لقاح كورونا الحائر!!
د. موسى العزب
جو 24 :
لقاح كورونا الحائر!!
بين صراع النفوذ السياسي الإقتصادي..
وبين ضرورات المعايير العلمية!!
أي مطعوم.. وبأي ثمن ؟
هل يجب أن نتعجل؟ أم علينا التروي والإستعلام بشكل أفضل؟
عدة مختبرات تتسابق في عدد من بلدان العالم.. يعملون منذ عام على لقاح ضد كوفيد-19!!
أليس علينا أن نبتهج لاخراجنا من هذا الكابوس/ تباعد/ حجر/ حجز/ عزل/مرض...
ونحن نرى أملاً في الأفق؟
هذا ممكن.. ولكن تعلمنا في الطب بأن إيجاد لقاح آمن وفعال، شيء معقد ويحتاج لفترة طويلة ليصبح واقعا عمليًا.
هناك مختصون يقولون بأن اللقاح سيوزع على نطاق واسع في نهاية هذا العام، ولكن هناك مختصون آخرون يشككون بذلك ويؤكدون أن التوزيع سيأخذ وقتاً طويلاً.
يخرج علينا علماء وأطباء وسياسيون يعلنون إستعدادهم ليكونوا أول من يتلقى أي مطعوم، ولكن قد يخفي هذا الإستعداد الإستعراضي أغراضا ملتبسة!!
يوم أمس حضر رئيس الحكومة البريطاني جونسون بنفسه، إعطاء أول لقاح في لندن، ولكنه لم يستطع أن يخفف من القلق الكبير داخل المجتمع البريطاني من المطعوم، سيما وأنهم لم ينسوا بعد ألاعيب رئيس حكومتهم عندما وقف يسخر من المرض، ويستخف بأخطاره، قبل أن يقع فريسة له!!
بالتأكيد كطبيب، ليس عندي موقف مبدئي ضد المطعوم، ولكن في الوقت الحالي الموضوع ليس واضحاً، أو أنه يطرح في ظروف ليست عادية.
كثير من العلماء يتملكهم القلق وهم يرون مطعوم يخرج خلال أشهر قليلة من طاقية الساحر، بينما لم يطلعوا حتى الآن على نتائج بحثية موثقة ومفندة!!
مختبرات فايزر الأمريكية تقول بأنها جربت المطعوم على 30 ألف شخص، وقد يكون هذا صحيحاً، ولكننا لم نر حتى الآن النتائج والمعطيات العلمية.
هناك تسرع في التعامل مع الموضوع بينما لا يوجد سببا ملحا لتحمل المخاطر قبل إكتمال مراحل تجربة المطعوم الاعتيادية.. خاصة وأن تقريرا لفايزر يقول: بأن هناك مريض واحد من كل 8 طور حالة خطيرة، بينما النسبة عند الاشخاص غير الملقحين بالمطلق كانت: مريض واحد فقط لكل 16 مريض.
وكلنا يدرك بأن سوق الأدوية واللقاحات العالمي تحيط به كثير من الشبهات المالية والمهنية والأخلاقية.. والأطباء أول من يعرف هذا.
على سبيل المثال دُفعت مئات الملايين لتسويق عقار Remdesivir الأمريكي الجديد، والذي طرح بقوة من قبل لوبيات ضغط مؤثرة، واشترى منه الإتحاد الأوروبي كمية بلغت أكثر من مليار دولار، ليتم توقيف إستعماله بعدما تبين -بالتجربة- بأنه عقار غير فعال، ويحمل سمية عالية.. فأمرت منظمة الصحة العالمية بسحبه.. كل هذا ونحن نعرف بأن اللقاحات الجديدة أكثر خطورة من العلاجات الجديدة!!
من جانب آخر يتساءل الكثيرون:
هل يوجد ضمانات أمان لهذه المطاعيم؟
ومن سيكون مسؤولاً عن تأثيراتها الجانبية إن وقعت؟
هل هي المختبرات الصانعة، أم بلد المشأ أم البلد المستهلك؟
المختبرات من جانبها تؤكد: لن نكون مسؤولين،
هناك في المؤسسات الأوروببة من يقول: سيكون عندنا معطيات خلال شهرين (وهي فترة قصيرة)، وبالتالي سنقوم بداية بتطعيم الاشخاص المعرضين أكثر للخطورة وهم الاكثر عرضة للاختلاطات والتأثيرات الجانبية، هذا يعني بأنهم قد "قبلوا" ضميا بدرجة معينة من المخاطرة.. إذن، هناك من يقبل بأن يكون الإنسان "فأر تجارب"، في أجواء محمومة في صراع المصالح والسيطرة على السوق.. مع العلم بأن التجارب تجري عادة على شباب متطوعين أصحاء.
طريقة عرضي للموضوع وحجم التساؤلات والإفتراضات المطروحة تعكس حالة السجال الساخن في موضوع اللقاحات حول العالم، كما تعكس حجم الأبعاد العلمية والتجارية والقيم الأخلاقية التي يتم إنتهاكها في هذا الملف.
في هذه العجالة لن أتطرق لأشكال المطاعيم المختلفة التي يتم تسويقها الآن وبغض النظر عن البلد المنتج.. والتي من الممكن حصرها في ثلاث عائلات حسب التقنية المستعملة في تصنيع اللقاح، ( وبإمكان أي أحد الإطلاع عليها في المواقع الإلكترونية).. ولكن معظم الجدل يدور حاليا حول العائلة الثالثة التي تصنعها شركة فايزر الأمريكية العابرة للقارات!!
وهذا ليس لقاحا بالمعنى الكامل للمصطلح، ولكنها أقرب إلى منتجات علاجية وراثية RNA، حيث لا يوجد فيروس نشط أو خامل داخل اللقاح بل ناقل فيروسي. حيث يتم إستعمال الحمض النووي، mRNA المُخزن لشيفرة البروتين الشهير سبايك الموجود على سطح الفيروس والذي يستخدمه للإرتباط بمستقبلات خاصة به على الخلايا البشرية، حيث يقوم بارسال رسالة تتعرف عليها خلايا الانسان كاجزاء من شيفرة الفيروس، تحدث شكلاً من التحول الجيني. هذه الطريقة طبقت على المنتجات الزراعية، وعلى الحيوانات بصورة محدودة جداً، وبالتالي في هذه الحالة سيكون الانسان فأر التجارب الحقيقي في هذا المجال.
قد ينجح ذلك ونحصل على لقاح فعال وقابل للتطوير،يسهم في حصر إنتشار الوباء، ولكن أيضا قد يعطي نتائج كارثية على جسم الانسان، ويتخوف البعض من أن هذه التقنية قد تورث مشاكل على المدى البعيد، وتأثيرات وراثية لاطفال المستقبل!!
وقد زاد من القلق والشكوك عند الناس، النشريات المتعددة الصادرة عن جهات غير مختصة، أقرب إلى الهرطقات العلمية مخلوطة بإتهامات مزعومة حول نوايا بزرع شرائح مراقبة دائمة عند من يتلقى المطعوم..
بدورنا، نحن لم نرى نتائج عملية جادة وموثقة حتى الآن، كل ما رأيناه هو اشتعال بورصة الشركات الصانعة، وصراع دولي محموم حول السيطرة على الأسواق، وارقام بمليارات الدولارات عن الفوائد المنتظرة.
وما يزيد من أسباب التشكك عند المهتمين؛ تلك المفارقة الفاضحة في رؤية الشركات وبعض الحكومات تنفق المليارات على اللقاحات، بينما لا يوجد من يهتم بما يكفي لتحسين الإختبارات وفحوصات مصل المريض وأدوات التشخيص المبكر.
نحن بحاجة ملحة لإجراء دراسات ومراقبة كافية، وفي جميع الحالات، وكما هو الحال في كل شؤون الطب؛ يجب مراعاة القاعدة الذهبية؛ معادلة الفعالية والسلامة، والإنتباه للدوافع المصلحية المادية..
وحتى الآن، هناك -في الأوساط الطبية الرصينة- من يطرح سؤال فيما إن كان هناك أصلا حاجة للقاح للكورونا، بينما معدل الوفاة أقل بكثير من 1%؟
ولم يسبق أن مر علينا في تاريخ الطب بأننا جرينا وراء تطعيم مئات الملايين من البشر، بلقاح مبهم، وبشكل متسرع، وكلفة عالية، أمام فيروس أصبحنا نعرفه بصورة أفضل، ويمكن التعامل معه، ولا يقتل إلا في حالات محددة، تكاد تكون محصورة بفئات معرضة، ونسبة وفاة متدنية.