القضاء الواقف و أزمة كورونا
معاذ المومني
جو 24 :
في الوقت الذي لا تزال فيه جائحه فايروس كورونا تُلقي بِظلالها على مفاصل الحياة بُمختلف مستوياتها و تأثيراتها الآنية واللاحقة على كافة الصعد السياسية و الأقتصادية وحتى الأجتماعية منها وامتلاء الفضاء العام بطرق التصدي للفيروس و اهمية التضامن ونشر الوعي , الا انه لم نلحظ الاهتمام المطلوب وطرح اسئلة الحاضر و المستقبل حول تبعات وآثار هذا الفيروس على مهنة انسانية تعد ركيزة اساسية لمنظومة العدالة في هذا العالم , الا وهي مهنة المُحاماة والتي يطلق عليها في بعض المدارس القانونية "القضاء الواقف".
صدرت في شهر اذار الارادة الملكية السامية بالموافقة على قرار مجلس الوزراء باعلان العمل بقانون الدفاع رقم (13) لعام 1992 و وجه جلالة الملك رسالة رَسَمت خارطة طريق للحكومة اثناء تفعيل قانون الدفاع و بالتحديد في قضايا الحريات العامة و حقوق الانسان حيث وجهت الحكومة لضرورة ان يكون تطبيق قانون الدفاع والأوامر الصادرة بمقتضاه في أضيق نطاق ممكن، وبما لا يمس حقوق الأردنيين المدنية و السياسية و الحفاظ عليها وضرورة حماية الحق في حرية الرأي و التعبير المكفولة بالدستور و القوانين.
و مما لا شك فيه ان ضمانات المحاكمات العادلة التي كفلها الدستور و اكدت عليها المواثيق الدولية و القوانين الوطنية تُعد ركيزة و جوهر الحقوق المدنية و السياسية التي يمارسها الافراد بطبيعتهم الانسانية في اي مكان بصرف النظر عن كافة اشكال التمييز , و لعل من اهم هذه الضمانات هو حق الفرد بأن يدافع عن نفسه بشخصه أو بواسطة مُحام ٍمن اختياره.
توالت اوامر الدفاع الصادرة من الحكومة و لم نرَ او نقرأ او نسمع امراً من اوامر الدفاع او البلاغات و القرارت الحكومية ما يُتيح فيها للمحامي القيام بدوره الانساني بتعزيز ضمانات المحاكمات العادلة وحق الفرد بالتمتع بكافة حقوقه الانسانية و حقة بالمحاكمةِ العادلةِ المنصوص عليها في الدستور و القوانين الوطنية و التي استقرت في المعايير و الأدبيات الدولية الناظمة لحقوق الانسان لا سيما المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية و المصادق عليه من الحكومة الاردنية منذ ما يقارب خمسةَ عشر عاما.
كان الاجدر بالحكومة ان تنحو في هذا النحو ما اوردته المبادئ الاساسية بشأن دور المحامين و التي اعتمدها مؤتمر الأمم المتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين في العام 1990 و المعروفة بأسم مبادئ هافانا و التي اوجبت على الحكومات ان تكفل للمحامين القدرة على اداء جميع وظائفهم المهنية دون اعاقة او مضايقة و حقهم بالانتقال الى موكليهم و التشاور معهم بحرية و عدم تعريضهم للملاحقة القانونية لقاء قيامهم بواجباتهم وفق الاعراف و الآداب المهنية و ضرورة ان توفر السلطات حمايةً كافيةً للمحامين اثناء قيامهم بواجبهم و تمكينهم من الاطلاع على المعلومات و الوثائق المرتبطة بحق الفرد.
و من المعلوم بأن التزام المحامين في القرارت الحكومية ادى الى منعهم من القيام بواجباتهم المهنية الانسانية و لا اعلم فيما اذا أُتيح للموقوفين ايضا الحق بالحصول على المساعدة القانونية وعليه فان الحكومة اليوم مطالبة باعادة النظر بما نشأ عن اوامر الدفاع و البلاغات الصادرة بموجبها بما يتيح للمحامين القيام بدورهم الانساني في ظل هذه الجائحة التي اصابت الانسانية.