jo24_banner
jo24_banner

فيروس كورونا: أكثر أربع دول تعرف بالكرم وحسن الضيافة

فيروس كورونا: أكثر أربع دول تعرف بالكرم وحسن الضيافة
جو 24 :

خلال انتشار فيروس كورونا، شهد العالم ظهور نماذج واضحة للتآذر، منها غناء الإيطاليين معا من شرف منازلهم، وتصفيق الناس تعبيرا عن الامتنان للعاملين في المجال الطبي والذين يعملون في الخطوط الأمامية لمواجهة هذا الفيروس. وتجعلنا تلك النماذج نشعر بأننا أكبر من هذه الأزمة وأننا نستطيع معا التغلب على مخاوفنا.

ولذا تحتفي بي بي سي ببقاع حول العالم لديها إرث طويل من السخاء ومساعدة الآخرين، وهي التقاليد التي تبرز الخير في أنحاء عالمنا، وتحفزنا على فعل المزيد في حياتنا ومستقبلنا.

"فيلوكسنيا"، اليونان

في اليونان عادة ما يُستقبل الضيوف بحفاوة، وسرعان ما تتحول دعوة على العشاء البسيط إلى مأدبة كاملة لا يفرغ فيها كأس النبيذ المقدم للضيف، بل يواصل المضيف صب المزيد. وبينما تتسم كثير من الثقافات اليوم بذلك، إلا أن المتفق عليه على نطاق واسع هو أن مهد الحضارة الغربية هو بلاد الإغريق التي ابتدعت هذا التقليد.

فرقة موسيقيةمصدر الصورةSARAH REID
Image captionالكرم أصيل في الثقافة الفارسية، ومن مظاهره أن يترك العازفون في الشوارع المحتاجين من المارة يأخذون مما يكسبونه

وفي بلاد الإغريق قديما اعتبرت ضيافة الغرباء نوعا من إرضاء الآلهة، خاصة "زيوس إكسنيوس"، إله الغرباء والأجانب، فقد كان على المضيف أن يستقبل الطارق إن جاءه منهكا مقدما له الطعام والمأوى قبل توجيه أي سؤال، حتى وإن كان غريبا عليه تماما.

وبالمقابل، يتعين على الضيف أن يظهر الاحترام لمضيفه وألا يمكث إلا قدر الحاجة. ولو لم يحترم الضيف أو المضيف واجب الضيافة ففي ذلك إساءة تجلب غضب "زيوس إكسنيوس".

وإضافة إلى حسن استقبال الضيوف اليوم يظهر هذا التقليد في اليونان في بعض اللفتات كالتبسم للأغراب أو مرافقة السائل إلى وجهته بدلا من الاكتفاء بتوجيهه.

"تعارف"، إيران

عادة لا تبدأ بشائر الثلوج في مدينة مشهد الواقعة بين الجبال شمال شرقي إيران إلا في يناير/كانون الثاني، لكن بدءا من ديسمبر/كانون الأول يشعر الناس بشدة البرد في ثاني كبرى المدن الإيرانية. ويعتقد أن أحد السكان المحليين أخذ على عاتقه في ديسمبر 2015 مساعدة المشردين الكثيرين في المدينة عن طريق رسم جدار بألوان زاهية ووضع شماعات يمكن تعليق ملابس عليها، وكتب إلى جوارها عبارة: "اترك ما لا يلزمك، وخذ ما تحتاج!"

فتاةمصدر الصورةGETTY IMAGES
Image captionبدأ أول "جدار للكرم" في مدينة مشهد بشمال شرقي إيران عام 2015 وسرعان ما انتشر في البلاد

وتبرع السكان بملابس شتوية لا تلزمهم، وسرعان ما انتشر الأمر على وسائل التواصل الاجتماعي، وانتشرت الجدران التي أصبحت تعرف بـ"جدران الكرم" بأنحاء إيران وخارجها، واتخذت الظاهرة أشكالا شتى.

وبدأت المخابر في وضع سلال خبز خارجها يأخذ منها المحتاج. وكتب العازفون الذين يُلقي لهم المارة النقود في الشوارع، لافتات تدعو المحتاج لأخذ ما يحتاجه من نقودهم. وأخذت محال الوجبات السريعة في طهران تطبق نظاما يمكن الزبائن من دفع ثمن وجبة لشخص غير قادر، ما يشبه تقليدا إيطاليا يدفع فيه الإيطاليون ثمن القهوة لغير القادرين، وهو تقليد تم إحياؤه في نابولي قبل عقد من الزمن.

