jo24_banner
jo24_banner

الحرائق العربية والأردن: بين الاستقرار الحقيقي والكاذب

باسم سكجها
جو 24 : ذاكرتنا جيدة، ولكنها لا تسعفنا بأننا مررنا بمثل هذه الأجواء المسمومة من قبل، فالإنقسام في المجتمعات العربية لم يعد يقتصر على كونه طائفياً وجغرافياً ومناطقياً وعشائرياً وعرقياً، يوصل الى حمل السلاح واستخدامه، بل أصبح سياسياً دامياً، ولا أحد يُصدّق أن الاخوان المسلمين المصريين، وحدهم هم الذين يحملون السلاح ويستخدمونه، فالليبراليون والعلمانيون يحملون السلاح أيضاً، ولكنه في يد حليفهم، هذه المرة، وهو العسكرتاريا المصرية.
في سوريا، يقاتل الجيش الحر على اساس سياسي، وتقاتل النصرة على اساس ديني وطائفي، ويقاتل النظام على هذين الأساسين معاً، وفي العراق تختلط كل الأسباب بشكل عجيب مريب وغريب، ولكن النتيجة واحدة، ولا تبدو ليبيا بعيدة عن المرور بمسار جديد يحمل شكل الدموية المألوفة، ويتأسس على الدين والعشائرية والعرقية، ولا مجال للحديث عن لبنان وتقسيمه الواقعي.
الاساس المختلط سياسياً ودينيا على الطريقة المصرية هو المسار الذي يرشحه الخبراء لتونس، ونتحدث الان عن سيناء باعتبارها منطقة جغرافية ذات حدود خاصة، وكأنها ليست مصرية، ويدخل اليها الجيش المصري وكأنه جيش احتلال، ومع ان الترشيحات كبيرة بان تصبح شبه الجزيرة ساحة قتال استنزافي طويل، فلا احد في "التحرير" او "رابعة" يلقي بالاً للأمر، ويكتفي الاول بلوم الفلسطينيين وحماس، والثاني بلوم النظام والعلمانيين.
في اليمن حرب منسية، قد تشتعل في أية لحظة يراد لها ذلك، ويكتفي الخليج العربي بالعمل بما يعرفه ويملكه وهو المال، وهكذا فيتم استخدامه بشراء الاسلحة وتصديرها لساحات الحروب الاهلية العربية، وتبقى الجزائر التي ذاقت طعم الحرب الاهلية، التي قد تتكرر هذه المرة على اساس سياسي، والمغرب الذي يظل متماسكاً لانه الأقرب للغرب، ولا يراد لتداعيات لا استقراره ان تذهب الى الشمال.
من تبقّى، إذن، غير الاردن، الذي يعيش حالة استقرار تتراوح بين الحقيقية والكاذبة، هي حقيقية من حيث ان تناقضات مجتمعه ليست تناحرية، ولعلهم تعلموا من درس احداث أيلول التاريخية، ومن حيث إحكام ومهنية نظامه الأمني، وهي كاذبة من حيث كونه مُصدّراً للمقاتلين المتمرسين، الى افغانستان وباكستان ايام زمان والعراق في الماضي القريب وسوريا في الوقت الحاضر، وهؤلاء بالالاف، ومن حيث كونه مُصدرا للأسلحة كما تقول كل التقارير، ومن حيث حوادث العنف العشائرية والشبابية والرياضية وغيرها.
كان الشعار العربي: انج سعد فقد هلك سعيد، ولكن ثبت ان سعيداً لم ينج أيضاً، ولهذا فما دام التعامي عن الحقائق يسود البلاد العربية، أنظمة حكم وقوى سياسية ونخباً ومجتمعات، فستظل الحرائق في انتشار، والغريب المريب العجيب ان الحلول سهلة، ولا تخرج عن قليل من فهم الواقع، والتعامل معه بفهم الاخر والحرص على إفهام الاخر أيضاً.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير