حركة الجبال وعظمة الخالق
أ.د يحيى سلامه خريسات
جو 24 :
استوقفتني الآية الكريمة 88 من سورة النمل: "وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُون"، لتعود بي الى فترة نزول القرآن على سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم قبل أكثر من 1400 عام، لنحاول إيجاد تفسير منطقي لها يتناسب مع ذلك الزمان، علما بأن التفكير السائد حينها لدى الفلكيين أن الأرض تعتبر مركز الكون وهي ساكنة وجميع الكواكب والمجرات تدور حولها، مما جعل البعض يشكك بكلام الله عزوجل، علما بأنه صالح لكل زمان ومكان.
إن مفسري القرآن الكريم القدامى لم يجدوا تفسيرا لما يعنيه قول الحق بأن الجبال تتحرك وحركتها المخفية تقارن بحركة السحاب الظاهرة للعين المجردة، فربطوا تلك الحركة بيوم البعث والنشور.
التفسير العلمي جاء بعد أكثر من ألف عام والذي أكد أن الأرض تدور حول الشمس مرة كل عام مما ينتج عنه الفصول الأربعة، وتدور حول محورها مرة كل 24 ساعة مما ينتج عنه الليل والنهار.
ولم يستطع الانسان رؤية حركة دوران الأرض إلا بعد أن غزا الفضاء وانطلق من الأرض للقمر وشاهد تلك الحركة والتي تميز بحركة الجبال كمعلم أرضي ظاهر.
لا يستطيع الانسان أن يشعر بحركة الأرض والجبال التي تعتبر جزء من تلك الحركة مادام موجودا عليها، فكل شيء يسير بنفس السرعة ويخيل الينا أنها جامدة، لأننا نشكل جزءً منتظما من تلك الحركة.
إن ربط حركة الجبال بحركة السحاب الظاهرة للعين المجردة، إشارة لمحاولة فهم تلك الحركة، فهي تدور مع الأرض حول محورها وتشكل رواسي للكرة الأرضية، وهنالك جزء ظاهر من الجبال مرتبط بالجزء المخفي منها في القشرة الأرضية ونسبة الظاهر للمخفي نسبة ثابتة تعوض في حال نقصان جزء من الجزء الظاهر بارتفاع ذلك الجزء لتوازن النسب.
إن كثافة الجبال تختلف عن كثافة القشرة الارضية لأن جزئها المخفي والذي يعتبر تقريبا عشر أضعاف الجزء الظاهر، حركته مرتبطة بالقوى والتيارات الحرارية الموجودة تحت القشرة الأرضية، ليوضح لنا الهدف الذي أنشأت الجبال من أجله وهو تثبيت الكرة الأرضية.
كل هذا إن دل على شيء فإنما يدل على عظمة صنع الخالق وإتقانه لكل شيء صنعه، وأن هذا القرآن الكريم معجزة ربانية باقية الى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
سبحان من خلق فأبدع وصور فأتقن ولنا في كل خلق من خلقه الآيات والعبر.