حمّى الأرقام في فضائيات الفلول وزميلاتها العربيات!!
ياسر الزعاترة
جو 24 : قلنا مرارا أن التاريخ سيكتب أن أكبر عملية تزوير وكذب وشيطنة هي تلك التي تعرض لها الرئيس المعزول مرسي منذ لحظة فوزه بالرئاسة، وليس بعد ذلك بشهور بعد فشله المزعوم، لكن التاريخ سيكتب أيضا أن الأسابيع الأخيرة قد شهدت أكبر عملية دجل وتزوير في التاريخ أيضا قامت بها فضائيات الفلول، ونفذها حشد من السياسيين المناهضين للإسلاميين في مصر المحروسة.
ولعل البعد الأبرز في عملية التزوير والدجل التي تابعناها هي تلك التي كانت تبرر الانقلاب على الشرعية في مصر بأرقام المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع يوم 30 يونيو، وحيث بدأ مزاد الأرقام من 17 مليونا وصلت 33 مليونا في الخطاب الأعم، بينما زادت عن ذلك في خطاب بعض الذين لا يجدون بأسا في الإمعان في الاستخفاف بعقول الناس. وقد تكررت معزوفة الكذب من جديد في متابعة حشود السيسي الأقل شأنا يوم الجمعة الماضية.
من تابع الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي خلال الأسابيع الأخيرة، لا بد أنه وجد حشدا من التقارير ومقاطع الفيديو التي تفضح هذه اللعبة بطريقة واضحة، ومنها تقارير لقنوات محترمة مثل البي بي سي رغم انحيازها الواضح لصالح الانقلاب بسبب غلبة الموقف الداعم للانقلاب على الموظفين المصريين العاملين فيها.
كانت بداية القصة من الصور التي التقطت من الجو من خلال مروحية رافق فيها السيسي المخرج السينمائي المعروف خالد يوسف، والذي التقط صورا لميدان التحرير ودبلجها، ثم سربت إلى فضائيات الفلول وجرى بثها على أنها مباشرة على الهواء.
والحال أن العارفين بميدان التحرير والشوارع المحيطة به يُجمعون على أن سعته لا تتجاوز 400 ألف إنسان بحساب أربعة في المتر المربع الواحد، الأمر الذي يبدو مبالغا فيها، وإذا أضفنا له الحشود الأخرى، فإن رقم من خرجوا يوم 30 يونيو لا يمكن أن يتجاوز بحال مليون إنسان، وإذا بالغنا كثيرا فهم مليونان.
للتذكير فقط، فقد خاضت معارضة الرئيس مرسي خمس جولات انتخابية خسرتها جميعا، وآخرها لم يكن بعيدا، أعني الاستفتاء على الدستور الذي صوّت لصالحه 64 في المئة من الناس، وكان هذا بحد ذاته أكبر دليل على الحجم الذي تحظى به قوى المعارضة، ولا ننسى الجولات السابقة قبله.
وإذا تذكرنا أيضا أننا نتحدث عن يوم واحد هو 30 يونيو، تماما كما نتحدث عن يوم واحد دعا فيها السيسي الناس للنزول إلى الشوارع لمنحه بيعة للرئاسة (لم يقل ذلك، لكنها الحقيقة)، وتفويضا بمواجهة “العنف والإرهاب المحتمل”، فإن بقاء أعداد غفيرة من الناس، هم أكثر من حشود 30 يونيو في الميادين لحوالي شهر ضد الانقلاب، يجعل مقولة الإرادة الشعبية ساقطة تماما.
في مصر 50 مليون ناخب فوق 18 عاما، من بينهم أكثر من خمسة ملايين خارج البلاد، ما يعني أن العدد هو 45 مليونا، فهل خرج 30 منهم يوم 30 يونيو، أو يوم الجمعة 26 يوليو؟ الجواب هو لا قاطعة، لاسيما أن عدد النساء في المظاهرات كان محدودا، وهن نصف الشعب، ومعهن كبار السن، ما يعني أن رقم من يمكن أن يتظاهروا لو نزلوا جميعا لا يتعدى 20 مليونا بأي حال من الأحوال في طول مصر وعرضها، فعلى من يبيع القوم تلك البضاعة الفاسدة؟!
