بانتظار "باب الحارة" نتابع دريد لحام
مفاجأة سعيدة تلك التي حملها مسلسل "سنعود بعد قليل"، فالنجم السوري المخضرم دريد لحام يعود الى العمل التلفزيوني، في وقت غابت فيه اللهجة السورية المحببة لنا عن الشاشات الرمضانية، وبتنا نتابع نجوم الدراما السورية يتحدثون بالمصرية...
وتحزننا احداث المسلسل، فالسوريون الذين كانوا يتربعون على عرش رمضان في "باب الحارة"، بتفاصيلها الرائعة، يتوزعون لاجئين في عواصم العرب، بعد ان قست عليهم الدنيا وجعلت من حارتهم خراباً، ومدنهم ساحات قتل مجاني، وبلدهم معسكرات ودبابات وصواريخ وسحل وبقر بطون، ومقابر جماعية...
نحزن، ونكاد نبكي دمشق وحلب وحمص وغيرها في المسلسل، ولكننا نعيش بصيص الأمل في دريد لحام، الاب الذي لم يترك حارته، وواصل عمله في مشغله ودكانه المتخصص في الارابيسك، الرمز الذي لا يخفى للشام التاريخية، ووضع على بابه: سنعود بعد قليل.
ولو كنت مسؤولاً عن فضائية عربية لأعدت عرض مسلسل "باب الحارة"، وانا اضمن اعلى المشاهدات من الناس، فالحنين الى دمشق يغلب كل العرب، واذا كان الهدف من المسلسل في الاصل المقارنة بين الحاضر والماضي، في زمن التحوّلات الاجتماعية الكبيرة ، وتغيّر معالم المدن ، وتبدّل عادات الناس، فإن ما يجري في سوريا الآن، يجعل للمسلسل نكهة أخرى، بحيث تتابعه عيون العرب برؤية مختلفة.
فدمشق تمثل نموذجاً فريداً للمدينة العربية التقليدية ، وتبدو بساطة الحياة فيها محببة للجميع ، وليست حبكة المسلسل الدرامية هي الموضوع المهمّ ، حيث قصّة الطلاق وتبعاته وتشابك العلاقات، والبطولات الشعبية الفردية ، ولكنّه الرغيف السخن الخارج لتوّه من الفرن ، والأكلات الشعبية التي تكاد تندثر مع الساندويشات السريعة ، وتكافل الناس وتضامنهم مقابل الأزمات الطارئة، فما بالنا ونحن نشاهد الان العكس تماماً.
"باب الحارة" مسلسل نجح لأسباب بساطته ، وميلنا للحنين إلى الماضي ، وهو ما أغرى بأجزاء متتالية ، ومن ذكرياتنا معه نعود الى ما يقدمه دريد لحام وبقائه في حارته منتظرا عودة بلاده الى عزها، وأولاده الى بيتهم الشامي العريق..