كورونا.. قطاع تعليمي مرتبك بالوطن العربي والطلاب يبحثون عن مخرج
ألقى وباء كورونا بظلاله الثقيلة على مناحي حياتنا كافة، حتى طال دراسة طلبة الجامعات في العالم العربي، خصوصا الذين هم على وشك التخرج، فأربك حساباتهم بعد إغلاق جامعاتهم والدراسة عن بعد.
ولكن ماذا يفعل الطلاب في التخصصات العلمية التي تحتاج إلى مختبر وتجارب لمشروع التخرج، وكيف يتدبرون أمر الدراسة، وكيف يتوقعون أن تتأثر دراستهم بالأوضاع الجارية، وإلى متى؟
من هم على أبواب التخرج، كيف ستحتسب لهم الدرجات بالدراسة عن بعد، وكيف يؤدي طلبة التخصصات العلمية مشاريع التخرج عن بعد؟
حملت الجزيرة نت أسئلتها وطافت في خمس دول عربية، هي قطر، والأردن، ومصر، والعراق، والمغرب. واستطلعت قلق الطلبة وإجراءات الجامعات التي جاءت مرتبكة أحيانا.
قطر.. دعم وتعديل معايير
تنقسم الجامعات القطرية بين حكومية غير هادفة للربح وخاصة أجنبية، وهناك جامعات عالمية لديها فروع في قطر، ضمن مشروع المدينة التعليمية.
وبعد أسابيع على التحول المفاجئ للتدريس عن بعد، تجد الكليات العلمية في مختلف الجامعات والمؤسسات الأكاديمية في قطر نفسها أمام تحديات كبرى، ترتبط بإنهاء المقررات الدراسية، واعتماد آليات فعالة لتقييم الطلاب ومشاريع تخرجهم، التي ترتبط بشكل وثيق بأجواء المختبرات ومراكز البحوث.
وقال نائب رئيس جامعة قطر المساعد للحياة الطلابية عبد الله اليافعي، إن أحد أهم التحديات المثارة تتعلق بمشاريع تخرج طلاب بعض التخصصات العلمية، إلا أن إدارة الجامعة أصدرت توجيهات لهيئة التدريس بملاءمة ما تبقى من مقررات ومشاريع التخرج مع الظروف الحالية، وتعديل معايير تقييم مشاريع تخرج الطلاب، وتقديم الدعم من خلال الوسائل البديلة لذلك.
ساعات الانتظام
وقال اليافعي للجزيرة نت، إن إجراءات التقييم المستحدثة راعت جميع الكليات، بما يضمن المحافظة على حقوق الطلاب، والتقيد بالمعايير الأكاديمية للجامعة، وتحييد أي آثار سلبية قد تضر بمستقبل الطلاب، بما فيها ضمان حقوقهم الكاملة باحتساب ساعات الانتظام الدراسي، والتي تشترطها بعض الجهات بعد التخرج.
واعتمدت جامعة قطر معايير تقييم جديدة في كافة التخصصات، تنسجم مع الأزمة الراهنة، منها الإبقاء على سلم التقديرات النهائية المستخدم حاليا، وعدم تغيير الوضع الأكاديمي للطالب إلا في حال تحسين وضعه، والسماح بإعادة المقررات.
من المتوقع تخرج آلاف الطلبة الأردنيين من 10 جامعات حكومية و22 جامعة خاصة(الجزيرة) |
الأردن.. دراسة عن بعد
حسمت وزارة التعليم العالي الأردنية أزمة التعليم عن بعد في ظل أزمة كورونا، إذ أقر مجلس التعليم العالي خطة تعليمية للجامعات الأردنية تتضمن تفاصيل إجراء الامتحانات واستكمال الدراسة.
ووفق الناطق باسم وزارة التعليم مهند الخطيب، يتواصل التعليم عن بعد، بالتركيز على تطوير المحتوى الإلكتروني للمحاضرات وتدريب هيئة التدريس، وإدماج الامتحانات القصيرة والتمارين والتقارير والمناقشات التفاعلية بالمحتوى الإلكتروني والنظر بإمكانية تخصيص نسبة من العلامات النهائية لها، والبدء بوضع خطة وآليات لزيادة تفاعل الطلبة مع مدرسيهم.
