jo24_banner
jo24_banner

بدر، الفرقان، والتفويض!

حلمي الأسمر
جو 24 : وقف النبي -صلى الله عليه وسلم- يناجي ربه أن يُنزِل النصر على المسلمين، وأخذ يستغيث ربّه قائلاً: «اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آتني ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تُعبد في الأرض».
وفي رواية كان يقول: «اللهم هذه قريش قد أقبلت بخُيلائها وفخرها، تحادّك وتكذِّب رسولك، اللهم فنصرك الذي وعدتني، اللهم أحنهم الغداة» حتى سقط الرداء عن كتفيه وهو مادٌّ يديه إلى السماء، فأشفق عليه أبو بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- وأعاد الرداء إلى كتفيه والتزمه (احتضنه) وهو يقول: يا نبي الله، كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك! فخرج النبي -صلوات الله عليه- وهو يقول: »سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ» «القمر: 45».
بدأ القتال بمبارزة كان النصر فيها حليف المسلمين، فحمي القتال، وقتل 70 من المشركين، وأسر مثلهم، وكان من بين القتلى أئمة الكفر: «أبو جهل» و»عتبة وشيبة ابنا ربيعة» و»أمية بن خلف»، و«العاص بن هشام بن المغيرة».
أما المسلمون فاستشهد منهم 14 رجلاً، 6 من المهاجرين، و8 من الأنصار. وكانت هذه الموقعة العظيمة في السابع عشر من شهر رمضان من العام الثاني للهجرة، في مثل هذا اليوم تماما، حيث تشخص الأبصار إلى أرض الكنانة، في جمعة الفرقان، كما يسميها معارضو عسكرة الدولة، وجمعة التفويض، كما يسميها الإنقلابيون!
في معيار المعارك، لم تكن بدر غير «طوشة» أو «عركة» كبيرة، من تلك النزاعات التي قد تقع بين مجموعتين، لكنها في معيار التاريخ، كانت من المعارك الفاصلة، التي غيرت وجه التاريخ، ولا أريد أن أغامر فأقول إن شأن ما سيحصل في مصر اليوم شيء من هذا القبيل، حيث يستعد الطرفان لإظهار قوتهم مع فارق كبير هنا، وهو أن فريق الإنقلابيين مدعوم بلا حدود من أجهزة الدولة كافة المسخرة لخدمته، فضلا عن غالبية الدول العربية او جلها -والغربية طبعا- ولا يقف ضده احد بشكل جدي إلا تركيا وقطر إلى حد ما، ولكنهما لا شأن لهما بالصراع، ولا يزيد موقفهما أو ينقص من قوة أي من الطرفين، أما الطرف الرافض لعسكرة الدولة والإنقلاب وخطف الرئيس المنتخب، فلا يقف معه أحد في الداخل والخارج إلا الشعوب المقهورة، التي سئمت الذل والهوان، وسيطرة البساطير على رؤوسها، ما يدفعني لتذكر تلك الآية الكريمة (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) الأنفال 26.
وإني لآمل شخصيا أن تتحقق هذه الآية فعلا، فيكون المستضعفون في مصر أهلا لمثل هذا الموقف، فهم على حق، وغيرهم على باطل، وأسأل الله مخلصا أن يحق الحق ويظهر الباطل، انه على كل شيء قدير!
(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news