في بلاغة الجيش
نزار قبيلات
جو 24 :
خرج الجيش من ثكنته إلى حضنه، من قلبه إلى قلبه، أطل الجُند وتسمّروا في الجنبات مشرئبين تطوّقهم بنادقهم وياقاتهم الشتويّة، فقد راح نزولهم يبعث الطمأنينة في صدور الأمهات ويشعل نار الاعتزاز في قلوب الأردنيات بهذا الجيش الذي سمعوا عن بطولاته لكنهن لم يشاهدنه منذ إلغاء خِدمة العلم ومنذ رحيل الكتائب عن ناعور وديرعلا إلى صحراء الجفور البعيدة، لم يشاهدن جنديا في بزّة التأهب وقوام الرجولة منذ ذاك الحين، فها هو الجندي الأسمر يلوّح من برج مدرعته الخفيض لكل الشرفات والنوافذ التي أطلت تحييه وتقبّله.
نزل الجيش ليسود القانون وتتساوى الأقدام والحقوق ويعمّ الكرم الأردني المشهود، ومع أول فجر يُقبَضُ على أول رؤوس الأفاعي تجار التصاريح والحروب مدّعي المدنية والحقوق غير المكتملة، أصحاب مشروع التحرير الكرتوني عن قضية تعرف باقتدار شرفاءها كما تعرف أسماء الشهداء والشعراء.
نزل الجيش الذي كان أول أشكال المؤسسية الأردنية، المؤسسة التي تعرف الأردن شبراً شبراً؛ فمن الموقر وقريقلة إلى سما الروسان وطريبيل، فالأردن ليس فقط برجوازي القضية ومخلّفات المنظّمات، إنه الجيش... الشعار و دورة الصاعقة والخنادق التي تساوي فيها "ذبة" على السيجارة طبقا في مطاعم البيتزا الايطالية و الباييلا الإسبانية.
نزل الجيش ليصافح الاطفال وقد نثروا أمامه الورود والابتسامات، فالتقى العلم على أكتاف الجند مع العلم في قبضة الأطفال الطرية، فطوبى لكم نشامى يعشقون الورد والأرض و الريح، ويعشقون الأردن أكثر وأكثر.