كورونا وأثرها على الصحة النفسية
الدكتور عبدالرحمن المعاني
جو 24 :
انشغل العالم بالاثار الصحيه والاقتصادية لجائحه كورونا ولكن يجب أن لا نغفل عن الأثر عل الصحه النفسيه وخصوصا على الاسره والعائله وذلك خلال مكوثها في المنزل او الحجر الصحي في المنزل والذي من المفترض أن يكون هو المكان الأكثر امنا.
إن الحجر الصحي المفروض على الناس بسبب جائحة فيروس كورونا ليس أمراً سهلاً ولا موضوعاً يستهان به، إذ أنه إجراء استثنائي وغير مسبوق يقيد الحريات الفردية. وهذا الوضع يتسبب بمشاكل نفسية للعديد من الأشخاص خاصة بالنسبة للذين يفشلون في التعاطي بشكل إيجابي مع هذا الظرف.
ومن أبرز التأثيرات النفسية التي ممكن أن يتعرض لها الأشخاص خلال الحجر (القلق والتوتر والانفعال)، وإن الذين هم في وضعية نفسية هشة معرضون أكثر من غيرهم للإصابة بهذه المشاكل النفسيه.
عموماً إن المكوث في المنزل هي تجربة غير مرضية بالنسبة لمن يخضعون لها ويعتبر أن العزل عن الاهل والاحباب، فقدان الحرية الارتياب من تطورات المرض، والملل، كلها عوامل يمكنها أن تسبب في حالات نفسية مختلفة.
إن العامل الاجتماعي مهم ويمكن أن يؤثر بقوة في نفسية الأشخاص الموجودين في المنزل، ولا ننسى الأشخاص الذين يفقدون وظائفهم في مثل هذه الظروف قد يتعرضون لمشاكل نفسية.
تدبير وقت المكوث في المنزل
أما بخصوص طريقة تدبير وقت المكوث في المنزل خلال الحظر فلها أهمية كبرى في تجنب الوقوع في مشاكل نفسية أو أسريه وممكن الاستفادة من هذا الوقت أي وقت المكوث في المنزل خلال الحظر بطريقة ايجابية ، إذا تمكنا من استغلاليه في أمور تعود على الأسرة وعلى الشخص بالنفع.
والأمر مرتبط باجتهاد رب الأسره في إيجاد أنشطة يمكن أن تشغل جزءاً مهماً من الوقت الطويل خلال الحظر والمكوث في المنزل حيث من المفروض من رب الأسرة أن تكون له رؤية استباقية لما يمكن أن تؤول اليه الأمور في حال استمرار في الحظر والمكوث في المنزل، دون منهجية وافية من الوقوع في مخاطر نفسية واجتماعية، كما أن التعرض بشكل مستمر للأخبار لا يساعد الصحة النفسية لدى الأشخاص الموجودين في المنزل خلال الحظر ومنع التجول ويجب أن يتم استماع ومشاهدة الاخبار في مناسبة واحده خلال اليوم من وسائل إعلامية رسمية والابتعاد عن جميع الاخبار التي يكون مصدرها أفراد أو جهات غير معروفة، والابتعاد عن الأخبار الزائفة ووسائل الإعلام التي يمكن أن تغذي القلق.
والقضاء وقت مفيد وايجابي في المنزل خلال منع التجول وبشكل يومي في أجواء هادئة ونافعه من الضروري وضع جدول زمني محدد يتضمن كل ما يجب القيام به خلال اليوم مع تحديد ساعات دعم للأطفال في تلقي دروسهم وانجاز تمارينهم وكما يمكن الإستفادة من الوقت من خلال مشاركة الأسرة انشطة ترفيهية دون أن ننسى أهمية الرياضة في مثل هذه الأوقات.
ومن الضروري التنويه إلى عدم الانغماس في أساليب عيش غير صحية أثناء المكوث في المنزل حيث يكتفى بالأكل والنوم وهذه الشريحة ستكون أكبر المتضررين أيضاً أثناء الانتهاء من هذه الظروف لأنهم سيفقدون الإيقاع الاعتيادي للحياة اليومية ويصعب عليهم التأقلم مجدداً معها، كما اود التذكير بعدم الإفراط في التدخين او التوقف عنه نهائياً، كما يمكن خلال مكوثنا في المنزل بتبني أسلوب حياة صحي وهي فرصة للنوم بشكل جيد وتناول الطعام الصحي وممارسة الرياضة قدر الإمكان وتجنب العادات غير الصحية.
دور الجهات الحكومية خلال هذه المرحلة
للخروج من هذه المرحلة في أقل اضرار نفسيه يوجد حاجة ماسة لأهمية المعلومة وهي أساسية، فالتواصل في انتظام عبر توفير الحقيقة خلال منع التجول والمكوث في المنزل وشرح ما يحدث يجعل من السهل قضاء هذه الفترة الصعبة والاستثنائية، وكما يطلب من الجهات الصحية أن يبينو على أن المكوث في المنزل يساعد على الحفاظ على سلامة الشخص وسلامة الآخرين والعائلة ولا سيما الأكثر ضعفا مثل صغار او كبار السن او الذين يعانون من أمراض مزمنة.
وعلى الجهات الحكومية الرسمية أن تشعر بالامتنان بمواطنيها لأنهم انسجموا مع دعوتها للمكوث في المنزل من أجل الصحة العامة وهذا يشجع الناس على البقاء في بيوتهم بنوع من الارتياح، وكما ان طمئنة المواطنين له دوره في الحفاظ على سلامتهم النفسية، وممكن خلق خط هاتفي مخصص للإستفسارات الأشخاص الموجودين في البيوت يساعدهم على معرفة ما يحب القيام به في حال ظهور أعراض المرض وهذه الخدمة ستريح الناس على أنهم سيتم معالجتهم إذا مرضو ولا يتم اهمالهم وكذلك تقديم مزيدا من المساعدات الصحيه المسانده كالاستشارات النفسيه والدعم والإرشاد النفسي، كما لا نغفل دور المؤسسات الدينيه وتعظيم دورها في حل المشاكل الاسريه والحث على اعلاء قيم التكافل والاجتماعي، ان الصحه النفسيه الاسريه تعتبر قلعه حصينه في معركه مكافحه جائحه كورونا.
ونحن في الأردن ولله الحمد يوجد توافق وانسجام ما بين الجهات الرسمية والمواطن في محاولة التقليل من آثار فيروس كورونا وذلك بالالتزام في المكوث في المنزل خلال منع التجول وتطبيق شروط السلامة العامة داخل المنزل وتطبيق الإرشادات الصحية والوقائية الصادرة عن الجهات الرسمية أو عند الخروج لقضاء احتياجات المنزل وهذا ان دل عن شيء يدل على حرص الدولة على صحة وسلامة المواطن.
حمى الله الاردن من كل شر تحت ظل الراية الهاشمية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم حفظه الله ورعاه.
والله من وراء قصد.
الدكتور عبدالرحمن المعاني
دكتوراة في الإدارة الصحية
طبيب مجتمع وصحه عامة ووبائيات