المستقبل لما فيه مصلحة الدولة والوطن، وهي نقاشات حملت عدداً من التوصيات سيتوجه بها مركز دراسات الشرق الأوسط إلى مكونات المجتمع الأردني والمعنيين وصانعي القرار في البلاد.

كما أثرت هذه النقاشاتُ الوثيقةَ التي اقترحها المركز في المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والدستورية والقانونية والسياسة الخارجية، والتي سيتم إعادة صياغتها من قِبل لجنة خاصة تم تسميتها أثناء الندوة.

وخلصت الندوة إلى عدد من هذه التوصيات التي ذكرها المشاركون، ومن أبرزها: التأكيد على بناء الثقة والتوافق العام بين مكونات المجتمع الأردني للخروج من الأزمة متعددة المستويات التي تعيشها البلاد، والدعوة إلى تجسير الفجوة بين التطلعات نحو الإصلاح والواقع الذي تعيشه البلاد من خلال خطط عمل واقعيه وآليات واضحة تجسد الأفكار النظرية على أرض الواقع.

ومن التوصيات الأخرى التي خلصت إليها الندوة: تعزيز مفهوم سيادة الدولة وتماسكها وحمايتها في مواجهة أي تفكك نتيجة تراجع مفهوم الدولة لحساب هويات وعصبيات ضيقه، وذلك من خلال برنامج إصلاح شامل يحقق التوافق العام، وعدم اقتصار التعامل مع الأزمة التي تواجه البلاد على المعالجة الأمنية، بل اللجوء إلى المعالجة الشاملة التي يكون فيها دور للسياسة والاقتصاد والاجتماع والأمن بشكل متوازن.

كما دعت التوصيات إلى مواجهة التمويل الأجنبي لمؤسسات المجتمع المدني تحقيقاً لسيادة الدولة وهيبتها وحماية المجتمع من أي تدخلات خارجية تخدم أجندات أجنبية، وإلى إعطاء الأولوية لإصلاح التعليم ومعالجة التراجع الذي يشهده في مستوييه الأساسي والعالي، وذلك باعتبار التعليم أساس الإصلاح الشامل.

وأكدت ضرورة بعث الحياة في مؤسسات الدولة وتعزيز الشعور بالمسؤولية والحرص على المصلحة العليا للوطن في هذه المؤسسات، ومعالجة الفساد الإداري المتفشي في مؤسسات الدولة وإعطائه أولوية على الفساد المالي الذي يعدّ الفساد الإداري أحد أبرز أسبابه.

وخلصت التوصيات أيضا إلى الدعوة لإشراك الأحزاب من خلال حوارات مكثفة في صنع السياسات العامة للدولة، واتخاذ إجراءات تعمل على التغيير في بنية الاقتصاد الأردني الذي يُوصف بالريعي أو الخدماتي إلى اقتصاد يعتمد على الزراعة التحويلية أو الصناعة، وذلك بناءً على دراسات اقتصادية جديدة.

كما خلص إلى إعادة صياغة الوثيقة التي نوقشت في الندوة، مع الأخذ بعين الاعتبار لمقترحات وانتقادات وإضافات المشاركين المحترمين، وتشكيل لجنة صياغة من المشاركين للقيام بهذه المهمة.

هذا وحض مركز دراسات الشرق الأوسط في الأردن على إيصال هذه الوثيقة لكل من يهمه الأمر في الدولة والمجتمع، والعمل على نشرها إعلامياً على أوسع نطاق ممكن، بما في ذلك تشجيع عقد ندوات وملتقيات متخصصة في مجالات الوثيقة ومحاورها الأربعة.

وتاليا نص كلمة رئيس مجلس الأعيان، طاهر المصري، التي ألقاها خلال الندوة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين... وبعد،،،
أيها الإخوة والأخوات الكرام،،،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

يأتي انعقاد هذه الندوة المهمة في وقت دقيق داخلياً وإقليمياً على حد سواء، وهي ندوة تحمل عنواناً كبيراً، يتحدث عن كيفية العمل من أجل أردن آمن ومستقر ومزدهر، وهي مهمة وطنية كبرى وجليلة، وتمثل هدفاً لكل مواطن- ولا يختلف عليها اثنان-.

