الكردي وأبواق النفعيّة
بدأ أحد المواقع الالكترونيّة بحملة غريبة تستهدف الرأي العام وتمهّد لإقناعه بقبول التوجّهات الرسميّة الرامية للوصول إلى تسوية ماليّة مع المحكوم وليد الكردي، مقابل التنازل عن حقوق الأردنيّين والامتناع عن محاسبة هذا المطلوب الذي حكم عليه القضاء الأردني بالأشغال الشاقة المؤقّتة لمدّة 22 عاماً ونصف العام، بالإضافة إلى 15 عاماً إلى جانب غرامة تبلغ 285 مليون دينار، وذلك في قضيّتين منفصلتين.
الأنباء التي كشفت التوجّهات الرسمية المناهضة لإرادة الشارع الأردني، تمّت صياغتها على نحو يثير كثيرا من علامات الاستفهام حول دوافع هذا الموقع الذي حاول محرّروه صياغة الخبر بطريقة توحي للقارئ بأن القبول بهذه التسوية وعدم محاسبة الكردي وتنفيذ قرار القضاء، من شأنه أن يخدم المصلحة الوطنيّة العليا !!
الأردنيّون خرجوا إلى الشوارع حتى قبل بدء الربيع العربي لإعلان مطالبهم بوضوح، وخاطبوا رأس الدولة بشكل مباشر عبر الفعاليّات الاحتجاجيّة التي شهدتها كافّة محافظات المملكة، من أجل اجتثاث الفساد ومحاسبة كلّ المسؤولين عن نهب ثروات ومقدّرات الوطن، دوان استثناء.
الكردي وغيره من المتورّطين في مصادرة قوت أبنائنا عليهم دفع ثمن أفعالهم، ولن يقبل الأردنيّون بأقلّ من ذلك، فاستعادة الأموال المنهوبة مسألة محسومة لا جدل فيها، غير أن هذا لا يكفي لتأخذ العدالة مجراها، فعلى كلّ المتورّطين بنهش الأردن واعتصار مقدّراته ومصادرة احلام وطموحات شعبه أن يدفعوا ثمن جرائمهم. امّا الحديث عن تسويات تجري هنا أو هناك فهو ما لا يمكن اعتباره سوى جريمة أخرى، لا تقلّ في قبحها عن الجرائم التي اقترفها الفاسدون.