بعد عودة الحياة إلى طبيعتها.. استحقاقات المرحلة الثانية للانتصار على لعنة الكورونا
جو 24 :
محرر الشؤون المحلية.. أخيرا عادت الحياة إلى طبيعتها، وتجاوز الأردنيون مرحلة الخطر. لا إغلاق للقطاعات الإنتاجية، والمرافق، والمساجد، ودور العبادة.. لا حظر للتجوال، أو إلزام بالبقاء في المنازل، ومحاولة قتل الوقت، والتغلب على السأم.. كل شيء الآن بات على أحسن ما يرام.
الأردنيون انتظروا هذا اليوم على أحر من الجمر.. ذلك الفيروس القبيح، الذي حرم الناس حريتهم، بات تحت السيطرة تماما، ولا يوجد ما يستدعي الخوف أو الهلع.
لقد نجحت الدولة الأردنية، التي عملت بكفاءة عالية، في تجاوز المحنة، بتماسك الإدارة وجهودها، وصبر المواطن وتحمله، حرصا من الجميع على ضمان سلامة البلاد.. وهذا يستوجب التفكير الجدي بمدى أهمية تماسك الإدارة العامة وصلابتها، لتجاوز أية محنة قد يخبئها المستقبل، وقادمات الأيام.
تعزيز معاني وقيم الانتماء مسألة حاسمة وجوهرية، لتجاوز أية صعاب أو أزمات.. لقد رأينا خلال هذه التجربة، كيف أحجمت كثير من المؤسسات وأصحاب رؤوس الأموال عن تقديم التبرعات للدولة، عندما كانت في حاجة لها، وهذا يستوجب التوقف عنده مليا، لاستخلاص الدروس والعبر.
المهم أننا بلغنا أخيرا بر الأمان، في الوقت الذي سجلت فيه كبرى دول العالم أعداد وفيات مخيفة.. لقد تمكن الأردن من اجتياز المحنة بنجاح، وعادت الأوضاع كما كانت عليه سابقا، وكأن الجائحة التي هزت العالم كانت بالنسبة لنا زوبعة في فنجان.
ولكن، هل يعني تجاوز المحنة، وعودة الحياة إلى طبيعتها، الركون إلى التراخي، وعدم الحفاظ على طرق الوقاية، للحيلولة دون عودة الأوقات الصعبة؟
لا بد من إدراك حقيقة أن الفيروس لم يتبخر، ما يعني ضرورة أخذ كافة الاحتياطات اللازمة، من تعقيم، وارتداء للكمامات والقفازات في الأماكن المكتظة، حفاظا على ديمومة الأمن الصحي، الذي نجحنا في حمايته.
والأهم من هذا أننا بعد انتهاء المرحلة الأولى من الأزمة، وعودة الحياة إلى طبيعتها، بتنا نشهد اليوم المرحلة الثانية، والتي عنوانها هو التعافي الاقتصادي، والتخلص من كافة الآثار التي خلفتها الأزمة.
ما نحتاجه اليوم هو المزيد من خلايا إدارة الأزمات، فالضرر الذي ترتب على المستوى الاقتصادي بالغ للغاية، وقد تعمق على نحو خطير.. لذا لا بد من تتويج الانتصار الصحي بحالة نهوض اقتصادي، حتى تكتمل الفرحة بالعودة إلى الحياة الطبيعية.
أما الكوادر الصحية، والأجهزة الأمنية، التي كانت تدافع في الصفوف الأولى، فلا بد من تكريمها بما يليق بالجهود الجبارة التي بذلتها، حتى بلغنا بر الأمان.
كما أن أيام الحظر علمتنا درسا بالغ الأهمية، فيما يتعلق بالنزعة الاستهلاكية. علينا بعد هذه التجربة الصعبة، الحفاظ على القيم التي ترسخت خلال الفترة الماضية، وعدم شراء ما لا نحتاجه حقا.
أما مظاهر البذخ والاستعراض المادية، التي عهدناها في الأفراح والمناسبات، فقد تبين مدى زيفها وضآلة أهميتها.. بعد هذه التجربة من الأفضل العمل على عدم عودة تلك المظاهر الفارغة.
خلال أيام الحظر، كان لدى أفراد الأسرة الأردنية وقتا أكثر من كافي، للتقارب بين أفرادها، وفهم مشاكل الأطفال وتطلعاتهم.. اليوم يمكن الاستفادة من هذا التقارب، لتحقيق ما هو أفضل، على صعيد العلاقات الأسرية، والعناية بالأبناء.
تجربة لم تكن سهلة على الإطلاق، تجاوزناها بنجاح. اليوم عادت المياه إلى مجاريها، والحياة اليومية إلى طبيعتها، ولكن الأهم من ذلك، أن لا ننسى ما علمتنا إياه تلك الفترة، فلعل هذا الداء جاء ليكون دواء، لكثير من العادات السيئة.