jo24_banner
jo24_banner

خريطة الدم في العالم العربي

نضال منصور
جو 24 :
في رمضان شهر التسامح يبدو المشهد في العالم العربي أكثر اشتباكاً ودموية، وحالة التنافر والصراع تطغى على كل مفردات الوحدة والتعايش والحوار، ويصبح الحديث عن قبول الآخر "رجسا من عمل الشيطان"، في بيئة سياسية واجتماعية قائمة على الإقصاء والتهميش.
العراق رغم مرور عشر سنوات على سقوط صدام، والتغني بديمقراطية لم تولد، وترسخ الصراع الطائفي، فإن العبوات المتفجرة ما تزال تحصد كل يوم أرواح العشرات من العراقيين الذين لا ذنب لهم، سوى أنهم "تروس" في طاحونة الصراع بين الزعامات التي تسيدت المشهد العراقي.
وفي اليمن ذهب الرئيس علي عبدالله صالح بفعل الثورة والربيع العربي، وجاء رئيس جديد، وما يزال حوار المصالحة عالقا، واليمن يضيع بين حوثيين يكرسون انفصالهم، وجنوبيين "كافرين" بسلطة الشمال التي همشتهم وهشمتهم في آن واحد معاً.
اليمن السعيد تعيس، لم تحل الثورة مشاكله الاجتماعية والاقتصادية، وهو معلق ورهن الموقف الخليجي.
وفي سورية، يلخص الموقف، مسلسل يعرض برمضان عنوانه "سنعود بعد قليل"، أشقاء وشقيقات منقسمون بين معارضة النظام وبين تأييده، وغالبية محتارة لا موقف لها، وضائعة بين حالة التجاذبات السياسية والمصالح، وتجار مستفيدين من حرب دموية تستهدف كل شيء.
لا يبدو في الأفق حل لما يحدث في سورية، فالنظام لم يضعف ليسقط، والمعارضة غير متفقة وغير موحدة، والعالم يتفرج على مسلسل تصفية كل الأطراف على الأرض السورية، النظام وجيشه مع المعارضة بجيشها الحر، يضاف لهم كل المتطرفين سواء من تنظيم القاعدة أو جبهة النصرة، إنهم يريدونها مقبرة للجميع.
وفي رمضان اغتال سلفيون متطرفون المعارض وعضو المجلس التأسيسي في تونس محمد البراهمي، بدم بارد قتلوه، وتركوا بلد ثورة الياسمين تتخبط خوفاً من استمرار حرب الاغتيالات ضد المعارضين، فمن قبل اغتيل بذات الطريقة المناضل الشهيد شكري بلعيد، ورغم كل خطابات التنديد من السلطة الحاكمة بقيادة حزب النهضة، فإن شيئاً لم يحدث، وظل القتلة طلقاء، واليوم يعلن وزير الداخلية أن البراهمي اغتيل بنفس السلاح الذي قُتل به بلعيد، ولكن السؤال الملح أين السلطة، وأين أجهزتها الأمنية، والأخطر، أليس هؤلاء السلفيون المتشددون هم من كانت تتفرج عليهم سلطة حزب النهضة يكبرون ويشقون عصا الطاعة؟!.
وفي مصر يتعمق الانقسام المجتمعي بين أنصار ومؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي، وبين معارضيه الذين يرفضون حكم "الإخوان المسلمين"، والمشهد كل يوم يتطور باتجاه انقسام أكبر، فبعد عزل الرئيس مرسي، وتعيين رئيس مؤقت، وتشكيل حكومة جديدة، أُعلن عن حبس مرسي بتهم متعددة أساسها قضية هربه من سجن النطرون خلال ثورة 25 يناير.
من غير المعروف إلى أين تذهب الأزمة في مصر، وهل ستجد الأطراف السياسية أرضية مشتركة للجلوس على طاولة الحوار والمفاوضات، أم أن التجاذبات تدفع الفرقاء إلى معركة كسر عظم؟!.
المراقبون للمشهد المصري يرون أن التصعيد سواء من الإخوان المسلمين أم من الجيش وحلفائه، هدفه الأساسي تحسين كل طرف لشروطه التفاوضية عند الجلوس للبحث عن حل.
على هامش ما يحدث، تتلخص أمنيتي بأن لا تراق دماء في بلد النيل، وأن لا تهزم الثورة لتحل سلطة مستبدة، وأن يفهم الجميع بأن التوافق هو الخيار المتاح لإنقاذ مصر من الاستبداد والإرهاب.
دولة القانون تستباح، والعصابات تريد أن تفرض سلطتها، وشعارات بلد الأمن والأمان التي نتغنى بها تصبح على ضوء ما جرى في خبر كان، فمن يمنع الانهيار في الأردن، ما دام هناك نار تحت الرماد.
هذه هي فسيفساء المشهد في العالم العربي في شهر رمضان .. هل تريدون أكثر من ذلك تفاؤلاً وتعايشاً ومحبة وسلاماً؟!.
كلنا نعيش على فوهة البركان، وعالمنا خريطة تتعمد بالدم .. من المحيط إلى الخليج!.
nidal.mansour@alghad.jo
(الغد)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير