فيروس كورونا: هل نشهد "مشروع مارشال عربيا" في مواجهة الوباء؟
ناقشت صحف ومواقع عربية التبعات الاقتصادية لأزمة وباء كورونا والدروس المستفادة منها.
واكتفى البعض برسم صورة للأوضاع الاقتصادية في بلادهم في ظل الأزمة، فيما حاول آخرون استخلاص الدروس المستفادة اقتصاديا من انتشار الوباء.
كما طرح آخرون ما يرونه حلولا للأزمات المالية التي تسبب فيها انتشار الوباء.
"توطين التنمية"
في جريدة "الرأي" الأردنية، يرصد محمد الدويري التداعيات الاقتصادية للأزمة داخل المملكة، ويقول: "الخسائر المباشرة المقدرّة بأقل من مليار دولار بقليل تشمل فقط فترة توقف الأعمال والحظر خلال شهر بمعنى أن الرقم سيتضاعف إذا ما ظل الأمر على ما هو عليه لشهر آخر".
ويخلص الكاتب إلى أن "الحكومة الآن أمام معضلة حقيقية ما بين الإنفاق الضروري والمتزايد لكبح جماح انتشار المرض المستجد وصرف رواتب ومستحقات موظفي الدولة من جهة أخرى مما يجعل الحكومة أمام سبيل وحيد وهو الاقتراض وتأخير مستحقات خارجية ومحلية لتصريف الأمور".
فيروس كورونا: التداعيات الاقتصادية ستكون "أسوأ من أزمة الكساد الكبير"
من جهته، يقول عماد الدين حسين في صحيفة "البيان" الإماراتية إن "تجربة كورونا القاسية تجبرنا ليس فقط على ضرورة الاعتماد على إنتاجنا الوطني والقومي، بل على البحث في فكرة توطين التنمية بقدر ما نستطيع".
ويتابع الكاتب: "من المنطقي أنه يصعب على أي دولة أن تعتمد على نفسها في (كل) شيء، لكن تجربة كورونا قاسية وصعبة وتقول لنا إنه يفترض أن تسعى كل دولة لضمان إنتاج السلع والبضائع والحاجات الأساسية، حتى لا تجد نفسها تحت رحمة دول أخرى أو ظروف غير طبيعية مثل كورونا، أو كوارث طبيعية مثل الزلازل والبراكين وما قد ينتج عن التغيرات المناخية المتلاحقة".
ويتفق أكرم القصاص في صحيفة "اليوم السابع" المصرية مع هذا الرأي، قائلا: "أمام واقع يفرض نفسه، ربما يكون القطاع الخاص هو الآخر مدعوا لانتهاز الفرصة، والاندماج فى تصنيع وإنتاج مواد وأدوات عليها طلب، فضلاً عن توفير الخامات الخاصة بها، خاصة أن فيروس كورونا، كشف لأول مرة عن وجود احتمالات الإغلاق التام للحدود لفترات قد تمتد لشهور، وهنا فإن الدول التى يمكنها توفير حاجاتها تكون أكثر قدرة على البقاء من مجتمعات تعيش على الاستيراد".
"الأسوأ قادم"
ومن جهته، يتوقع فخري هاشم السيد رجب في صحيفة "القبس" الكويتية اتساع نطاق الحروب الاقتصادية في العالم.
ويقول الكاتب: "رغم أن الخطر على البشر ما زال مزدهرا، إلا أن الإجماع محقّق على أنه سينتهي خلال فترة ليست بالطويلة، غير أن الأسوأ قادم؛ نعم فالحرب الاقتصادية ستطال أوروبا، والصين، وروسيا، وإيران .. وباقي الدول تُرى، ما موقعها في المعادلة الجديدة؟".
فيروس كورونا: خسائر تاريخية في أسواق الأسهم العالمية مع انتشار الوباء
صحيفة "الشرق" القطرية ترى أن التعاون الدولي هو المخرج الفعّال من الأزمة.
وتقول الجريدة في افتتاحيتها: "بعد هذه الملايين من الإصابات عالميا، فإن فيروس كورونا بمثابة العدو المشترك للبشرية كلها، فلم تستطع الحدود أن توقفه، ومن هذا المنطلق فإن التكاتف العالمي الآن لا بديل عنه".
مارشال عربي؟
ويميل إميل أمين في صحيفة "الاتحاد" الإماراتية إلى فكرة التعاون لتخطي التبعات الاقتصادية لوباء كورونا.
ويذكّر القارىء بالتجربة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية حين أعلن وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، جورج مارشال "عن مشروع اقتصادي لإعادة تعمير أوروبا بعد انتهاء الحرب. كان المشروع الأمريكي في حقيقة الأمر طوق نجاة للأوروبيين".
ويقترح الكاتب مشروع مارشال عربي، قائلاً: "فالنجاة في هذه الآونة لا يمكن أن تكون فردية، فإمّا الجميع يصل بر الأمان معاً، أو يغرق قارب البشرية بمن عليه. يعنّ لنا في هذا الإطار التساؤل: ألا يمكن أن تُعدّ لحظة كورونا وآلامها نقطة انطلاق لمشروع مارشال عربي-عربي موحد؟".
ويضيف إميل: "أثبتت التجربة الأخيرة للفيروس القاتل أن المنفعة المتبادلة هي التي تحدد علاقات الأمم والشعوب، والعالم العربي بغناه المالي والإنساني، قادر على أن ينهض عبر خطة تحفز الهمم، وتدفع في إطار التنمية والعمران وتبادل الخيرات وبناء منظومة اقتصادية مغايرة. اللحظة تاريخية، وقيام تكتل عربي اقتصادي أمر ممكن، بل محبوب ومرغوب، هل توجد إرادة لمارشال عربي في هذه الأوقات؟".
وفي صحيفة "القدس" الفلسطينية، يرسم جمال الكشكي صورة قاتمة للأوضاع القائمة، مشيرا إلى أنه لا مفر من التعاون الدولي لتجاوزها.
ويقول الكشكي: "الفكرة السياسية في أوروبا تتحطم على صخرة هذا الوباء. التضامن الأوروبي غير موجود. الرأسمالية في انتظار شهادة وفاتها. فواتير الديمقراطية أضحت خسائر بشرية بالغة. جيوش العالم باتت هي الملاذ الآمن في وقت الشدائد، وإن الفوضى التي يمر بها العالم ستكون نتائجها باهظة. نعم تم عزل العالم. البحث العلمي امتحان رسب فيه مفكرو ومنظرو السياسة. الليبرالية أثقلت كاهل الأطقم الصحية في أوروبا. الارتباك هو سيد الموقف. مناعة العالم أثبتت ضعفها الكامل. إعادة النظر في ترتيب الأولويات، صارت قرارات حتمية".
ويضيف: "انهيار البورصات وأسواق النفط سيتبعه تداعيات على الدول والشعوب. العالم في حاجة ماسة إلى حكماء في مختلف المجالات، لا أحد يستطيع أن يغرد بمفرده. ما يحدث أشبه بحرب جرثومية تفوق الحربين العالميتين الأولى والثانية، فالعدو الجرثومي هنا غير محدد المعالم، لا تعرف في أي الجبهات يمكن أن تقف لمواجهته. ولا سيما أن انتشاره في العالم لا يعرف حدودًا، ولم ترهبه أنظمة، ولم يفرق بين أغنياء وفقراء.