عدوى الوعي المجتمعي لا عدوى كورونا
علاء الزيود
جو 24 :
لا أعتقد أنك هناك أجلى من صور الضحايا وتراكم المصابين في أسرة مستشفيات أوروبا ليلمس الوعي عقولنا.
ولا ما هو أعمق من رسائل وتسجيلات لأشخاص يحتضرون يحذرون من خطورة "الجائحة" ليتحرك فينا هاجس الخوف من قادمٍ إن لم نتدارك حالنا.
وليس هناك وجه مقارنة بين ما يقدمه الأردن، صغير المساحة محدود القدرات، للأردنيين من إدارة نوعية ومتكاملة للأزمة مقارنة بدول كان البعض يفخر أنه تلقى علاجا فيها، وأخرون يناشدون الدولة لإرسالهم للعلاج في الخارج.
اليوم يسطر الأردن، على مستوى الدولة بكامل أجهزتها، أنموذجاً استراتيجيا في إدارة الأزمات، سيكون ناجعا وناجحا ومنتجا لو تكاملنا وتجاوبنا وتفاعلنا معه كأردنيين بكل حرص.
لننقل اليوم عدوى الوعي الاجتماعي بيننا لا عدوى كورونا، لنمارس التوعية بسلوكنا لا أن نمارس الضرر، ليحكمنا الانضباط لا أن يحكمنا الجهل، ليديرنا التوجيه والإرشاد لا أن تديرنا عاداتنا.
في مثل هذه المحن والازمات يسود سلوك الجمع لا سلوك الاستثناء، ويسيطر الضابط لا الانفلات، ويحكمنا الوعي لا الأهواء، ويحركنا وازع الحرص لا الرغبة.
في الازمات، تتخلى الأمم عن عادات تصبح بائدة، وتترك خلفها سلوكيات ثبت ضررها، وتستغني عن قناعات ازلية نحو أخرى علمية محدثة.
في الازمات، تكون الحقيقة هي الثابت وتصبح الإشاعة حالة استثنائية نحاربها بالوعي، ويتوحد مصدر تلقي المعلومة، كما في الحرب، لا أن نندرج في حرب سرعة الظهور والنشر على مواقع وتطبيقات التناحر الاجتماعي.
في الازمات، نقبل بالقاسي من الإجراءات وننصاع للتوجيهات ونحترم القانون ونلتزم بالتعليمات، لأنها وضعت للضبط والحماية، ولم توضع لغير ذلك.
للأردنيين اليوم فخر بدولتهم، والتفاف حول أجهزتها، ومنحهم مساحة العمل والإنجاز.
حرب الأردنيين اليوم حرب وعي، وسلاحهم هو الوعي، وسفينة نجاتهم هي الوعي.
فلنكن "قدها" ونحن كذلك.