ويتوقع تخرج آلاف الطلبة الأردنيين من عشر جامعات رسمية، و22 جامعة خاصة، إضافة لجامعتين أسستا بقانون خاص، هما الحسين التقنية، والعلوم الإسلامية العالمية.
مشاريع التخرج
لا يوجد حتى الآن رؤية بشأن إعداد الطلبة مشاريع تخرجهم للتخصصات العلمية، في أغلب الجامعات، أما التخصصات الأدبية فمن المتوقع تقديم المشاريع عن بُعد، فيما لم تتضح بعد آلية احتساب الدرجات العلمية للطلبة خلال الفترة الحالية.
وطالبت الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة "ذبحتونا" وزير التعليم العالي محيي الدين توق بالعمل على متابعة تطبيق قرار مجلس التعليم العالي الصادر بتاريخ 23/3/2020 والذي ينص على "إلغاء جميع الامتحانات المقرر عقدها في الجامعات خلال فترة حظر التجول بما فيها امتحانات منتصف الفصل، ويترك للجامعات اختيار أنسب طريقة لتقييم الطلبة بعد استئناف الدراسة بشكل كامل".
ويقول رئيس الحملة فاخر دعاس للجزيرة نت، إن عددا من الجامعات تقوم بالالتفاف على قرار مجلس التعليم العالي، من خلال اعتماد عمل اختبارات قصيرة، ومن ثم احتساب علامتها كعلامة للامتحان الأول من الفصل، أو امتحان منتصف الفصل.
مصر.. بانتظار قرارات
لم تتخذ وزارة التعليم العالي في مصر قرارا نهائياحتى الآن بشأن امتحانات طلبة الجامعات في موعدها أو مشاريع التخرج لطلبة السنة النهائية، في ظل تعليق الدراسة بالجامعات واتخاذ عدد من التدابير الاحترازية لمواجهة وباء كورونا.
يقول علي -وهو طالب بالسنة السادسة بكلية الطب- للجزيرة نت، إن الامتحانات العملية بالكلية يجب أن تكون على المرضى، والآن لا يوجد تعامل مباشر معهم، وندرس فقط المنهج النظري اعتمادا على محاضرات المنصة الإلكترونية وما لدينا من مذكرات وكتب، وننتظر قرارات التعليم العالي.
بدوره، يقول لؤي -الطالب بالسنة النهائية لكلية الهندسة- إن مشروع التخرج يجب تقديمه في يوليو/تموز، وحتى الآن لم نبدأ بتنفيذ أي فكرة، وكل شيء معلق، ولا توجد اجتماعات بين الطلبة لمناقشة الأفكار، لكننا نتحدث عبر تطبيقات الإنترنت بانتظار أي جديد، ونشاهد المحاضرات النظرية على موقع الجامعة.
تأجيل محتمل
وفي لقاء تلفزيوني يوم الاثنين 30 مارس/آذار قال الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي إن الوزارة اتخذت إجراءات استباقية قبل قرار تعليق الدراسة، لافتا إلى أنه تم رفع حوالي 80% من المناهج على مواقع الجامعات، وتفاعل 75% من الطلاب معها.
ونوه الوزير إلى أنه وفقا لقرار مجلس الوزراء بتعليق الدراسة، اتخذت الوزارة قرارا بإلغاء امتحانات منتصف الفصل الدراسي، وضم درجاتها للامتحان النهائي، مؤكدا أنها لن تعقد قبل يوم 30 مايو/أيار.
وأشار إلى احتمال تأجيل الدراسة والامتحانات إلى شهر سبتمبر/أيلول المقبل، مؤكدًا حرص الوزارة على إكمال العام الدراسي، وعدم ضياع المناهج والتدريبات العملية على طلاب الجامعات.
المغرب.. ارتباك وانتظار
يضم التعليم العالي الجامعي في المغرب 12 جامعة بها 126 مؤسسة، ويصل عدد الطلبة الجامعيين خلال هذا الموسم 913 ألفا و713، لكن حالة من الارتباك تخيّم على الجامعات في ظل الإجراءات المتخذة لمواجهة وباء كورونا.
وكان وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي سعيد أمزازي،نفى وبشكل قاطع سيناريو "السنة البيضاء"، وأكد تأجيل العطلة التي كانت مقررة ابتداء من 29 مارس/آذار لضمان استمرارية التعليم عن بعد، مع الاحتفاظ بتواريخ الامتحانات ودراسة سيناريوهات لإعادة جدولة الامتحانات المحتملة إذا استمرت الأزمة.
