وباء & دواء
ابراهيم علي أبورمان
جو 24 : من الأردن بالتحديد والله ما وجدنا لهذا الوباء إلا دواء لنا ولأنفسنا ولحياتنا المعتادة ، لقد تم تفعيل قرار الدفاع الأول الذي يشمل حظر التجول للجميع بلا إستثناء وبدأ الهلع والخوف يخفق في قلوب المواطنين وبعد ساعات بدأ الإعتياد على نمط حياة جديدة للشعب الأردني بمواكبة الظروف المحيطة بنا، و ليس فقط نمط حياة إنما بالتفكير و السلوك والقيم والرجوع إلى ما كنا عليه منذ الصغر كالطفل الذي يملك القلب الأبيض و كأن هذا الوباء جاء دواء لكل إنسان، وجاء تطهيرا للنفوس من أي كراهية و حقد، وبداية من ناحية دينية بدأت إعادة الحساب تدور في ذهن الإنسان أن الرجوع إلى الله عز و جل لا مفر منه وأن كل شئ بيد الله سبحانه وتعالى وحده ولا سيما الرجوع إلى السيرة النبوية و زمن الخلافة الراشدة في عهد الصحابة رضوان الله عليهم عندما انتشر وباء الطاعون بذاك الزمان وتم تطبيق الحجر و العزل الصحي اتباعا لسنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأما سياسيا ف لقد شهدنا بالأيام السابقة زعزعة الثقة بين الشارع الأردني والحكومات المتواجدة في بلادنا، و الأن مع بداية الوباء عندما رأينا الثقة التي بدأت تعود بين شارعنا والحكومة والإقتناع التام بإتخاذ الحكومة أولوية مصلحة المواطن بالقرارات المتبعة لمجلس الوزراء، ولن ننكر تطبيق القانون على الجميع على الغني و الفقير وعلى المسؤول والبسيط و لا سيما الوقت الذي ينتظره المواطن لمشاهدة أي إيجاز صحفي لقرارات الحكومة وهذا يدل على الثقة التي بدأت تنجح وذلك بفضل الشخص المناسب بالمكان المناسب ولا سيما الحركة الإقتصادية و البنك المركزي و تخفيض ومراقبة الأسعار لتوفير المواد الأساسية للمواطن وهذا ما جعل الفئة الحاقدة وما هي إلا قليلة لإختباءها ولا نسمع لهم صدى صوت ولم يبقى لهم حجة أمام هذا النهج الصالح والذي نأمل منه أن يبقى مستمرا بالصراحة والشفافية، وأما إقتصاديا لن نقول أننا بوضع ممتاز ولن نقول أننا بوضع سئ ويسرنا أن نقول أننا بوضع مسيطر عليه الآن ونأمل ما هو أكبر من ذلك و الرضا مكتسب من حولنا، وأما عمليا و علميا صحيح أننا ملتزمين في منازلنا لكننا إذا خسرنا وقت للعمل بالمقابل إكتسبناها علميا بوقت الفراغ الكبير الذي أصبحنا نملأه بالدراسة والعلم وقراءة الكتب العلمية وسبل المعرفة التي أصبحنا نبحث عنها ومعرفة أن وقتنا بحاجة إلى إستغلال ذهني وعقلي، و أما إجتماعيا وهذا أجمل وأروع دواء حصلنا عليه فإذا كنا نقضي أوقات العمل بالخارج فالآن الوضع مختلف تماما رأيت الجار الذي لم أره من سنين ولم أتكلم معه من سنين وأيام و ما أعجبني بقيمة الجار أن بأيام حظر التجول الأولى قيام أحد الجيران بعجن الخبز في منزله والقيام بالتوزيع على جميع من في منطقتنا فلكل بيت نصيبه، وهنا بالفعل بدأت أستذكر أيام الصغر التي كنا نعيش بها على البساطة و الشعور بالسعادة الحياتية بالفعل، و حتى أصدقاء الطفولة الذي هم تابعين لمنطقتنا أصبحت ألتقي بهم كل يوم سواء بشراء المواد الأساسية أو بطريقي إلى منزلي، وأما عائليا وهنا شعرت أنني لم أرى عائلتي وأخالطها منذ زمن طويل وأصبحت أتفكر ما فائدة العمل اليومي والخروج من المنزل وترك أروع وأجمل جلسة عائلية وحتى مائدة الطعام الجماعية التي أصبحنا غافلين عنها منذ سنين، ألهذا إختلفت النفوس وأصبحنا نرى العجائب بالأخبار، أهذا زمن التطور الذي أخبرونا عنه، ما فائدة العمل لساعات طويلة وما فائدة المال بعد الآن بوباء ينتشر و أموالنا بالبنوك كما هي فوق بعضها، وما فائدة العمل ومصالحنا و مقاعدنا فارغة منذ أيام،ما فائدة نوع السيارة وما فائدة سنة تصنيعها فالحظر تم تطبيقه على الجميع وإعتدنا على المشي على الأقدام وهذا أجمل نمط رأيته بالفعل، فهذا النمط الذي يمر بحياتنا من جديد ماذا لو إعتدنا عليه بالفعل بتخصيص الوقت للعمل وللكتاب و للجار والعائلة، نسأل الله العفو و العافية لجميع الأمة وحفظ المملكة الأردنية الهاشمية ومن عليها تحت ظل الراية الهاشمية، والحياة تمر بين حلم و أمنية ولن يصيبنا إلا ما كتبه الله لنا.