الإعلام هو السيف القاطع ذو الحدين في هذه المرحلة الصحية الحرجة
مهند ملكاوي
جو 24 :
تكمن أهمية دور وسائل الإعلام المختلفة في الارتقاء بالمجتمعات وتثقيفها صحياً من خلال إعلام صحي يتشارك فيه معظم الأطراف التي لها علاقة بالمؤسسات الإعلامية والصحية لما تحمله من أثر بالغ وكبير في إسهام نشر الثقافة المجتمعية وتعزيز سبل التواصل مع الافراد من كافة شرائح المجتمع.
وتؤدي الشراكة في المسؤوليات الإعلامية الصحية إلى ترابط المجتمع وخلق روح التعاون وتساعد في تعرُّف المسئولين على الإمكانات المتوفرة في المجتمع لاستخدامها واستغلالها والتعرف على المعوقات للتخلص منها وتجنبها وحل المشكلات. كما تساعد عن قرب في معرفة الاحتياجات الأساسية للمجتمع وأفراده سواء كانت صحية أو اقتصادية أو تعليمية أو تنموية.
إستطاع الأردن وبكل جدارة بأن يكون في مقدمة دول العالم في مجال الرعاية الطبية والصحية - خاصة في ظل هذه الجائحة، واستطاع الإعلام الرسمي في ظل هذه الأزمة لاستعادة ثقة الناس، وفي ذات السياقة فإنها فرصة كبيرة أيضاً لكافة وسائل الإعلام المكتوب والمرئي والمسموع والمواقع الالكترونية والمؤثرين للتوعية من كورونا، لتلبي تطلعات ملايين المتابعين في ظل المنافسة الشرسة بين سرعة نقل المعلومة ودقتها ومصداقيتها.
فبدأت المؤسسات الصحية في المملكة منذ إنتشار فيروس كورونا تتخذ خطوات إيجابية وكبيرة لمد جسور التشاركية الفاعلة مع كافة وسائل الإعلام المحلية لتكون عوناً لها في خدمة هذا القطاع الحيوي الهام وتلبية احتياجاته الضرورية والملحّة. إن المسئولية المجتمعية تعني التفاعل المتبادل بين المجتمع بأفراده وحاجاته وتراثه وأنظمته وثقافته من جهة، والمؤسسات التي تريد الإسهام في تنميته، (سواء كانت حكومية، خاصة أو خيرية)، بما يتناسب مع حجمها وقدرتها وإمكاناتها، وذلك من خلال توفير الخدمات المتنوعة لمصلحة المجتمع بجميع فئاته الاجتماعية المختلفة.
ولقد أصبحت الشراكة بين القطاع الإعلامي والقطاع الصحي من متطلبات التنمية البشرية الهامة في هذه المرحلة، لإحداث تغييرات ضرورية في النظم المجتمعية تُمكِّن أفراد المجتمع من المشاركة في اتخاذ القرارات التي تؤثر في مسار حياتهم وتُمكِّنهم من معرفة احتياجاتهم ومشكلاتهم، ليغدو قادرين على استخدام الموارد المتاحة لتحقيق أهدافهم وتطلعاتهم.
إن مساهمة المؤسسات الصحية والإعلام في تنمية المجتمع ليس تفضلاً منها (بل هو حق واجب عليها) ويجب ألا تحدده المؤسسة بنفسها، لأن هذا لا يخدم التنمية المستدامة وأهدافها، بل يجب أن يكون هناك توازن في توزيع المسؤوليات التنموية على المؤسسات داخل المجتمع.
فالدور المتغير للإعلام في مواكبة التقنيات الحديثة لتلبية متطلبات الجمهور أصبح ملحاً، والمراقب للتطورات المتسارعة في العالم سيجد أن التطور المفصلي قد بدأ مع ظهور بث الأقمار الاصطناعية وثورة الإعلام الرقمي، وأدى ذلك إلى إحداث العديد من القضايا الحديثة تتعلق بتوافر المعلومات وتعدد الخيارات لحصول الجمهور على الأخبار باللغة التي يفهمونها. وإلى جانب الخيارات المتعددة التي توفرها وسائل الإعلام المختلفة، يدخل في المنافسة معها خيارات الحصول على المعلومات من شبكة الإنترنت، ومؤخرا من الهاتف النقال من خلال العديد من التقنيات والخدمات المتوفرة فيه، حيث تخطت هذه الثورة الرقمية الحدود لتصل المعلومات إلى آخر أعماق العالم.
ان سرعة الانتشار الذي يشهده العالم في مجال النشر الالكتروني والبث الفضائي عبر الانترنت تؤكد على ان الوسائل المتعددة والاعلام الجديد هما المحرك الرئيس لمستقبل الاعلام. فالإعلام الالكتروني أخذ في الانتشار كونه استطاع تحقيق التوازن بين الانتشار الجماهيري وتقديم المعلومات والحقائق التي تهم القراء، حيث أن تكنولوجيا المعلومات وفرت للعالم فرصة معرفة الكثير مما أحجم عن الخوض فيه الكثير من محطات التلفزة ووسائل الاعلام.
وفي ظل المشكلات السابقة، إضافة إلى وجود أزمة في الترويج الإعلامي لهذه الخدمات، بات هناك حاجة ملحة في التوعية المجتمعية في تقديم الرعاية الصحية الوقائية والعلاجية المثلى للمواطنين.
وعليه فإن على المؤسسات الإعلامية يجب أن تعمد إلى القيام بخطط واستراتيجيات جديدة في مواجهة التحديات المقبلة في ضوء التطور التكنولوجي وانتشار وسائل الإعلام غير التقليدية، لتلبي بذلك معايير ومتطلبات الجمهور وتواكب مخرجات علم الاتصال الحديث. ومن هذا المنبر أدعو كافة وسائل الإعلام في وطننا الغالي بدعم حملات الوعي الصحي عبر وسائل الإعلام الاجتماعية والصحف والتلفاز، حتى نستطيع الوصول إلى جمهور أوسع بشكل أسرع وأكثر سهولة، فالإعلام المسؤول هو الدعامة الرئيسية في تثقيف الناس وتوعيتهم للوصول إلى أعلى درجات المسؤولية المجتمعية.