المغامرة النوويّة ومعادلة الانشطار المالي
كتب تامر خرمه
خلال لقائه بعدد من أعضاء البرلمان في منزل النائب عاطف الطراونة، أكد الملك تمسّكه بمشروع المفاعل النووي، بل وإصراره على تنفيذ هذا المشروع، رغم المعارضة الشعبيّة الواسعة ووجود البدائل التي من شأنها إيجاد حلّ لما بات يُعرف بأزمة الطاقة.
ولا ندري ما هي المصلحة التي يمكن تحقيقها عبر هذا الإصرار على مشروع المفاعل النووي، وتجاهل كافّة المصادر الطبيعيّة كالمعادن، والصخر الزيتي، بل والنفط الذي قدّرت سلطة المصادر الطبيعية كميّته المتواجدة في حقل حمزة بـ 2 مليار طن !!
ترى، هل تتطلّب المصلحة الوطنيّة تجويع الشعب عبر الاحتفاظ بمصادر الطاقة مكنوزة تحت التربة، واللجوء إلى قروض هائلة ترهق الميزانيّة -المختنقة أصلا- لتنفيذ مشروع يصادر أمن الناس البيولوجي بعد مصادرة أمنهم الاقتصادي ؟!!
كما أن افتقار الأردن للبنية التحتيّة لم يمنع صاحب القرار من الإصرار على هذا المشروع، في ظلّ تخلّي كبرى دول العالم -غير العاجزة على تصريف النفايات النوويّة- عن هذه المفاعلات التي تشكّل خطراً بيئيّا وطبيعيّا لا يمكن ضمان القدرة على تفاديه إلى الأبد.
والمسألة لا تقف عند هذا الحدّ، بل باتت أموال الأردنيّين ومدّخراتهم مهدّدة في ظلّ التوجّهات الرسميّة الرامية للزجّ بمؤسّسة الضمان الاجتماعي في هذه المغامرة النوويّة، التي تفتقر الى دراسة الجدوى الاقتصاديّة أو أيّة ضمانة تدعو إلى التفاؤل بنجاحها، والتي تستثنى من قرارها وحساباتها أبناء الشعب، الذي هو من سيدفع ثمنها !!
هيئة الطاقة النووية أنفقت خلال السنوات الست الماضية 97 مليون دينار من المال العام، وأغرقت الخزينة بدين بلغت قيمته 130 مليون دولار، ثمناً لمفاعل نووي أنشيء في جامعة العلوم والتكنولوجيا رغم الرفض المجتمعي، قبل ان تثبت هذه الخطوة فشلها إقتصادياً وإدارياً.. واليوم تتجّه الأنظار الرسميّة إلى مؤسّسة الضمان الاجتماعي لدفعها باتّجاه هذه المغامرة.
الأردنيّون يعانون واقعا اقتصاديّا واجتماعيّا وسياسيّا لا يحسدون عليه، ورغم هذا مازال منهم يدّخر بعض الأمل لشيخوخة تنقضي بكرامة وسلام.. ولكن يبدو أن هذا الطموح سيكون من الأحلام المبالغ فيها بعد "الانشطار المالي" الذي يتربّص بمؤسّسة "الضمان".