القلق يجتاح العمالة الوافدة في الإمارات بسبب تأثير كورونا على الاقتصاد
جو 24 :
(رويترز) - عندما رحل قابيل عن قريته في نيبال للعمل في رص البضائع بأحد المطارات في دولة الإمارات العربية المتحدة اعتقد أنه ضمن مستقبلا آمنا لنفسه ولأسرته.
عاطلون عن العمل يصطفون للحصول على طعام من شكان محليين بعدما فقدو مصدر دخلهم بسبب تفشي فيروس كورونا في دبي في السادس من يوليو تموز 2020. تصوير: ليزا بارينجتون - رويترز
غير أنه أصبح يتساءل بعد مرور أقل من عام على وصوله إلى مركز السياحة والأعمال في الشرق الأوسط عما إذا كان سفره من بلاده هو القرار الصائب بعد أن علم أنه لا عمل له هذا الشهر.
قال قابيل (29 عاما)، الذي تعيش زوجته وابنه البالغ من العمر خمس سنوات في نيبال، ”أشعر باليأس التام".
كان لأزمة فيروس كورونا تداعيات كبيرة على اقتصاد منطقة الخليج التي تعتمد اعتمادا كبيرا على العمالة الوافدة بأجور زهيدة.
ويمثل العمال الوافدون عصب الاقتصاد في الخليج حيث يعملون في مجالات البناء والخدمات والنقل وقد وجدوا أنفسهم الآن وجها لوجه مع الحقائق التي أوجدتها الجائحة.
وقد حاورت رويترز أكثر من 30 عاملا مثل قابيل في دبي وأبوظبي والشارقة وقالوا جميعا إنهم يتحملون الآن مشاق نجمت عن انتشار فيروس كورونا.
وتراكمت الديون على كثيرين منهم بل بلغ الأمر بهم حد الجوع لولا مساعدات الجمعيات الخيرية وهم في انتظار العمل وصرف الأجور.
قال بعضهم إنه لا يجد مبررا للبقاء دون عمل ويريد العودة إلى وطنه رغم عدم تقاضي الأجور منذ أشهر. بل سافر بالفعل مئات الآلاف عائدين إلى بلادهم.
وقد سُلطت الأضواء على المعاملة التي يلقاها العاملون الوافدون في الخليج وتقول منظمات حقوقية إن الأوضاع تدهورت بسبب الجائحة.
وفي الإمارات أكثر الدول إغراء للعمل في الخليج بسبب الفرص الاقتصادية التي تتيحها لا توجد شبكة أمان اجتماعي للوافدين الذين يمثلون ما يصل إلى حوالي 90 في المئة من السكان.
وقال مواطن من الكاميرون يعمل في خدمات المغاسل لرويترز إنه لم يتسلم أجره منذ أشهر وإنه يبيع الآن الفاكهة والخضر في الشارع ليحصل على ما بين 30 و40 درهما في اليوم (8-11 دولارا).
ولم يرد مكتب الاتصال لحكومة الإمارات على استفسارات بالبريد الإلكتروني عن أوضاع العمالة الوافدة.
وفي مايو أيار قالت وكالة أنباء الإمارات (وام) إن وزير الخارجية الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان قال إن الدولة ملتزمة بحماية حقوق جميع العاملين.
* ديون
أكثر العاملين عرضة للتأثر بالأزمة هم من يعملون في الأعمال اليدوية. فهم يحصلون على أجور منخفضة ويعملون ساعات طويلة ويقيمون في أغلب الأحوال في عنابر مزدحمة كانت مراكز لانتشار فيروس كورونا.
ويدفع كثيرون منهم أيضا رسوما لمكاتب التوظيف في أوطانهم وهو أمر شائع لتشغيل من يعملون في وظائف منخفضة الأجور في الخليج.
وقال قابيل إنه دفع لوكيل التوظيف في بلاده 175 ألف روبية نيبالية (1450 دولارا) للحصول على عمل في الإمارات. لكنه غير واثق الآن مما إذا كان سيعمل مرة أخرى.
فقد قال صاحب العمل للعاملين إنهم لن يحصلوا على الأجر إلا عندما يعملون وقال قابيل إنه لم يتضح ما إذا كان العمل سيتاح الشهر المقبل.
وأضاف قابيل أن أجره كان حوالي 600 دولار في الشهر، أي ستة أمثال المرتب الذي كان يتقاضاه من العمل بالتدريس في نيبال، مقابل العمل ما يصل إلى 12 ساعة يوميا ستة أيام في الأسبوع بالمطار.
وقال إن توقف العمل أصابه بالتوتر وأعجزه عن إعالة زوجته وابنه ووالديه المسنين في نيبال.
وطلب قابيل الذي عرض على رويترز عقد العمل ووثائق أخرى عدم نشر اسمه بالكامل أو اسم صاحب العمل خوفا من العواقب التي قد يواجهها.
كان قابيل قد وصل إلى الإمارات في أكتوبر تشرين الأول الماضي واعتقد أنه سيعمل في المطار بضع سنوات قبل أن يجد عملا أفضل ربما يستغل فيه مهاراته في التدريس.
شرطي يضع كمامة وخوذة ذكية يستخمها في فحص درجة حرارة العمال خلال تفشي فيروس كورونا في دبي بصورة من أرشيف رويترز.
والآن أصبح كل أمله العمل حتى نهاية العام لسداد ديونه.
وقال قابيل ”الاقتصاد العالمي يتدهور وهذا يؤثر على كل الأعمال ... أعتقد أن من الصعب العثور على وظيفة أخرى في الوقت الحالي".
* أجور لم تصرف
لا تتوفر إحصاءات رسمية عن عدد من غادروا الإمارات. غير أن ما لا يقل عن 200 ألف عامل معظمهم من الهند وكثيرون منهم من باكستان والفلبين ونيبال سافروا عائدين لبلادهم وفقا لما تقوله البعثات الدبلوماسية لهذه الدول.
وكانت قطاعات مثل البناء وتجارة التجزئة تعاني من متاعب قبل أزمة كورونا التي تسببت في تفاقم مصاعب العمال المعرضين من قبل لتأخر صرف الأجور.
قال محمد مبارك إنه لم يتقاضى أجره منذ حوالي 11 شهرا عن العمل في مجال الأمن بأحد المتنزهات في دبي.
وأضاف مبارك الغاني الجنسية ”الشركة لا تعرف متى ستتمكن من صرف الأجور لنا ونحن نعاني".
وبدأت الإمارات في مايو أيار الماضي تخفيف القيود الحكومية التي فرضت لاحتواء فيروس كورونا وأرغمت الكثير من الأعمال على الإغلاق لأسابيع. وعاودت مراكز التسوق والمتنزهات المائية والمطاعم وكلها تعمل بها عمالة وافدة فتح أبوابها الأمر الذي أثار الآمال.
إعلان
قال باكستاني يدعى ذو الفقار ويعمل في دبي منذ 12 عاما إنه أعاد أسرته إلى وطنه في بداية الأزمة لكنه بقي على أمل العودة للعمل وتقاسم الغرفة التي يعيش فيها وما تبقى من مال مع نحو عشرة آخرين من العاطلين عن العمل.