مالك عيسى.. طفل العيساوية الذي حرمه الاحتلال عينه
انضم المقدسي مالك عيسى إلى قائمة الضحايا الذين فقدوا إحدى أعينهم برصاص قوات الاحتلال في بلدة العيساوية شرقي القدس التي يستهدفها الاحتلال بشكل يومي بالاقتحام والتفتيش والاعتقال وإطلاق الرصاص الحي والمطاطي والقنابل الغازية والصوتية بشكل عشوائي.
لدى عودة مالك من مدرسته في حي وادي الجوز إلى بلدته العيساوية مع شقيقاته الثلاثقبل أسبوعقرر الدخول إلى البقالة لشراء الحلوى في الوقت الذي كانت تنتشر فيه قوات الاحتلال في البلدة لاعتقال شاب في المكان، وبمجرد خروج مالك أطلقعليهجنود الاحتلال رصاصة معدنية مغلفة بالمطاط فأصابت عينه اليسرى.
بعد رحلة علاجية تخللها أربع عمليات جراحية كانت آخرها عملية استئصال عينه اليسرى، واستمرت إحداها-كما يقول والدهوائل عيسى-لساعاتحاول خلالهاالطاقم الطبي السيطرة على النزيف وترميم التهتك الحاصل في منطقة الجبين.
أماني وابنهانور الدين مصطفىالذي فقد عينهفي جريمة إسرائيلية أخرى بالعيساوية قبل عامين ونصف العام(الجزيرة) |
وبعد ساعتين من العملية الأولى خضع الطفل مالك (تسع سنوات) لعملية أخرى حاول الأطباء خلالهاقطب جرح داخلي في العين لكنهم لم يتمكنوا من ذلك، وبعد أيام عاودوا المحاولة وتمكنوا من قطب جزء من الجرح فقط بسبب عمقه وكبر حجمه.
أما العملية الرابعة فكانت استئصال عينه اليسرى بعد التأكد منفقدانه البصر بها، وإخبارأهله بخطورة بقائها خوفا من إلحاق الضرر بالعين السليمة.
يقول وائل عيسى، "طلبت من الطاقم الطبي إبقاء عينه مكانها كي لا يتشوه وجهه لكنهم أكدوا لنا أن ذلك سيعرض عينه اليمنى للضرر الكبير"، مضيفا أن أفراد العائلة "لم يستوعبوا الصدمة بعدفمن أطلق الرصاصة على مالك أصابنا جميعا في مقتل".
ويؤكد الوالد ضرورة استجماع قواه ليرافق ابنه في رحلته العلاجية التي ستمتد لسنوات، وفي مستهلها سيتوجه إلى مدينة حيفا قريبا لتركيب عين زجاجية ستكون رفيقته مدى الحياة.
مجموعة من جنود الاحتلال خلال اقتحام بلدة العيساوية شرقي القدس(الجزيرة) |
اعتداءات
وحول تلك الحالة والحالات المشابهة، يقول عضو لجنة المتابعة في بلدة العيساوية محمد أبو الحمصللجزيرة نت، "إن الاحتلال يستهدف العيساوية بشكل يومي منذ عشرة أشهر، ويتعمد إصابة الأطفال في وجوههم بشكل مباشر أثناء اقتحام البلدة".
ويضيف أن شرطة وجنود الاحتلال يزعمون أن ما يقومون به "دفاع عن النفس لأن أهالي البلدة يشكلون خطرا على حياتهموأنالجنود يتدربون على إطلاق الرصاص المطاطي من بنادقهم في بلدة العيساوية، وهذا هو التفسير للإصابات المتكررة في العين التي وصلت إلى 15 إصابة حتى الآن".
أما أماني والدة الطفل نور الدين مصطفى الذي تعرض لاعتداء مشابه وفقد عينه اليسرى قبل عامين ونصفالعام، فتقول إن نجلها لا يتقبل حتى الآن موضوع إصابته لكنه مضطر للتعايش معها، واضطر للتوقف عن تعلم وممارسة رياضة الملاكمة لخطرها على عينه السليمة.
وتضيف أن ابنهايجتمع بشكل أسبوعي مع اختصاصي نفسي، ولم تتوقف مراجعاته مع أطباء العيون والأنف والأذن والحنجرة بسبب تضرر أنفه وفقدانه لحاسة الشم بشكل كبير.
الجريمة والعقاب
وينبه رئيس اللجنة العلمية لجمعية أطباء العيون في فلسطين علاء التلبيشي إلى أنالإصابات التي تؤدي إلى تهتك في عظام الجمجمة أو تأثر محجر العين،يمتد تأثيرها إلى أعصاب السمع أو الشموالعصب المسؤول عن تحريك عضلات الوجه والإحساس بها.
وأضاف التلبيشي أن محاذير الأطباء تزداد وتكون تعليماتهم أكثر صرامة عند فقدان المريضإحدى عينيه، "ولا ننصح بممارسةأي رياضة فيها أي نوع من العنف أو احتمالية الإصابة سواء كانت كرة قدم أو سلة أو الملاكمة وغيرها".
أما مدير عام الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال (فرع فلسطين) خالد قزمار، فقال إنهم يوثقون كافة حالات استهداف الأطفال في بلدة العيساوية،مشيرا إلى أن أعلى نسبة إصابة بالرصاص في العيون للأطفال تتركز بهذه البلدة.
وحول آليات التحرك المتاحة للحركة لملاحقة هذه الممارسات والسعي لمساءلة مرتكبيها، قال "لا نثق بالقضاء الإسرائيلي، ونوثق هذه الانتهاكات ثم نمررها إلى مكتب المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية، لأن هذه الممارسات تمس بشكل أساسي بحق الطفل في الحياة".