مسؤولية الحكومة القانونية من جراء تطبيق قانون الدفاع
الدكتور رائد بيان
جو 24 :
منذ ثلاثة شهور ونيّف والعالم يعاني ومازال من وباء فايروس كورونا المستجد والذي عرفته منظمة الصحة العالمية بانه:"فصيلة كبيرة من الفيروسات التي قد تسبب لدى الانسان حالات عدوى الجهاز التنفسي التي تتراوح حدتها من نزلات البرد الشائعة إلى الأمراض الأشد، مثل متلازمة الشرق الأوسط التنفسية والمتلازمة التنفسية الحادة السارس ويسبب فايروس كورونا المُكتشف مؤخراً مرض "كوفيد-19"، وصفتة بالجائحة العالمية: أي أنه مرض جديد يتحدى السيطرة بسرعة انتشاره العالمي بين الدول، ومصطلح الجائحه يتناول جانب سياسي بمعنى أن لهذا المرض المستجد قد أصبحت له تداعيات اقتصادية وسياسية واجتماعية على نطاق عالمي، وسيبقى العالم يعاني إلى أن يتغمد الله عباده برحمته ويمن عليهم بالتعافي من هذه الجائحة.
ونظرا لأزدياد أعداد المصابين بهذا الفايروس في دول العالم والمنطقة والذي استوجب اتخاذ إجراءات صارمة للحد من انتشاره، تمثلت بتعطيل الوزارات والدوائر والمدارس والجامعات ودور الترفيه واغلاق المنافذ الحدودية إضافة الى التوعية بأعراض الإصابة بالفايروس من خلال كافة الوسائل المتاحة حيث بذلت جهود كبيرة على المستوى الوطني لحماية الصحة العامة والحفاظ على صحة المواطنين وسلامتهم، واخيرا صدرت الارادة الملكية السامية بالموافقة على قرار مجلس الوزراء باعلان العمل وتفعيل قانون الدفاع رقم (13) لسنة 1992 في المملكة على ان يطبق باضيق الحدود اعتبارا من 17/اذار/2020.
وسندا لاحكام الفقرة (ب) من المادة (3) من قانون الدفاع اعلاه يمارس رئيس الوزراء صلاحياته بموجب أوامر خطية، وقد اصدر العديد من اوامر الدفاع التي بموجبها تعطلت أعمال المرافق العامة باستثناء الحيوية منها كالصحة والامن، وحظر التجول واغلاق المنشات والمحال التجارية وغيرها، ولكن هذه الاوامر وإن كانت مشروعة السبب بأصلها ووصفها وغاياتها، إلا أن الامر الذي يتعين بيانه هو التحقق من الشروط التي تجيز تطبيق قانون الدفاع وتحقق الغاية والهدف منه، وهذا لا يعفي الحكومة من مسؤوليتها القانونية المترتبة من جراء تطبيق قانون الدفاع، إذ أن من حق المتضرر أن يطالب الحكومة بالتعويض عن الاضرار التي لحقت به، والأساس القانوني لذلك يكمن في نظرية المخاطر أي (المسؤولية الإدارية بدون خطأ)؛ فمسؤولية الإدارة هي: "الالتزام النهائي الذي يقع على عاتق جهة الإدارة أو إحدى المؤسسات والمرافق العامة بدفع تعويض عن الضرر الذي لحق بالغير نتيجة لنشاطها المتنوع أو تصرفاتها التي يطلق عليها "أعمال الإدارة" كالأعمال المادية، أو نتيجة لأعمالها القانونية وسواء أكان ذلك النشاط أو التصرف مشروعا أو غير مشروع".
وإن المسؤولية الإدارية -ذات النشأة القضائية الفرنسية- في أساسها معقوده على مفهوم المسؤولية المدنية، وقد أخذت المسؤولية الإدارية من قواعد القانون المدني بطريقة تتناسب مع القانون الإداري وقواعده، إلا أن القواعد التي وضعها مجلس الدولة الفرنسي أثناء نظر المنازعات الإدارية لدعاوى مسؤولية الإدارة عن أعمالها المشروعه التي ألحقت الضرر بالأفراد قد صاغها الفقهاء كمبادئ للمسؤولية وأطلق عليها "القانون العام للمسؤولية"، وهذا لا يستلزم استبعاد القواعد المدنية، وبالتالي تسأل الحكومة عن أية أضرار قد تصيب الأفراد من جراء أعمالها المشروعه دون حاجة لتكليف المتضرر بأن يثبت خطأ الجهة الإدارية، حيث يكفي أن يثبت المتضرر العلاقة السببية بين عمل الإدارة والضرر الذي لحق به وبذلك فهي مسؤولية إدارية قائمة بدون توافر ركن الخطأ.
