بعد حظر التجول ومنع التنقل بالسيارات.. هكذا غير كورونا حياة الأردنيين للأفضل

لم يعتد الأربعيني رائد الدعجة على ممارسة رياضة المشي خلال حياته اليومية، فدوامه المكتبي الطويل، واعتماده على السيارة في قضاء حوائجه، وزيادة وزنه، يحول كل ذلك دون ممارسته لرياضة المشي.

وجاء قرار حظر التجول ومنع التنقل بالسيارات منذ أكثر من شهر ليضطر الدعجة للسير مسافات طويلة لقضاء حاجيات البيت "فبعدما بدأت بالمشي شعرت بحجم المشكلة الصحية التي أعاني منها"، يقول للجزيرة نت.

تنسحب حالة الدعجة على غالبية الأردنيين، فممارسة رياضة المشي تكاد تكون نوعا من الترف الزائد لديهم، إضافة إلى أن نوعية الأغذية المتناولة والعادات الاجتماعية في الغذاء، تشكل كلها أسبابا أخرى لزيادة الوزن، وبالتالي الحرمان من الرياضة بأنواعها.

وبات المشي لدى الأردنيين إما لقضاء حاجيات البيت الضرورية، أو الخروج للاستمتاع بالربيع والأجواء الجميلة التي حرموا منها بسبب الحظر، أو لممارسة الرياضة، وهناك عائلات تحرص على تعليم أطفالها ممارسة رياضة المشي لفوائدها الصحية.

ويعاني 78% من الأردنيين ارتفاعا بالوزن والسمنة، و46% منهم مصابون بمرض السكري للفئات العمرية الأكثر من 25 عاما، وهي نسبة مقلقة للقطاع الصحي، وفق إحصائيات طبية.

عائلات تحرص على الخروج لممارسة المشي وتعليم أطفالها الرياضة(الجزيرة)

مبادرات للمشي
ويحرص الطالب الجامعي ليث المفلح على ممارسة الرياضة وبشكل يومي، فالمشي يجدد خلايا الجسم ويزيد من مناعته ويجلب السعادة والفرح، ويقول للجزيرة نت إنه ينظم وزملاؤه في الجامعة مبادرات للمشي يستهدف فيها الطالبات والطلبة الذين يعانون من البدانة.

ويعمد المفلح ورفاقه في مبادرة المشي لعقد لقاءات مع بقية الطلبة، وذلك لتوعيتهم بأهمية الرياضة وحمايتها لأجهزة الجسم ورفع مناعته، لافتا إلى أن أحد أهم معوقات الرياضة عند الطلبة هو التدخين بأنواعه الذي يسبب ضيق التنفس وحرمان الشاب من التنفس الطبيعي وممارسة الرياضة.

ويتشارك مع ليث في مبادرات المشي، الكابتن عُلا يوسف المنظمة لمبادرة "ووك أند هايك" (Walk & Hike Jo) للمشي، ففي منطقة دابوق غرب العاصمة عمّان، وعلى مدى يومين في الأسبوع ولمدة ساعتين، يشارك عشرات الراغبين برياضة المشي في جولة رياضية منعشة، والملاحظ أن غالبية المشاركين في المبادرة من النساء.

تقول عُلا للجزيرة نت إن مبادرتها انطلقت بهدف رفع وعي الأردنيين بأهمية رياضة المشي وفوائدها الكثيرة للجسم، وإضافة لرياضة المشي في داخل العاصمة، ننظم كل يوم جمعة رحلات للمشي في أحضان الطبيعة يشاركنا بها من ثلاثين إلى خمسين شخصا، لكن أنشطة المبادرة متوقفة حاليا بسبب كورونا.

الوضع الصحي
وزير الصحة السابق مدير المركز الوطني للسكري كامل العجلوني توقع بأن تشهد أوزان الأردنيين زيادة خلال حظر التجول، ناصحا الأردنيين بالابتعاد عن المطبخ، وتحسين نوعية الغذاء عبر الإكثار من الخضروات والفواكه وعدم الأكل ليلا، مع ممارسة الرياضة في المنزل.

ويضيف العجلوني للجزيرة نت أن الرياضة من شأنها أن تخفض من التوتر الشرياني وضغط الدم وتخفيض نسب الكوليسترول السيئ والدهنيات، وترفع من الكوليسترول الجيد في الجسم وتحسن وظائفه.

ويرى مختصون أن ممارسة أنواع الرياضة في المنزل وحوله متاحة للجميع، وتساعد في التخفيف من حالات التوتر والضغط النفسي والمشاكل العائلية والزوجية خلال حظر التجول.

مقارنة
ويتفق مع العجلوني الحَكم الدولي لرياضة المشي، واللاعب السابق خالد جودة في أهمية رياضة المشي للجسم، لافتا إلى أن إقبال الأردنيين على ممارسة المشي ضعيفة، مقارنة مع دول المغرب العربي، ففيها إقبال أكبر.

الكابتن جودة دفع بشقيقه وابنه لممارسة رياضة المشي، يضيف للجزيرة نت دفعت بابني عبود لممارسة رياضة المشي حتى بات لاعبا في المنتخب الأردني للشباب، وتمكن من الفوز بذهبية غرب آسيا في بطولات عام 2018، وسجل ستة أرقام قياسية جديدة في الأردن.

الأردنيون باتوا يحافظون على ممارسة رياضة المشي بشكل دائم(الجزيرة)

احتياجات المنزل
العادات الاجتماعية للأردنيين -من خلال تفضيلهم التنقل بالسيارات ووسائل النقل العامة، وأنماطهم الغذائية- تشكل عائقا أمام ممارسة الرياضة، إضافة إلى افتقار مناطق العاصمة وبقية المحافظات إلى مسارات مخصصة للمشي وأنواع الرياضة المختلفة، إلاّ في بعض المدن الرياضية والحدائق العامة.

وأمام ذلك، يضطر الراغبون لممارسة رياضة المشي أو الركض أو التمارين السويدية إلى جنبات الشوارع والطرق، بجوار السيارات المارة.

وما يميز حظر التجول في الأردن ووقف تنقل المركبات ووسائل النقل العامة، أن القاسم المشترك بات بين الأردنيين هو رياضة المشي لقضاء حاجاتهم الضرورية، على أمل أن تستمر معهم رياضة المشي بعد رفع الحظر ورحيل الفيروس.