صحيح أن الأمن والاستقرار شرط أساسي لبلوغ الازدهار؛ فلا تقدم ولا إنجاز في غياب الأمن والاستقرار، وهنا لا بد من التأكيد على حقيقة أن مفهوم الأمن المعاصر لم يعد هو ذلك الأمن الشرطي المجرد، وإنما هو الأمن الشامل بأبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهو معادلة مركبة ليس من السهل بلوغها إلا بتوفر البيئة الحاضنة لها، والمؤهلة فعلاً لإنتاج حالة من الأمن الوطني الشامل، وبالتالي الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، كمقدمة لابد منها لتحقيق هدف الازدهار والتقدم والنماء، وهو هدف مؤشره الإنجاز في شتى مناحي الحياة العامة.

وإذا ما اتفقنا أو توافقنا على صحة هذه المقدمة، فإن بالإمكان القول أن الأردن وبرغم ظروفه الاقتصادية الصعبة وظروفه الإقليمية الأصعب، قادر على مقاربة الازدهار وبتدرج في ظلال استراتيجيه وطنية محكمة، تستند إلى منهجية إصلاحية شاملة، قومها قراءة سليمة للواقع، ورؤية سديدة للمستقبل، وخطة حصيفة، تُرسي أسساً مكينة لدولة المؤسسات والقانون في جانب، ودولة الإنجاز في جانب موازٍ.

وهذا يتطلب بالضرورة، توظيف الإبداع السياسي القائم على الحاكميه الرشيدة، وقيم النزاهة والشفافية، كأساس لتحفيز المشاركة الشعبية الواسعة، لأن تفعل فعلها الإيجابي المطلوب، في ترسيخ الثقة الشعبية بالدولة كشرط لا بد منه لضمان هكذا مشاركة، وبالتالي ضمان تحقيق الإنجاز، والإنجاز هو سبيل الازدهار، متى تنامى هذا الإنجاز في ظل العدل والحرية والمساواة واحترام الحقوق.

حضرات الكرام،،،

أُدرك جيداً حجم التحديات التي نواجه، وسط إقليم ملتهب ينذر وهي كل لحظة، بما هو أقصى وأخطر وأُدرك في المقابل أن علينا أن نعمل وأن لا نستسلم لتطورات الإقليم وأزماته، والعمل الذي أعني لا بد وأن يكون في اتجاهين متوازيين، الأول تحصين الدولة والوطن ضد التأثر السلبي بمخرجات الصراع الدائر وفي المنطقة، والثاني إصلاح داخلي شامل متدرج ومدروس، يرقى بالدولة والمجتمع ويعالج السلبيات التي يمكن أن تنمو في ظلالها الفوضى، لا قدر الله في وقت نحن أحوج ما نكون فيه، إلى التماسك، وضمان سلامة النسيج الاجتماعي، وتعزيز المشاركة، واستعادة هيبة الدولة في عيون مواطنيها، وتعظيم قيمة الإنماء المنزه، وتخفيف الأعباء على كواهل الناس، وهي مهمة تحتاج إلى عمل مثابر واضح شفاف، عمل يرفع الدولة من الحالة الانتقالية التي تعيشها كدولة وسط بين الدولة الاجتماعية والدولة المدنية إلى مشارف الدولة المدنية ألحقه، المستند أداؤها السياسي العام، إلى منظومة حزبية متطورة تتيح الفرص لقيام حكومات برلمانية برامجيه، هي نتاج قانون انتخاب برلماني متطور، وبصورة تحاكي واقعنا الاجتماعي والسياسي، وتقدم للمنطقة بأسرها أنموذجا أردنياً عصرياً، لا وجود فيه لتطرف أو غلو، وإنما وسطية إيجابية في الكلمة والممارسة، وحرية مسؤوله ليس لها من هدف غير المشاركة في الارتقاء بالوطن، وتكامل بين السلطات، وسيادة مطلقة للدستور، وحرمة كاملة للقانون نصاً وروحاً وتطبيقاً، وعلى نحو عادل وعلى الجميع.

