الاستثمار والمديونية واوضاعنا الاقتصادية (1)
محمد عربيات
جو 24 :
يعد اقتصاد اي دولة ركن مهم لقوتها، ولا يقل اهمية عن القوة العسكرية ، فتحقيق نمو اقتصادي يتبعه ازدهار يجعل من الدولة قادرة على ان تكون مؤثرة ويحسب لها الف حساب، والامثلة كثيرة على دول كان اقتصادها ضعيف واصبحت قوة اقتصادية لا تحتاج مساعدات او قروض من مؤسسات دولية.
الاردن ومنذ نشأته وارتفاع عدد سكانه وبالرغم من خطط التنمية من خمسية وعشرية ومؤتمرات دولية لجذب الاستثمار ودراسات الجدوى الاقتصادية لمشاريع مختلفة ، وعقد ندوات محلية وانشاء لجان مشتركة مع دول عربية ودول صديقة الا ان كلفة هذه الامور فاقت الملايين ولم تنتج ما يمكن ان يضخ باقتصادنا المنهك حياة.
وجائت حكومات لتقول ان خصخصة الشركات هو الحل لازمة المديونية، وبيعت الشركات والمؤسسات وما جاء بتقرير لجنة التخاصية برئاسة الدكتور عمر الرزاز قبل ان يصبح رئيسا للوزراء فيه الكثير حول بيع الشركات، والتي تم بيعها بابخس الاثمان لتدر ارباحا بجيوب المستثمرين وتحرم الاقتصاد الاردني من ايرادات ضخمة ، عدا عن لجوء المستثمرين لعمليات فصل واسعة للعمال بحجة الهيكلة مما ادى لرفع مستوى البطالة، ولا ننسى ايضا ارتفاع نسبة المديونية التي فاقت نسبتها 100% من الناتج الاجمالي للاقتصاد الاردني، وما اتفاق حكومة دولة الدكتور عمر الرزاز مع صندوق النقد الدولي قبل استقالتها لاستبعاد مديونية الحكومة من اموال الضمان الاجتماعي التي فاقت 65% من اموال الضمان لغايات لا تخفى على احد ، بالرغم من العذرالذي قدمته حكومة الرزاز لاستبعاد مديونية الحكومة من اموال الضمان الاجتماعي وهو اقرب لعذر اقبح من ذنب للاسف الشديد، وسيكون مدخلا لزيادة الاقتراض، وكلنا يعرف نتائج الارتهان لاوامر الجهات الدائنة واثره على قرارنا المستقل في كثير من الامور التي تحاك بالغرف المظلمة، والتي يرفضها شعبنا الاردني بكافة اطيافه والتي يعرف الجميع ما تهدف اليه .
قبل اكثر من عام تم تكليف الدكتور خالد الوزني برئاسة هيئة الاستثمار ، ولا تربطنا بالدكتور اية علاقة او مصلحة، ولكن عرفناه كما عرفه غيرنا ، وسيرته الذاتية معروفة وعمل بالكثير من المواقع ، سواء بالديوان الملكي وبالضمان الاجتماعي رئيسا للمؤسسة ، وعمل بشركات مختلفة محلية وبدولة الامارات الى ان تم تكليفه برئاسة هيئة الاستثمار ، استقالته وبعد مدة تزيد عن عام جاءت متزامنة مع وفاة والدته رحمها الله ، ولكن وللاسف الشديد ان اغلب المسؤولين عندما يقدموا استقالتهم ، وتتأمل نصوصها والتي تأتي بعبارات فضفاضة تحتمل الكثير من التفسيرات ، الامر الذي يثير الكثير من التكهنات والاقاويل ، الى ان يتسرب بعد ذلك احاديث منسوبة للمسؤول يذكر فيها سبب الاستقالة ، والامثلة كثيرة عدا ما يقوله بندوات فكرية تعقدها مراكز دراسات ايضا ، اللافت في استقالة الدكتور خالد الوزني وليست اقالته او انهاء خدماته كما يحصل مع اخرين ، ونقتبس هنا ما ذكره الدكتور الوزني بالاستقالة ( أما وقد جاء اليوم الذي اغادر فيه موقعي كرئيس لهيئة الاستثمار، بعد ما يقارب العام وأربعة أشهر من العمل معكم ومن خلالكم وبمعيتكم، مجتهدين سوياً لتقديم الجهد والبذل والعطاء، لخدمة وطننا الغالي وقيادتنا الهاشمية الغالية، والمواطن الأردني العزيز. إنني اليوم اشكر كل واحد منكم على التعاون التام، وعلى المساندة، وعلى التوجيه والمشورة الدائمة. لقد اجتهدت بما استطيع، وكغيري من الناس أصيب واخطئ، والحمد لله أنه عز وجل، يؤجْر حتى المخطئ في اجتهاده، طالما كان يعمل بوحي من الإخلاص والأمانة وتجنيب المصالح الشخصية،،، اغادركم اليوم وأملي من الجميع العمل لما فيه مصلحة أردننا الحبيب. واشكر الله اننا قطعنا سوياً اشواطاً طيبة ومراحل مميزة في العديد من المشاريع والتوجهات والخطط، وأرجو هنا أن أتمنى أن تستمر المسيرة، خاصة في المشاريع التي بدأ العمل عليها من فرق مميزة في الهيئة، مع خالص الشكر لعطوفة الأمين العام الذي يدعم ويساهم في هذه الجهود جميعها ) انتهى الاقتباس .
يلاحظ اشارة الدكتور للعمل بروح الفريق داخل الهيئة ، وهذه الروح مطلوبة بالعمل المؤسسي الذي يهدف النجاح ، وكثيرا ما سمعنا مسؤولين يكثروا من استخدام عبارة العمل بروح الفريق ، ولكن النتائج ليست بالمستوى المنشود ، وقد يكون غياب العمل بروح الفريق احد اسباب عدم تحقيق نتائج ذات اثر ايجابي للاقتصاد الاردني ، اما حديثه حول الاخلاص والامانة وتجنيب المصالح الشخصية ، فاترك لكل ذو لب فهمها ومعرفة المعنى والرسالة المقصودة بهذا الكلام ، ويمضي الدكتور الوزني داعيا الجميع العمل لما فيه مصلحة اردننا الحبيب ، عدا عن دعوته لمتابعة المشاريع التي بدأ الغمل عليها كما جاء بالاستقالة ، وهذا ما نأمل ان يكون موجود لدى كل مسؤول يتقي الله بوطننا الحبيب ، ولكن ومن خلال صفحته الشخصية بالفيسبوك اشاد الدكتور الوزني بدولة الرئيس بشر الخصاونة فقد كان يدعم ما يقوم به الدكتور الوزني ، ويتواصل معه بشكل مباشر ومصمم على استمرار العمل ، ولكن ظروف شخصية ومهنية منعت ذلك ، وجاء تعليق الدكتور الوزني هذا بعد نشر نص الاستقالة بوسائل الاعلام ، ندعوا الله للدكتور الوزني بالتوفيق والنجاح ، وندعوا الله ان يسخر لوطننا رجال يتصفوا بالقوة والامانه والاخلاص.
للحديث بقية فتابعونا..