واضطر طلاب التخصصات العليمة إلى تغيير ترتيب أولويات البحوث ومشروعات التخرج، بالتركيز على الشق النظري البحثي، وتأجيل التطبيق العملي لما بعد انتهاء الحجر.
وتقول سكينة الرحموني -الطالبة بالمعهد العالي للسينما في سنة التخرج- للجزيرة نت، "في غياب الجانب التطبيقي نعيش ارتباكا ولا نعرف هل سنناقش بحوثنا أو لا؟!".
استخدام التقنيات
ويوضح الأكاديمي محمد الغزالي للجزيرة نت أن متابعة إنجاز بحوث التخرج تتم اعتمادا على وسائل التواصل الرقمي، وبالنسبة للبحوث الميدانية فيتم اعتماد الهاتف ووسائل التواصل، فيما يتم تحوير البحوث التي تتطلب نزولا للشارع لتلائم ظرفية التباعد الاجتماعي.
وفيما يخص الدرجات العلمية تستخدم تقنيات تقييم الطلبة كالامتحانات القصيرة المحددة بوقت، والمقابلات الشفهية عن بعد، والاختبارات الإلكترونية.
ثمة أزمة تتعلق بالطلبة الذين تعتمد مشاريع تخرجهم على التجارب المختبرية- جامعة بغداد(الجزيرة) |
العراق.. مشاكل التعليم الإلكتروني
اضطرت وزارة التعليم العالي العراقية، لاعتماد منصة التعليم الإلكتروني لإكمال ما يمكنمن المنهاج الدراسي كإجراء مؤقت.
ولكن ثمة أزمة تتعلق بالطلبة الذين تعتمد مشاريع تخرجهم على التجارب المختبرية، خاصة أن مؤسسات التعليم العراقية تفتقر للبنية التحتية التكنولوجية، مما يجعل التعليم الإلكتروني عديم الفائدة، وفق حديث الخبير التكنولوجي أوس ناجي للجزيرة نت.
وبسببتعطيل الجامعاتبعد مظاهرات شهدتهاعشر محافظات عراقية، وإضراب الطلبة عن الدوام والتحاقهم بالتظاهرات للمطالبة بإصلاحات في البلاد، أصبح العام الدراسي على المحك.
وقالت الطالبة في جامعة بغداد زهراء غني، "كثيرمنالطلبةلم ينضموالبرنامج-كلاسرووم–عبر الإنترنت،بسبب عدممعرفتهمبكيفيةاستخدامه".
وتضيف للجزيرة نت "بعضهم، لايمتلكونأجهزة ذكية، ولا يمتلكون خدمة إنترنت بمنازلهم. كما أن طلبة الأقسام العلمية يحتاجون لمحاضرات داخلمختبراتلإجراءتجاربعملية، وهو ما لا يمكن أن يوفرهالتعليم الإلكتروني لهم".
ليست عقدة
لكن أستاذ الإعلام في جامعة بغداد الدكتور علاء مصطفى، يرى أن بحوث ومشاريع التخرج ليستا عقدة، مشيرا إلى إمكانيةالاستعاضةعنهمابتقاريرعلمية،يتولى الأستاذ إرشادطلبةالتخرجعبرالتطبيقات الإلكترونية.
ويقول للجزيرة نت "العراقلن يعجزعنإيجادالحلول، والتعليمالإلكتروني -وإنلميحققماتقدمه المحاضرةالمباشرةوالمختبرية- إلاأنهيقدم50% منها، وعلى الوزارةالتحلي بالمرونةلإدارةالأزمة،وإشراكالأساتذة بصناعةالقراركونهمالأقربللواقعمنالطواقمالإدارية".
بدوره، قال المتحدث باسم وزارة التعليم العاليوالبحث العلمي عدنان العربي للجزيرة نت، إن "الكورس الأول سينتهي في 24 أبريل/نيسان الجاري، وسيقوم أستاذ المادة بتقييم الطلبة الذين التزموا بالتعليم الإلكتروني ومنحهم الدرجات التي يستحقونها".
وتابع "هناك متسع للبدء بالكورس الثاني، ومشاريع التخرج ستقدم في نهاية السنة الدراسية"، مؤكدا أن "الامتحاناتالنهائية لهذا العامالدراسي، لن تجرىما لم تعد الحياة لطبيعتها".