أعتقد جازماً، أن من شأن ذلك كمقدمة، أن يُسهم في بناء الدولة العصرية التي نريد جميعاً، وهي منظومة طويلة من الأفكار والرؤى، ولست اشك في أن المتحدثين في هذه الندوة، لديهم ما هو أفضل بكثير، ولهذا فلن أطيل، وسأكتفي بالتأكيد على أن الأمن والاستقرار هدف نبيل لا بد وأن نسعى جميعا لضمانه خاصة في هذا الوقت العصيب وإن الازدهار هدف نبيل كذلك، وأن بلوغه وبالذات في هذا الوقت الصعب، ليس بالمستحيل أبداً، إن نحن جلسنا معاً وتحاورنا بمسؤولية ووضعنا معاً أيضا إستراتيجيتنا للحاضر والمستقبل، وتحللنا من كل المثالب وأسباب التراجع وقررنا أن الأردن لا بد وأن يستقر ويزدهر.

أشكركم، وأتمنى لكم التوفيق وأشكر للأخ جواد الحمد، ولمركز دراسات الشرق الأوسط اهتمامهم وجهودهم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وفيما يلي نص كلمة الأستاذ جواد الحمد:

بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب الدولة والسعادة والمعالي والعطوفة
الإخوة الزملاء
السيدات والسادة

يسعدني أن أرحب بكم في هذا اليوم الاغر من ايام الأردن في ظلال احتفالاته بذكرى الاستقلال، ويسعدني كذلك ان تكونوا معنا في بحث واقع ومستقبل هذا البلد الكبير، فقد شكل الأردن دولة محورية طيلة القرن العشرين، ولا زال كذلك في العقد الاول من القرن الحادي والعشرين، كما مثل الأردن مثالا متقدما للدولة الحديثة من بين البلاد العربية، وتمتع شعبه بدستور وقوانين متقدمة في مجالي الحريات والحقوق والديمقراطية، وكان لمواقفه وسياساته الرسمية والشعبية صدى دائم وتاثير مباشر على مجريات الاحداث في المنطقة وخاصة في الصراع العربي-الإسرائيلي وقضية فلسطين.

وعلى صعيد التحولات التي اجتاحت البلاد العربية بما عرف بالربيع العربي منذ العام 2011 فقد كان الشعب الأردني سباقا في المطالبة بتطوير الواقع الدستوري والقانوني والسياسي، وبدا الحراكات الاصلاحية في الأردن منذ اواسط يناير 2011، وقد شارك الشعب الأردني بكل فئاته في المطالب الاصلاحية الشاملة، وحاول النظام احتواء هذه الحراكات من جهة والتجاوب المحدود معها من جهة اخرى بتعديلات دستورية وقانونية لم تلق الرضى الكافي من قيادات المجتمع والاحزاب السياسية بسبب غياب مقايس مرجعي متفق عليه لقياس التحولات الديمقراطية اللازمة .

وتباينت الرؤى بين الحكومة والمعارضة والمطالبات الاصلاحية، وساد الجمود بعد اجراء الانتخابات النيابية الاخيرة 2013 بقانون تسبب بمقاطعة فئات سياسية واجتماعية واسعة للانتخابات، وضعف الحوار بين القوى السياسية المختلفة، واتسعت دوائر الاضطراب في البلاد لتشكل بعض الانفلات الامني والاجتماعي، وتراجعت العلاقات السياسية في البلاد، في ظل استمرار حراكات الاصلاح بمطالبها بتفاوت موجاتها وشعاراتها.

