تحليل توثيقي لمجريات الأحداث للانتخابات البرلمانية
محمد عيسى العدوان
جو 24 :
بغض النظر عن اي أفعال او أقوال نختلف او نتفق معها على مجريات الأحداث التي تلت الانتخابات، هناك عدد من الثوابت كانت تترسخ على الأرض بشكل عفوي، والأهم هو شكلها المتسع في معظم أرجاء الوطن، فيجب أن نفهمها... على الاقل على شكل مؤشر تحليلي .
وقد وجدت أنها كانت تشكل القواعد المعيارية الجديدة التي تؤكد :-
- هذا وطن القبائل والعشائر - منذ الأدوميين و المؤابيين والعمونيين والانباط مرورا بالغساسنة ثم بالعزيزات الذين ناصروا الحق العربي وزمن انتصار الاردنيين لكل نداء عربي او إسلامي او إنساني ومعاهدة تل الخروبة زمن العثمانيين مثال، وما ترسخ بعدها بالهاشميين ومقررات العشائر الأردنية في مؤتمر (ام قيس) و(السلط) و توحيد الملك المؤسس لجميع العشائر والقبائل الأردنية من شتى أصولها العريقة على قلب رجل واحد من بني هاشم وحتى اليوم وإلى الأبد .
- هذا الوطن ليس بديل لأي وطن آخر او فئة أخرى ومن يحدد مستقبله هم ابناؤه الذين احتضنوا ويحتضنون كل العرب في منظومة الآباء الاردني والنخوة العربية الأصيلة مهما يحاول المتكسبون الذين وصفهم (عرار ) في رسالته للملك عبدالله الأول ،،،بانهم اذناب السفارات ،،،والمرتزقة المتنفعين .
- ان حماية العرش الهاشمي كانت وستبقى محل احترام الأردنيين وولاءهم العشائري والقبلي لا خلاف عليه من المجموع الاردني ،، لأنه صمام الأمان الذي صنعه المؤسس رحمه الله مع رجالات الأردن من شيوخ القبائل والعشائر بعيدا عن الإقليمية البغيضة،،، والدليل على ذلك ان كل رؤساء الوزارات في الاردن منذ التأسيس العام 1921 وحتى استشهاد الملك المؤسس رحمه الله عام 1951 كانوا عرب ومسلمين،، لم يكن بينهم اي رئيس وزراء اردني من أبناء العشائر والقبائل،، فنحن لسنا دعاءة عنصرية ولا إقليمية ولا عنجهية.
- العشائر والقبائل كانت الأكثر التزام بالمشاركة الانتخابية وهي التي كانت واضحة على صناديق الاقتراع ،، ولم تتقاعس عن المشاركة بأي شكل كان ،،،ونسبة الاقتراع كانت الأكبر والاميز بغض النظر عن الرأي مع او ضد المشاركة بوجود قانون انتخاب جدلي،،، فكانت خارج حدود المشاركة العشائرية اي في صفوف المدعين بانتماهم للمدرسة المدنية الصوريةالمشاركة الأضعف،،، لا بل كانت مشاركتهم بكل أستهتار ومناكفة وتباكي على الحقوق والتأثير ،،، مع ان التغير يبداء من التشريعات والقوانين تحت قبة البرلمان وليس على أبواب المنظمات المشبوهة او بالتباكي على ضياع هيبة الدولة وانعدام السلوك المتحضر وهذا ليس له علاقة بأي طعن في الإجراءات او مسيرة العملية الانتخابية فالفيصل لها القضاء وليس الادعاء بالاستهداف او بالتزوير فهذه ليست قضيتي لأن وان الدخول فيها كالحديث عن قميص عثمان ،،،الكل يدعي وصلا به.
- العشائر والقبائل هم الخط المساند للجيش العربي الأردني ،،ويجب الحذر من المساس بأمن الدولة الأردنية التكاملي وخطوطه التكاملية ،، وخصوصا في ظل مخططات التسوية النهائية في المنطقة واستهداف الدور الاردني .
- الفائزين القادمين من المؤسسة العسكرية يشكلون ربع المجلس المنتخب الجديد ،،،والعسكريين في مجلس الأعيان الجديد يشكلون الثلث ،، وهذه ايضا رسالة آن الأردن كان وسيبقى خط الدفاع الأول عن الأمة العربية ومحط آمال المستقبل،،، رغم تغير الأولويات في العالم العربي وبإن الثقة دائما برفقاء السلاح .