فنظرية مسؤولية الإدارة بدون خطأ لا تعفي الحكومة من تعويض المتضرر إذ تقوم مسؤولية الإدارة بالتعويض حتى ولو كان سبب الضرر تدخل الغير أو لحادث فجائي، إلا أن الحكومة قد تعفى من المسؤولية إذا كان الضرر قد وقع نتيجة لقوة قاهرة؛ أي إذا كانت الحادثة من الطبيعية الخارجية التي لا يمكن توقعها ويستحيل دفعها، أو بخطأ المتضرر لمساهمتة بإحداث الضرر الذي يقطع علاقة السببية، والتعويض لا يكون إلا على أساس صفة الضرر الذي بلغ حد الجسامة والخطورة غير الاعتيادية بما يجاوز ما تقدمه الجهة الإدارية من خدمات، ولا نجد لهذه النظرية هكذا أساس ومكان في القضاء الأردني الذي يعتمد على المادة 256 من القانون المدني والتي تستوعب هذه النظرية حيث تنص على أنه: "كل إضرار بالغير يلزم فاعله ولو كان غير مميز بضمان الضرر"، وبموجب هذه المادة فإن الحماية المدنية مقررة لكافة الحقوق استناداً للقواعد العامة في المسؤولية في القانون المدني، إذ يحق لكل من وقع عليه اعتداء المطالبة بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي لحق به، ولا مشكله حال وجود النص، فيكون الأساس هو التشريع لمسؤولية الإدارة عن أعمالها بدون خطأ، ويؤيد ذلك نص المادة (9) من قانون الدفاع سابق الذكر التي جاء فيها "لكل من كلف بأي عمل أو اداء أي خدمة أو تقديم أي مال ولكل من تم الاستيلاء على ماله أو وضع اليد عليه أو نقله أو اتلافه ولكل من اتخذ بحقه أي اجراء بموجب هذا القانون أو أي امر أو تكليف صادر بمقتضاه الحق بالتعويض، ولرئيس الوزراء أن يحدد مقدار التعويض وأن يقرر تأديته عن أي مال أو عمل أو اجراء خلال مدة لا تتجاوز ستين يوما من تقديم الطلب بالتعويض على أن يكون للمتضرر في حال عدم موافقته على القيمة المقررة للتعويض الحق باقامة الدعوى لدى المحكمة المختصة للمطالبة بالتعويض العادل المترتب له وفقا لاحكام القوانين النافذة المفعول" ونصت المادة (62) من القانون المدني الاردني على انه: "لا ضرر ولا ضرار و الضرر يزال" والمادة (63) من ذات القانون الاخير على انه: "الاضطرار لا يبطل حق الغير".
ومن استقراء هذه النصوص نجد بأنه وبغض النظر عن تكييف انتشار وباء فايروس كورونا "كوفيد19" بأنه قوة قاهرة أو ظرف استثنائي دفع الحكومة لاتخاذ الاجراءات التي قدرها رئيس الوزراء بناء على الصلاحيات الممنوحه له بموجب قانون الدفاع فان ذلك لا يمنع المتضرر من المطالبة بالتعويض عما لحقه من اضرار بموجب النص الصريح بقانون الدفاع سالف الذكر، وبالتالي فإن من حق كل مواطن أو مقيم إقامة مشروعة على أرض المملكة وتضرر من أوامر الدفاع أن يطالب بالتعويض عن أية اضرار لحقت به من جراء تفعيل وتطبيق قانون الدفاع لجبر ضرره.
وبناء على ما تقدم فانني ارى بأن ما فعلته جهة الإدارة (الحكومة) مؤخرا من تخفيف القيود والرفع التدريجي للحظر كان لمصلحة الخزينة، وعليها التوجه الى تطبيق قانون الدفاع بأضيق الحدود كما ورد بالإرداة الملكية السامية وبما لا يلحق الضرر بأي شخص طبيعي كان أو اعتباري، والتوجه الى سرعة التخلص من الاجراءات الواردة باوامر الدفاع الاخيرة لكي لا تجد الحكومة نفسها امام عدة مطالبات بالتعويض تؤثر على الخزينة العامة.