ورغم حرص الثقافة الإسلامية عموما على أهمية الصدقة، فإن تقليد "جدران الكرم" هذا يُستمد من الثقافة الفارسية التي تحتفي بأعمال الشعراء القدامى، مثل ابن الرومي، والتي أكدت على أهمية اللطف والكرم. وتظهر روح السخاء في أصول اللياقة الفارسية المعروفة باسم "تعارف"، والتي يعد الأدب فيها من دواعي الشرف في المعاملات الاجتماعية. ورغم الصعوبات التي تواجه إيران حاليا بسبب تفشي وباء كورونا، مازالت أصول الكرم تجاه الغرباء مستمرة.

جنوب أفريقيامصدر الصورةGETTY IMAGES
Image captionآمن نيلسون مانديلا بالمعنى الروحي للأوبونتو مكرسا حياته للكفاح من أجل حرية جميع الأفارقة الجنوبيين

"أوبونتو"، جنوب أفريقيا

تستخدم كلمة "أوبونتو" في مجموعة لغات نغوني التي يتحدث بها بعض أوائل الشعوب التي سكنت أفريقيا. لكن الكلمة لم تظهر مكتوبة إلا بمنتصف القرن التاسع عشر، قبل أن تبرز خلال انتقال جنوب أفريقيا من نظام الفصل العنصري إلى ديمقراطية تشمل كافة الأعراق.

وهناك مثل شعبي يعبر عن مفهوم الأوبونتو يقول "الناس بالناس"، بمعنى أن الشخص لا يكون شخصا إلا بين آخرين. وكتب نيلسون مانديلا ذات مرة قائلا إن الأوبونتو هو "ذاك الإحساس العميق بأن إنسانيتنا لا تتحقق إلا بإنسانية الآخرين، وأن غاية ما ننجزه من أمور في الدنيا يعود ولو جزئيا لما أنجزه غيرنا".

ضيافة في اليابانمصدر الصورةGETTY IMAGES
Image captionتظهر الضيافة اليابانية وبذل الذات في طقوس تقديم الشاي المتأصلة لقرون في اليابان

وقد أكد الأسقف الجنوب أفريقي ديزموند توتو على مفهوم الأوبونتو خلال قيادته للجنة الحقيقة والمصالحة في البلاد في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، استلهاما للفكر المسيحي الداعي للغفران والمصالحة والتعايش السلمي. وفي تصريح يحمل صدى خاصا الآن ونحن في عام 2020، قال توتو يوما إن "الأوبونتو يؤكد حقيقة أنه لا سبيل لأن يعيش المرء بمعزل عن غيره، بل يؤكد على تواصلنا، إذ لا سبيل لأن يكون المرء إنسانا بمعزل عن العالم. ومن يتسم بهذه السمة، بالأوبونتو، يعرف برحابة صدره".

"أوموتيناشي"، اليابان

كثيرا ما توصف اليابان بأنها أكثر دولة مهذبة في العالم. وينبع إرث الضيافة وبذل الذات في اليابان من تقليد يعرف بـ"الأوموتيناشي"، الذي يعني "روح الخدمة"، وهو ركيزة من ركائز الثقافة اليابانية ويتجسد في طقوس الشاي اليابانية التي تعود لقرون والمعروفة باسم السادو. وخلال طقوس السادو، يحرص المضيف على تقديم أعلى درجات العناية بالضيف دون أن يتوقع شيئا بالمقابل. وبدوره يعي الضيف جهد مضيفه ويتجاوب بإجلال جم، ما يخلق جوا من الوئام والاحترام بينهما.

وبات الأوموتيناشي يجسد أسلوب حياة في اليابان، فالعاملون بالمحال والمطاعم يحيون الزبائن بترحاب خاص أثناء دخولهم، والقائمون على تنظيف القطارات اليابانية ينحنون للركاب وهم يستقلون القطار، فيما يفتح سائق الأجرة الباب تلقائيا لراكبه.، أما الغرباء فيحظون بمستوى أرفع من الأدب والأجانب يُحتفى بهم بشكل خاص.

وهناك أيضا تقليد يعرف باسم الـ "سنبتسو"، ويتمثل في إهداء هدايا للمسافر أثناء توجهه لعطلة، وللعامل حين يترك وظيفته. ويعود التقليد لعهد بعيد حين كان يتم توديع المسافرين بالهدايا لتعينهم على تحمل مشقة الرحلة.


بي بي سي

 
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير