في ذكرى رحيل وصفي التل.. الشعوب تستحضر رموزها ولا تعبه بالعابرين!
جو 24 :
محرر الشؤون المحلية - مسؤولون كثر سجلوا "انزعاجهم" من تعبير ملايين الأردنيين عن افتقادهم للشهيد وصفي التلّ في ذكرى غيابه ، والإشادة بإنجازاته كرمز وطني يعبّر عن الآمال والتطلّعات الشعبيّة.. آخر هؤلاء "المعترضين" ، او المنزعجين او المستغربين من حجم الاحتفاء الكبير بذكرى استشهاد وصفي التل كان وزير الصناعة والتجارة الأسبق، سامر الطويل، الذي نشر "اعتراضه" على هذه الحالة الجمعيّة التي شهدتها وسائل التواصل الاجتماعي، واصفا أبناء الشعب الأردني بـ "المتباكين"، ومطالبا الناس بتقديم مشروع يوازي مشروع الشهيد، عوضا عن رثائه!
بداية نعلم ما يقصده الطويل من وراء منشوره، ولا نشكّك أبدا في حسن نيّته، وأن ما أراد قوله هو ضرورة تبنّي مشروع الشهيد وتنفيذه، ولكن الطريقة التي أخرج بها فكرته كانت غير ملائمة على الإطلاق، ومسّت بمشاعر الناس الوطنيّة.
الاعتزاز الوطني بالرموز والقادة سمة طبيعيّة عند كافّة شعوب الأرض، وفي كلّ المراحل التاريخيّة، ومن غير المفهوم على الإطلاق أن نجد من ينكر على الناس هذه المشاعر، التي أيقظتها ذكرى غياب الشهيد.
استحضار ذكرى القادة التاريخيّين يعني ببساطة الاعتزاز بالهويّة والكرامة الوطنيّة، بل هو اعتزاز بالذات والأرض والكينونة.. ومن الطبيعي أن يعتزّ الأردنيّون بوصفي التل، الذي كان ولايزال يشكل حالة إجماع وطني، ويعبّر عن روح الهويّة الأردنيّة.
استحضار ذكرى الشهيد هو دلالة قبل أيّ شيء آخر على أن الفكرة لا تموت برحيل صاحبها، ودليل على التمسّك الكامل بمشروعه القائم على أساس العمل والإنتاج والاعتماد على الذات، وهو تشجيع لكلّ من يتولّى المسؤوليّة بأن يتبع خطوات الشهيد، ويتّخذه قدوة لتنفيذ مشروعه والاتساق مع رؤيته و مشروعه الوطني ، إضافة إلى كون هذا الاستحضار بمثابة الصفعات اليومية التي توجه لكل مسؤول حكومي فرط وساوم وباع واشترى ، لكل مسؤول خان الامانة واستغل السلطة واعتدى على المال العام ، هؤلاء يزعجهم ، يوتّرهم التفاف الناس حول مشروع وصفي، حول نقاء وطهر وصفي، حول بساطة وعفوية ووطنية وصفي .
تذكّر القادة، والرموز الوطنيّة، التي تصنعها الشعوب، ليس تباكيا كما يصفه الوزير الأسبق، بل هو استحضار طبيعي لتجاربهم الملهمة، وإنجازاتهم الوطنيّة، باعتبارهم هم من صنعوا التاريخ، والمجد الذي يعجز عن بلوغه الكثيرون.. وليس من المعقول أن يطالب أحد بأن تمرّ ذكرى الشهيد وصفي دون أن يلتفت إليها الناس، ويعبّرون عن مشاعرهم الوطنيّة.
المداخلة التي عبّر فيها الوزير الأسبق عن "انزعاجه" ممّا وصفه بـ "التباكي" هي بصراحة استخفاف بمشاعر كافّة الأردنيّين، بل وبحقّهم في استذكار مناقب الشهيد وتضحياته في سبيل الوطن والامة ، فمن غير المقبول ابدا أن ينظر أيّ مسؤول سابق أو حالي أو قادم إلى الشعب بهذه النظرة الاستعلائيّة الاستشراقية التي لا تراعي مشاعرهم الوطنية و لا تفهم معاني ودلالات هذا الحنين وهذا التوق لوصفي الفكرة والمشروع والمنجز !
مداخلة الوزير الاسبق سامر الطويل على صفحته الشخصية بالفيس بوك اسفل المساحة الاعلانية