jo24_banner
jo24_banner

خفايا خطيرة في المسألة التركية!

حلمي الأسمر
جو 24 :

السؤال الكبير الذي يلح على ذهن من يراقب تسارع الأحداث في تركيا هو: ما سر لهجة التشدد الصارمة التي تضمنها خطاب أردوغان، في مواجهة الاحتجاجات، التي تجتاح بلاده منذ أسابيع؟ ولماذا لم يقدم الرجل أي «تنازلات» للمتظاهرين، وهو معروف بحنكته وذكائه السياسي المفرط؟! 

الجواب يبسطه إسماعيل ياشا وهو كاتب ومحلل سياسي تركي، مشهود له بحسن وصوله إلى المعلومات، ويكاد لا يغيب عن شاشات الفضائيات، العربية والأجنبية، بما يتمتع به من رؤية ثاقبة، وفهم عميق للذهنية التي تحكم الزعيم التركي، الذي يحظى بشعبية غير مسبوقة في تركيا، وكثير من البلاد العربية، رغم أن البعض يرى أنه يحاول إعادة مجد الإمبراطورية العثمانية!

انطلقت الأحداث كردة فعل على إصرار الحكومة على تنفيذ مشروع بناء قلعة عثمانية قديمة في مكان متنزه بمنطقة «تقسيم»، بعد أن تم الترويج على أنه مشروع بناء مركز تجاري، وتطورت بعد تدخل الشرطة لفض المتظاهرين باستخدام القوة المفرطة، وتحولت إلى اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن، هكذا يعيدنا إسماعيل ياشا إلى نقطة البداية، محاولا رسم صورة متكاملة للمشهد، هذه الأحداث جاءت في ظل أوضاع ساخنة في المنطقة، وبعد أن حققت حكومة أردوغان نجاحات كبيرة وجعلت تركيا من مدين لصندوق النقد الدولي إلى دائن له، وأطلقت مبادرة للمصالحة مع حزب العمال الكردستاني لتنهي الصراع الدموي الذي استنفد طاقات وقدرات تركيا أكثر من ثلاثة عقود.

ويكشف ياشا هنا بعضا من أخطر المعلومات، التي تفسر سر مظاهرات «تقسيم» حيث ينقل عن المدير العام السابق لاستخبارات الشرطة، التركية بولنت أوراكوغلو، قوله إن حزب العمال الكردستاني يملك حوالي 60 مليار دولار نقدا في الدول المختلفة معظمها في الدول الأوروبية التي تعاني من الأزمة الاقتصادية، علما بأن الحكومة تسعى حاليا لجلب تلك الأموال إلى تركيا، وإذا نجحت مساعي الحكومة التركية، فإن خروج تلك الأموال دفعة واحدة من بعض الدول الأوروبية سيزيد أزمتها الاقتصادية.

وما يعزز لدى المحللين وأنصار أردوغان القناعة بأن ما يجري لا علاقة له بالاحتقان الشعبي، قائمة المطالب التي قدَّمها ممثلو المتظاهرين إلى نائب رئيس الوزراء التركي، بولنت أرينتش، وهي تتضمن إلغاء عدة مشروعات تنموية ضخمة، كمشروع بناء الجسر الثالث لمضيق البوسفور ومشروع بناء المطار الثالث في إسطنبول ومشروع «قناة إسطنبول» ومشروع بناء المفاعل النووية للطاقة.

خارج النص / بقية

كما ينقل عن المدير العام لقناة 24 التركية الكاتب الصحفي، يغيت بولوت، أن ألمانيا هي التي تضغط لإلغاء مشروع بناء المطار الثالث في إسطنبول، لكيلا تخسر شركة الطيران الألمانية «لوفتهانزا» المنافسة أمام الخطوط الجوية التركية، وأن بريطانيا تمارس منذ أشهر ضغوطا على تركيا لإلغاء مشروع «قناة إسطنبول»، لأنها تعتبر فتح ممر مائي يصل بين البحر الأسود وبحر مرمرة خرقا لاتفاقية مونترو لتنظيم حرية الملاحة في مضيق البوسفور، ليس هذا فحسب، فعلى الصعيد المحلي، يكشف ياشا أن المحكمة في أنقرة قررت قبول النظر في قضية التدخل العسكري في 28 فبراير 1997 التي ستتم فيها محاكمة 103 من المتهمين بتهمة الانقلاب على الحكومة المنتخبة، والمتهم الأول في القضية رئيس الأركان التركي آنذاك الجنرال إسماعيل حقي كارادايي.

وكان عدد من كبار الضباط وبعض السياسيين قد اعتقلوا في قضية محاولة الانقلاب المعروفة بـ»قضية أرغينيكون»، إلا أن تفكيك شبكة «أرغينيكون» الإجرامية أو ما يسمى «الدولة العميقة»، اقتصر على العسكريين فقط، ويعتقد المراقبون أن الدور جاء الآن على أعضاء الشبكة من رجال الأعمال والإعلاميين، وأن موجة الاعتقالات ستطالهم في قضية تدخل 28 فبراير.

وبالتالي، يرى محللون أنه ليس من المصادفة أن يدعم بعض رجال الأعمال والإعلاميين المظاهرات الأخيرة لإسقاط الحكومة والقضية معا!

وهنا تحديدا يأتي الجواب عن تساؤلنا الأساس، «لماذا لا يبدي أردوغان مرونة أو تراجعا ؟»، ببساطة، كما يرى ياشا، أنه يعلم جيدا أنه لو تراجع خطوة فسيطالبونه بخطوات أخرى، ولأن التراجع سيشكل سابقة تُقحم في المعادلة السياسية عاملا جديدا على حساب نتائج الانتخابات وإرادة الشعب، ويجعل القرار رهنا بيد الأقلية.

كما يرى أن من يقفون وراء الأحداث لا علاقة لهم ولا لمطالبهم بالأشجار والبيئة ومشروع البناء في المتنزه. فلماذا، إذن، عليه التراجع؟

أخيرا..

وفي خضم هذه التطورات، يقول ياشا إن أنصار حزب العدالة والتنمية ومحبي أردوغان يشعرون بأنه مستهدف من فلول «الدولة العميقة» و»القوى الخارجية» التي لا تريد لتركيا خيرا، وهذا ما دفعهم إلى الالتفاف حول زعيمهم بقوة، لئلا يذهب ضحية للمؤامرة ويقولون لمن يستهدفهم: «لقد قمتم بإعدام عدنان مندريس وتسميم تورغوت أوزال، ولكننا لن نسمح لكم هذه المرة بأن تمسوا أردوغان بأي أذى».!!

الدستور

تابعو الأردن 24 على google news