- تراث الأردنيين كان ولن يتغير بالتعبير عن الفرح من خلال استعراض القوة التي كانت دائما في خدمة حماية الأمة والأوطان،،، بغض النظر عن التفسيرات الشيطانية والتحليلات التنظيرية لهذه التصرفات،،، التي جاءات بكل بساطة وفرح وبعفوية ،،،وليس لها علاقة بالاستقواء على الدولة او القصد منها خرق القانون ،، فقد جاءت على نفس الأسلوب الاردني في التعبير عن فرحتهم سند للموروث منذ اختراع السلاح ووصوله الي أيدي الأردنيين ، والسبب مرده أنه لا يخلو بيت اردني من العسكرين او الشهداء والسلاح هو الرفيق الدائم للاردنيين، وليس غريب عليهم، منذ مابعد حرب 1948 ،وهو سلاح الكرامة ،،ولم يكن في يوم سلاح الاستقواء على الدولة او على المنظومة المدنية ،،،الفرق ان سلاح العشائر كان وسيبقى إلى جانب الدولة ولحماية الضعفاء والتاريخ الاردني منذ 100 عام اكبر شاهد واقرب مثال المجاهدية الأردنيين في الدفاع عن فلسطين على أسوار القدس واللطرون وباب الواد والشيخ جراح ،،، وأن كان هنالك اي تصرف حدثت خارجة عن حدود الفرح وبأسلوب التباهي المفرط والانفلات من بعضهم ،،، فهي مرفوض من أبناء العشائر والقبائل ذاتهم قبل غيرهم .
اخيرا ان العشائر والقبائل هي الأكثر خوفا والتزاما بالقيام بمهام حماية الدولة والمدنية والقانون،، والذي ترسخت منظومته بعد مائة عام من التأسيس تحت مسمى الانتماء والولاء،،، والأهم أنه لن يستطيع أحد أن يتخلص من هذا الانتماء القبيلي بحجة المدنية،، فليس مطلوب ان نتخلى عن الموروث والاصول،،، بل المطلوب الالتزام بما التزم به اجدادنا في سبيل المحافظة على طيب العادات والتقاليد والانصهار في الأمن المجتمعي ونبذ العادات الدخيلة والتصرفات الفردية،،وإعادة التركيز على الايجابيات العشائرية بدل إضاعة الوقت والجهد في محاولة فصل الروح عن الجسد والجلد عن اللحم ،،باستبداله بثوب ليس ثوبنا ،فنحن اصلا دولة نفتخر بأن اسم الدولة هو الاردن الوطني ومنظومة الحكم فيه للهاشمي العدناني الذي هو يمثل اقدم قبائل العرب رفعة وعراقة وتجذر ، حيث ان بني هاشم هم عامود العرب وقبائله منذ حلف (الحمس والفضول) في زمن ما قبل الإسلام،،، والنخوة والفزعة زمن الشريف الحسين بن علي والثورة العربية الكبرى ،،، وأن كان هنالك بعض التصرفات او الاختلالات،،، فحلها بسيط جدا ،،، بالاحتواء ،،، وزيادة الوعي،،، والإدراك بالمخاطر ،،،وبث الطاقة الإيجابية،،، وتأهيل العقل الجمعي لمؤسسة العشيرة المستنيرة،،كما فعل خالد بن الوليد عندما حول الانتماء والولاء للقبيلة إلى مكسب نهائية للدولة الإسلامية ،،، وكذلك بتعزيز رجال القبيلة والعشيرة المتنورين ،، وتعظيم قيمة الترابط والنخوة والشهامة في خدمة المجتمع والإنسانية،، والتخلص والتخلي عن خطاب التجيش والانسياق وراء الإعلام،، وفي تحويل كل شي إلى اللون الأسود ،، فنكون بذلك كسبنا ارثنا العريق وحاضرنا المنتج،،، ومستقبلنا الريادي ،، دون البقاء في دوامة جلد الذات،، وتبادل الاتهامات،،، والتباكي بلا أمل،، او التباهي بلا عمل .
الأردن كان وسيبقى الوطن العربي الأردني الهاشمي الأصيل ،،فيه عميد ال البيت النبوي،،، وعشائره مسلمة ومسيحية تحتضن الكل بدون منة ولا تفريق ،،،ولا تطلب إلا الحب ،،،والإخلاص ،،،والعمل .
واخيرا فإن ما حدث لاحقا بقيام أجهزة الحكومة المختصة بمصادرة ومتابعة المخالفين،، وفرض ما تراه مناسب من إجراءات ،،،يؤكد بكل وضوح أن سيادة وهيبة الدولة مصانة ،،،ويمكن فقط من خلال أجهزة الحكومة ان تفعلها ،،،بقرار وإجراء،،، وبدون اي ضجة او استغلال اعلامي.
الملك المؤسس عبد الله الأول رحمه الله كان يقول دائما،،،، « في المحن تزول الأحقاد ».
حمى الله الأردن،،، أرضه وشعبه وجيشه وقيادته الهاشمية العربية الأصيلة .