jo24_banner
jo24_banner

أما حان الوقت لمحاسبة الوزراء المقصرين

د. ماجد الخواجا
جو 24 :

دولة الخصاونة : بالرغم أنه لم يمض على تشكيل حكومتكم أياما معدودة ، إلا أن حجم العمل والأزمات المتلاحقة تقحم أي رئيس في المعمعة مباشرة ودون أية مقدمات. فكيف إذا كان الرئيس آتيا من عمق هذه الأزمات.

إن هذه الحكومة ليست فريدة ولا متفردة سواء في المتوقع منها أو المتاح لها، وهي أيضا لم تنج من نقد أولي حول التشكيلة الوزارية التي جاءت بحمولات غير مفهومة لنواب الرئيس ولوزراء دولة ولاستحداث وزارة خاصة بالاستثمار لا يعرف أحد مدى التداخل فيما بين العديد من الوزارات ذات المهام المتشابهة، ناهيك عن الهيئات المستولدة والتي عليها مئات العلامات الاستفهامية مثل هيئة الطاقة وهيئة الاستثمار وهيئة السياحة وهيئة تنمية المهارات وغيرها.

لقد انحدر العمل الرسمي والعام بشكل تراكمي أدى إلى الوصول لحالة من شبه العجز عن إحداث أية تغييرات أو إصلاحات متوخاة.

فالإصلاح السياسي في حالة من الانجماد والتكلس وعدم وجود أدنى إمكانيات للتطوير وتفعيل الحياة السياسية بصورة حقيقية تتناغم ومتطلبات المجتمع المدني الحديث، وقانون الأحزاب السياسية العاجز .، وقانون الانتخابات المشوه، إضافة لقوانين الإعلام والجرائم الإلكترونية، كلها أعادت الحالة إلى مستويات متدنية من الفعل الحضاري، وأصبح ترتيب الأردن على مقاييس التنمية السياسية والمدنية والحريات في مراتب لا تليق بسمعة ومكانة الأردن ذو التاريخ المعقول في بناء ديمقراطية سياسية حزبية ونيابية.

أما الإصلاح الإقتصادي والذي سمي بمشروع النهضة والمتضمن في استراتيجية تنمية الموارد البشرية 16 – 25 والتي مضى منها نصفها الزمني ولا ندري حجم المتحقق ونسبته من الأهداف الوطنية . إن المواطن لم يلمس شيئا من هذا الإصلاح نتيجة المستجدات الطارئة التي دائما ما تقع الحكومة تحت سياطها.

لقد أثبت الحكومات المتعاقبة عجزها وفشلها في إدارة ملف البطالة والتشغيل، وكانت ذروة هذا الفشل مع حكومة الرزاز التي لم تستطع إقناع الشعب بإجراءاتها وأرقامها من حيث التدريب والتشغيل. وسكتت عن عدم إعلان فشل برنامج خدمة وطن لمعطيات ومبررات وجيهة كانت معلومة منذ البداية للكثيرين، لكن الاستفراد في اتخاذ القرار والارتجال في الممارسات من قبل بعض الوزراء، أسرع في تحقيق فشل كبير للمشروع.

إن ملف التشغيل هو ملف تم هدر الملايين فيه بذريعة الحد من البطالة وتوفير فرص العمل التي لم تعرف الحكومة أية جهة منها هي المسؤولة عن ذلك، لقد أكد وزير العمل السابق في عديد من تصريحاته مثيرة الجدل عن تبني وزارة العمل لملفات التعليم والتدريب والتشغيل، لكنه مع اصطدامه بالواقع البائس ، فقد تراجع عن فكرة أن تقوم الوزارة بالتشغيل، علما أن الملايين المرصودة كانت تحت وصاية هذه الوزارة.

لقد أنشات الحكومة هيئة لتنمية المهارات ومنحتها صلاحيات خارج الاختصاص بما يجعلها تتداخل مع العديد من الجهات ذات العلاقة ، علما أن فكرة الهيئة طرحت بالأصل لتكون مؤسسة وطنية ترعى التدريب وإجراء التقويم ومنح الشهادات بحسب المستويات المهنية، وأن تدمج المؤسسات الرسمية المتشابهة ، لكن تم حرف الفكرة عن غاياتها وتمددت لمآرب أخرى تمثلت بأن تصبح المسيطرة على التدريب والتشغيل والتمويل وإجراء الاختبارات ومنح الدرجات والشهادات.

في كل ذلك فقد قامت الحكومة بإنهاك مؤسساتها العامة ومنها مؤسسة التدريب المهني والشركة الوطنية للتشغيل وصندوق دعم التدريب والتشغيل وصندوق التنمية والتشغيل، والحد من عملها والتغول على ممتلكاتها بذريعة توحيد هذه الجهات تحت مظلة واحدة، فيما الحقيقة المرة أنه تم استقطاع أفضل ما في هذه الجهات لصالح ومصالح جهات خاصة، وبقيت في صورتها الكئيبة كالرجل المريض الذي لا شفاء له ولا إمكانية لإعلان وفاته فعليا.

لقد أوصلت الوزارة هذه المؤسسات إلى أن تصبح مجرد وحدات إدارية تابعة لأسطول الوزير شخصيا ولتصبح كحديقة خلفية للوزارة يقوم بزراعة وحصد ما يشاء منها دون أية مرجعية أو منهجية وطنية حقيقية.

إن مسلسل بيع القطاع العام أو تأجيره أو استبداله ما زال مستمرا بالرغم من كل الدعاوى التي تنادي بضرورة بقاء الدولة حاضرة في مؤسساتها وممتلكاتها الوطنية باعتبارها إرثا للأجيال وليست مجرد سلعة تباع وتشترى.

دولة الرئيس : هو حديث بدايات لكنه فعليا حديث منذ عقود يبحث عن إجابات وعن محاولات لتعديل المسارات.


majedalkhawaja3@gmail.com
 
تابعو الأردن 24 على google news