واخيرا نسأل الله العلي القدير بأن يتغمد عباده برحمته ويمن عليهم بالتعافي من هذه الجائحة التي أفزعت البشرية وأن يحفظكم جميعا ويحفظ وطنا وشعبنا ومليكنا وأُمتنا العربية والإسلامية والبشرية جمعاء من كل شر.
ونظرا لأزدياد أعداد المصابين بهذا الفايروس في دول العالم والمنطقة والذي استوجب اتخاذ إجراءات صارمة للحد من انتشاره، تمثلت بتعطيل الوزارات والدوائر والمدارس والجامعات ودور الترفيه واغلاق المنافذ الحدودية إضافة الى التوعية بأعراض الإصابة بالفايروس من خلال كافة الوسائل المتاحة حيث بذلت جهود كبيرة على المستوى الوطني لحماية الصحة العامة والحفاظ على صحة المواطنين وسلامتهم، واخيرا صدرت الارادة الملكية السامية بالموافقة على قرار مجلس الوزراء باعلان العمل وتفعيل قانون الدفاع رقم (13) لسنة 1992 في المملكة على ان يطبق باضيق الحدود اعتبارا من 17/اذار/2020.
وسندا لاحكام الفقرة (ب) من المادة (3) من قانون الدفاع اعلاه يمارس رئيس الوزراء صلاحياته بموجب أوامر خطية، وقد اصدر العديد من اوامر الدفاع التي بموجبها تعطلت أعمال المرافق العامة باستثناء الحيوية منها كالصحة والامن، وحظر التجول واغلاق المنشات والمحال التجارية وغيرها، ولكن هذه الاوامر وإن كانت مشروعة السبب بأصلها ووصفها وغاياتها، إلا أن الامر الذي يتعين بيانه هو التحقق من الشروط التي تجيز تطبيق قانون الدفاع وتحقق الغاية والهدف منه، وهذا لا يعفي الحكومة من مسؤوليتها القانونية المترتبة من جراء تطبيق قانون الدفاع، إذ أن من حق المتضرر أن يطالب الحكومة بالتعويض عن الاضرار التي لحقت به، والأساس القانوني لذلك يكمن في نظرية المخاطر أي (المسؤولية الإدارية بدون خطأ)؛ فمسؤولية الإدارة هي: "الالتزام النهائي الذي يقع على عاتق جهة الإدارة أو إحدى المؤسسات والمرافق العامة بدفع تعويض عن الضرر الذي لحق بالغير نتيجة لنشاطها المتنوع أو تصرفاتها التي يطلق عليها "أعمال الإدارة" كالأعمال المادية، أو نتيجة لأعمالها القانونية وسواء أكان ذلك النشاط أو التصرف مشروعا أو غير مشروع".
وإن المسؤولية الإدارية -ذات النشأة القضائية الفرنسية- في أساسها معقوده على مفهوم المسؤولية المدنية، وقد أخذت المسؤولية الإدارية من قواعد القانون المدني بطريقة تتناسب مع القانون الإداري وقواعده، إلا أن القواعد التي وضعها مجلس الدولة الفرنسي أثناء نظر المنازعات الإدارية لدعاوى مسؤولية الإدارة عن أعمالها المشروعه التي ألحقت الضرر بالأفراد قد صاغها الفقهاء كمبادئ للمسؤولية وأطلق عليها "القانون العام للمسؤولية"، وهذا لا يستلزم استبعاد القواعد المدنية، وبالتالي تسأل الحكومة عن أية أضرار قد تصيب الأفراد من جراء أعمالها المشروعه دون حاجة لتكليف المتضرر بأن يثبت خطأ الجهة الإدارية، حيث يكفي أن يثبت المتضرر العلاقة السببية بين عمل الإدارة والضرر الذي لحق به وبذلك فهي مسؤولية إدارية قائمة بدون توافر ركن الخطأ.
