jo24_banner
jo24_banner

المصيبة أن كلامه مقنع تماما على سبيل تصريحات طوقان

د. ماجد الخواجا
جو 24 :
 طبعا ومن البداية أقر بجهلي المطبق فيما يتعلق بالفيزياء والكيمياء والهندسة النووية ناهيك عن الكعكة الصفراء والبنفسجية.
لكن كعادته يستوقفك خالد طوقان في طلته الجميلة والأنيقة منذ أن كان وزيرا للتربية والتعليم، عندما كان يخرج علينا بهذه الأبهة ليمارس أستاذية عز نظيرها على المجتمع بأسره.
في لقائه المخطط له تماما مع الزميل محمد الخالدي، أطال معالي طوقان الحديث المتخصص والعميق والأكاديمي في حكاية الفكرة النووية الأردنية. لم يجد مثالا للضحالة أو عدم القيمة غير الإعلام ليضرب المثل فيه بأن علوم الذرة ليست مجرد كتابة مقالة أو خبر صحفي.
واضح حجم المحبة التي يكتنزها طوقان للإعلام والإعلاميين. وكم غبطت زميلي الخالدي الذي حظي بهذا اللقاء الوطني الهام مع عظيم الذرة والنووي الأردني.. والحقيقة استوقفني أيضا سؤال معاليه للخالدي أنه لا يعرف شيئا في علوم الذرة.. حيث فكرت مليا في تحويل استغراب طوقان إلى مادة في الإعلام عنوانها : هل مطلوب من الإعلامي أن يكون ملما بجميع المعارف والعلوم حتى يقوم بتنفيذ لقاء صحفي أو متلفز؟ هل هناك حاجة للإعلام المتخصص أي أن يكون الشخص متخصصا في مجال ما، ومن ثم يحصل على تأهيل أو تدريب إعلامي، بحيث تكون اللقاءات والبرامج تحمل اسم وعنوان متخصص كأن تكون مثلا: اللقاء الرياضي، الصحي، الثقافي، اللغوي، السياسي، النفسي، وهكذا... .
عودة لطوقان وما تحدث به في اللقاء، لقد قال معاليه وفصل في الكثير من المبررات والمسوغات للمشروع النووي الأردني، لن أتحدث عن الرواتب، فهي كما أظهرها طوقان معقولة جدا وتتماشى مع سلم الرواتب في الأردن ضمن هذه التخصصات النخبوية، لقد شعرت بضآلة حقيقية أمام عظمة الحديث النووي، خاصة عندما أشار معاليه لشخص يحمل تخصص الكيمياء النووية ووصفه بندرة الندرة.
وتحدث فيما تحدث وأنا شاخص أستمع كتلميذ بليد لأستاذ عظيم الشان والرفعة، أن المشاريع النووية لا تبحث وليست معنية بما يدعى الجدوى الاقتصادية. وأن المفاعل البحثي الأردني الأول يعمل الآن بسواعد وعقول وطنية تم بناؤها وتم الاستثمار فيها، مع تلميحة بسيطة أن هناك أردنيون تم تأهيلهم يعملون الآن في دولة خليجية. أي أن الهيئة توفر فرص عمل وبالتالي تحد من البطالة وتساعد الحكومة في خططها للتقليل من أعداد العاطلين عن العمل.
لست جريئا أكثر مما يجب ولا أحمقا أكثر مما ينبغي كي أتمادى في تحليل الخطاب الذي أفاض علينا به معاليه بالأمس مساءا والبارد الشتوي .. كان حديثا دافئا جعلني أبتعد عن المدفأة كي أقترب أكثر من وهج وشعلة ما يتفوه به معاليه.
قبل أن أنهي فإن طوقان تحدث بنوع من التهكم عن التجربة المصرية ومفاعل أنشاص ، ثم تحدث بموضوعية عن مشاريع التوليد للطاقة النووية في الإمارات وبكلف تجاوزت عشرات المليارات من الدولارات، ثم تحدث بفخر عن تجربته – عفوا- تجربتنا الأردنية في بناء المفاعل البحثي. ولم ينس معاليه عقد بعض المقارنات من حيث الأداء والكلفة في بناء المفاعل البحثي المنتج لليود الآن، وبين التجارب الدولية الروسية والكورية والأمريكية وغيرها.
لكنه لم يتحدث عن أن هناك إمكانيات أكبر بكثير وأن هذه الدول لم تتوقف عند بناء مفاعلات بحثية وأنها وصلت لمراحل انتاج الكهرباء المجدية اقتصاديا ناهيك عن حاجتها لفرض نفسها كقوة نووية.
يبدو أن ما يدور في ذهن خالد طوقان شيء أكبر من طموحاتنا ومقدراتنا الوطنية، فهو يتحدث عن وضع الأردن على خارطة الدول النووية.
للحقيقة أكررها أن معالي الدكتور المهندس النووي خالد طوقان دائما يبهرنا بمنطق وحجة ومبررات لا مجال لمجرد التفكير بالتحاور فيها، لأنها أكبر من ملكاتنا العقلية، ولأنها تصدر من قامة تمتلك كافة أسباب الإقناع لأمثالنا من الضحلين الغوغائيين الذين لا يعرفون مصلحتهم الشخصية، فكيف بمصلحتهم الوطنية.
حقا لا تجد منفذا لنقد ما يصرح به طوقان... وهذه هي الكارثة بعينها...

تابعو الأردن 24 على google news