وحرصا من المركز على المساهمة الفاعلة في تحريك التفاعل السياسي والاجتماعي في البلاد فقد تشكلت فكرة عقد هذه الندوة منذ ستة شهور، وتداول المركز مع عدد من مؤسسات المجتمع المدني والسياسيين بهذا الشان، وتوصل الى ورقة عمل اولية عقد لها حوارات تخصصية متنوعة، والتي بدورها توصلت الى بلورة اولية لمحارو هذه الندوة وموضوعاتها، ومن ثم عكف المركز مع ثلة من الخبراء والمتخصصين في اعادة الصياغة والتنسيق والبلورة والتدقيق الى ان وصلت الى الصورة التي بين ايدكم اليوم .

لقد شارك في الاعداد والتحضير العلمي والتخصصي لهذه الورقة اكثر من 25 شخصية أردنية، ويعتقد المركز ان عقد هذه الندوة بين اطياف المجتمع الأردني المختلفة، انما تحاول قراءة الواقع وتحديد التحديات واقتراحات السياسات البديلة القادرة على نقل البلاد خطوات ايجابية الى الامام على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والدستورية والقانونية والقضائية والاجتماعية وفي علاقاته الخارجية، لان ذلك هو الضمان لمنع البلاد من الانزلاق الى الفوضى، ويعمل بالتالي على تحقيق مزيد من الاستقرار والامن والازدهار لكل ابناء الأردن.

لقد كانت الآلية المتوقعة في هذه الندوة هي الحوار المفتوح والصريح والشفاف بين اطياف المجتمع وتوجهاته السياسية والاقتصادية والفكرية، كما يتوقع فتح الافاق امام توافقات وقواسم مشتركة جديدة بين معظم المشاركين فيها، وليسهم المركز والندوة في تاسيس بيئة ومنهج للحوار بين ابناء الأردن جميعا لمواجهة التحديات جماعيا وتحمل المسئولية جماعيا ايضا للانتقال نحو مستقبل افضل.

الاخوة والاخوات

ان التحولات التي عصفت بالمنطقة العربية كانت وراء انتشار الفكر الديمقراطي العربي والحريات العامة، واصبحت رافعة لتغيير وضع الامة المهتز دوليا نحو الريادة، ولا يستطيع الأردن ان يكون خارج دائرة هذه التحولات الايجابية، وبرغم ما اعترى بعضها من سيل للدماء، غير ان الأردن لا زال يتماسك في التعامل مع هذه المتغيرات سواء من قبل قوى الاصلاح والتغيير او من قبل السلطة، ولذلك فلا زال الأردن في قلب رياح التغيير ولم يتجاوز الاختبار بعد كما يحاول البعض ان يقنع نفسه، وهو ما يفرض على النظام والحكومة والقوى الاصلاحية السعي الدؤوب للتوصل الى معادلات تغيير آمنة تنقل البلاد الى الامام وتحمل للاجيال القادمة بشائر المستقبل المشرق والاستقلال الوطني والتحرر من التبعية، وتعتمد على ان الشعب مصدر السلطات والشرعية، وتسهم في تحقيق الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وتطبيق حق العودة والتحرير.

السادة والسيدات

كلنا أمل أن نتمكن من إجراء الحوار البناء والشفاف الوطني بابعاده القومية والإسلامية والإنسانية، لنقدم لبلدنا وأمتنا خدمة كبيرة ومساعدة على الخروج من عنق الزجاجة، ولتأسيس علاقلات بناءة بين أبناء الوطن بكل فئاته وتوجهاته، وليكون رائد الجميع المصلحة الوطنية والقومية العليا للأردن.

شكرا لكم على الحضور والشكر لكل الزملاء الذين ساهموا في إعداد ورقة الندوة، ووسائل الإعلام التي نامل ان تسهم بنقل الوقائع بدقة وحرفية للمواطن الأردني، ولنعبر جميعا عن أردن حضاري عربي قائد في المنطقة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تابعو الأردن 24 على google news