فنظرية مسؤولية الإدارة بدون خطأ لا تعفي الحكومة من تعويض المتضرر إذ تقوم مسؤولية الإدارة بالتعويض حتى ولو كان سبب الضرر تدخل الغير أو لحادث فجائي، إلا أن الحكومة قد تعفى من المسؤولية إذا كان الضرر قد وقع نتيجة لقوة قاهرة؛ أي إذا كانت الحادثة من الطبيعية الخارجية التي لا يمكن توقعها ويستحيل دفعها، أو بخطأ المتضرر لمساهمتة بإحداث الضرر الذي يقطع علاقة السببية، والتعويض لا يكون إلا على أساس صفة الضرر الذي بلغ حد الجسامة والخطورة غير الاعتيادية بما يجاوز ما تقدمه الجهة الإدارية من خدمات، ولا نجد لهذه النظرية هكذا أساس ومكان في القضاء الأردني الذي يعتمد على المادة 256 من القانون المدني والتي تستوعب هذه النظرية حيث تنص على أنه: "كل إضرار بالغير يلزم فاعله ولو كان غير مميز بضمان الضرر"، وبموجب هذه المادة فإن الحماية المدنية مقررة لكافة الحقوق استناداً للقواعد العامة في المسؤولية في القانون المدني، إذ يحق لكل من وقع عليه اعتداء المطالبة بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي لحق به، ولا مشكله حال وجود النص، فيكون الأساس هو التشريع لمسؤولية الإدارة عن أعمالها بدون خطأ، ويؤيد ذلك نص المادة (9) من قانون الدفاع سابق الذكر التي جاء فيها "لكل من كلف بأي عمل أو اداء أي خدمة أو تقديم أي مال ولكل من تم الاستيلاء على ماله أو وضع اليد عليه أو نقله أو اتلافه ولكل من اتخذ بحقه أي اجراء بموجب هذا القانون أو أي امر أو تكليف صادر بمقتضاه الحق بالتعويض، ولرئيس الوزراء أن يحدد مقدار التعويض وأن يقرر تأديته عن أي مال أو عمل أو اجراء خلال مدة لا تتجاوز ستين يوما من تقديم الطلب بالتعويض على أن يكون للمتضرر في حال عدم موافقته على القيمة المقررة للتعويض الحق باقامة الدعوى لدى المحكمة المختصة للمطالبة بالتعويض العادل المترتب له وفقا لاحكام القوانين النافذة المفعول" ونصت المادة (62) من القانون المدني الاردني على انه: "لا ضرر ولا ضرار و الضرر يزال" والمادة (63) من ذات القانون الاخير على انه: "الاضطرار لا يبطل حق الغير".
ومن استقراء هذه النصوص نجد بأنه وبغض النظر عن تكييف انتشار وباء فايروس كورونا "كوفيد19" بأنه قوة قاهرة أو ظرف استثنائي دفع الحكومة لاتخاذ الاجراءات التي قدرها رئيس الوزراء بناء على الصلاحيات الممنوحه له بموجب قانون الدفاع فان ذلك لا يمنع المتضرر من المطالبة بالتعويض عما لحقه من اضرار بموجب النص الصريح بقانون الدفاع سالف الذكر، وبالتالي فإن من حق كل مواطن أو مقيم إقامة مشروعة على أرض المملكة وتضرر من أوامر الدفاع أن يطالب بالتعويض عن أية اضرار لحقت به من جراء تفعيل وتطبيق قانون الدفاع لجبر ضرره.
وبناء على ما تقدم فانني ارى بأن ما فعلته جهة الإدارة (الحكومة) مؤخرا من تخفيف القيود والرفع التدريجي للحظر كان لمصلحة الخزينة، وعليها التوجه الى تطبيق قانون الدفاع بأضيق الحدود كما ورد بالإرداة الملكية السامية وبما لا يلحق الضرر بأي شخص طبيعي كان أو اعتباري، والتوجه الى سرعة التخلص من الاجراءات الواردة باوامر الدفاع الاخيرة لكي لا تجد الحكومة نفسها امام عدة مطالبات بالتعويض تؤثر على الخزينة العامة.
واخيرا نسأل الله العلي القدير بأن يتغمد عباده برحمته ويمن عليهم بالتعافي من هذه الجائحة التي أفزعت البشرية وأن يحفظكم جميعا ويحفظ وطنا وشعبنا ومليكنا وأُمتنا العربية والإسلامية والبشرية جمعاء من كل شر.