هل تدخّل الفيسبوك بالانتخابات الأردنية؟
د. فاخر دعاس
جو 24 :
في محاضرة تحت عنوان "هكذا ينتهك الفيسبوك الديمقراطية" للناشطة الأمريكية يائيل ايزنيتسات والتي عملت لفترة قصيرة في فيسبوك، أشارت إلى خطورة ما تقوم به مواقع التواصل الاجتماعي من تعزيز للكراهية والاستقطاب الحاد وعدم تقبل الرأي الآخر، وذلك من خلال الخوارزميات التي يطبقونها على مشتركيهم.
استوقفتني المحاضرة كثيرًا، وجعلتني أحاول قراءة ما طرحته هذه الناشطة من خلال واقعنا العربي بشكل عام والاردني بشكل خاص، لأخرج باستنتاج يتلخص في أن الفيسبوك يلعب دورًا أقذر بكثير مما كنا نتصور (تخيلوا أنني أكتب هذا الكلام على موقع الفيسبوك نفسه) .
"الحمد لله على نعمة البلوك" هي جملة تقرأها كثيرًا على صفحات الفيسبوك، تضاف الى مصفوفة الخوارزميات في تعزيز الاستقطاب وعدم تقبل الرأي الآخر او حتى الاستماع له .. جملة تعزز أكثر فأكثر مفهوم الانعزال والانغلاق على الذات وعدم الاستماع للرأي الآخر أو تقبله ..
إذا ما نظرنا إلى الفيسبوك "الأردني" من الخارج، فإننا نرى تكتلات لليساريين وأخرى للإسلاميين، وتكتل للسحيجة هنا وآخر للمعارضة هناك .. وهكذا.. حيث لا يظهر لكل شخص في التكتل سوى ما يتناسب ووجهة نظره، وتُحجب عنه وجهات النظر الأخرى، ليزداد تطرفًا في وجهة نظره، بل إنه كلما كتب بشكل متطرف أكبر، فإنه يحصل على إعجابات أكثر وفقًا لخوارزميات الفيسبوك، ما يجعله أكثر انشدادًا لوجهة نظره، في علاقة جدلية ما بين الخوارزميات وما يطرحه هذا الشخص.
أحد أهم أسباب نتائج الانتخابات الكارثية هنا في الأردن، هو هذا الاستقطاب العشائري والمناطقي الشديد الذي استطاع الفيسبوك تعزيزه بين المواطنين. وهنا لا أتحدث عن الترويج الإعلامي على الفيسبوك، وإنما الخوارزميات التي عملت على مدى سنوات من أجل ذلك، وإن كانت آلية الترويج الإعلامي تسهم بذلك أيضًا.
ملف شبكات التواصل الاجتماعي وخاصة الفيسبوك يحتاج دراسات جدية لكشف أثره على مجتمعاتنا. وهو الأمر الذي آمل أن يسهم الباحثون العرب في العمل عليه.
تقول يائيل ايزنيتسات في محاضرتها "الأكاذيب أكثر جاذبية من الحقيقة عبر الإنترنت" .. للحديث بقية.