ليس في المنطق الديمقراطي شيء اسمه الحشود. الحشود تستخدم للضغط السياسي من أجل تحقيق مطلب ما، ولينتهي الأمر بالاحتكام إلى صناديق الاقتراع، لكن القوم يعرفون تماما أن الصناديق تفضحهم، وحتى بمنطق الحشود كان القوم قبل أن تتبنى الدولة العميقة مشروع 30 يونيو، بل ترتبه كما فضحت ذلك منى مكرم عبيد، للانقلاب على الرئيس؛ كانوا يعجزون عن حشد 10 آلاف فيما كانوا يسمونه مليونيات، فكان أن جمعوا بضاعتهم في يوم واحد مع الفلول والكنيسة وبدعم من الأزهر. ولولا دعوة السيسي نفسه للتظاهر في الجمعة الماضية، لما تمكنت جبهة الإنقاذ ومن يسمون “تمرد” من حشد بضعة عشرات من الآلاف بأي حال، بينما تمكن أنصار الشرعية من حشد بضعة ملايين في طول البلد وعرضه طوال شهر كامل، ونقول ملايين، وليس عشرات الملايين.
لقد كنا إزاء عملية تضليل بشعة هدفها تبرير انقلاب عسكري يعلم العالم أجمع حقيقته، تماما كما يدركها الشعب المصري أيضا، لكن ميزان القوى كان لصالح الانقلابيين داخليا وخارجيا، وهذا هو ما منحهم فرصة الانقلاب، ومن ثم الإمساك بالوضع، وليس الشرعية الشعبية المزعومة.
الدستور
ولعل البعد الأبرز في عملية التزوير والدجل التي تابعناها هي تلك التي كانت تبرر الانقلاب على الشرعية في مصر بأرقام المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع يوم 30 يونيو، وحيث بدأ مزاد الأرقام من 17 مليونا وصلت 33 مليونا في الخطاب الأعم، بينما زادت عن ذلك في خطاب بعض الذين لا يجدون بأسا في الإمعان في الاستخفاف بعقول الناس. وقد تكررت معزوفة الكذب من جديد في متابعة حشود السيسي الأقل شأنا يوم الجمعة الماضية.
من تابع الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي خلال الأسابيع الأخيرة، لا بد أنه وجد حشدا من التقارير ومقاطع الفيديو التي تفضح هذه اللعبة بطريقة واضحة، ومنها تقارير لقنوات محترمة مثل البي بي سي رغم انحيازها الواضح لصالح الانقلاب بسبب غلبة الموقف الداعم للانقلاب على الموظفين المصريين العاملين فيها.
كانت بداية القصة من الصور التي التقطت من الجو من خلال مروحية رافق فيها السيسي المخرج السينمائي المعروف خالد يوسف، والذي التقط صورا لميدان التحرير ودبلجها، ثم سربت إلى فضائيات الفلول وجرى بثها على أنها مباشرة على الهواء.
والحال أن العارفين بميدان التحرير والشوارع المحيطة به يُجمعون على أن سعته لا تتجاوز 400 ألف إنسان بحساب أربعة في المتر المربع الواحد، الأمر الذي يبدو مبالغا فيها، وإذا أضفنا له الحشود الأخرى، فإن رقم من خرجوا يوم 30 يونيو لا يمكن أن يتجاوز بحال مليون إنسان، وإذا بالغنا كثيرا فهم مليونان.
للتذكير فقط، فقد خاضت معارضة الرئيس مرسي خمس جولات انتخابية خسرتها جميعا، وآخرها لم يكن بعيدا، أعني الاستفتاء على الدستور الذي صوّت لصالحه 64 في المئة من الناس، وكان هذا بحد ذاته أكبر دليل على الحجم الذي تحظى به قوى المعارضة، ولا ننسى الجولات السابقة قبله.
وإذا تذكرنا أيضا أننا نتحدث عن يوم واحد هو 30 يونيو، تماما كما نتحدث عن يوم واحد دعا فيها السيسي الناس للنزول إلى الشوارع لمنحه بيعة للرئاسة (لم يقل ذلك، لكنها الحقيقة)، وتفويضا بمواجهة “العنف والإرهاب المحتمل”، فإن بقاء أعداد غفيرة من الناس، هم أكثر من حشود 30 يونيو في الميادين لحوالي شهر ضد الانقلاب، يجعل مقولة الإرادة الشعبية ساقطة تماما.
في مصر 50 مليون ناخب فوق 18 عاما، من بينهم أكثر من خمسة ملايين خارج البلاد، ما يعني أن العدد هو 45 مليونا، فهل خرج 30 منهم يوم 30 يونيو، أو يوم الجمعة 26 يوليو؟ الجواب هو لا قاطعة، لاسيما أن عدد النساء في المظاهرات كان محدودا، وهن نصف الشعب، ومعهن كبار السن، ما يعني أن رقم من يمكن أن يتظاهروا لو نزلوا جميعا لا يتعدى 20 مليونا بأي حال من الأحوال في طول مصر وعرضها، فعلى من يبيع القوم تلك البضاعة الفاسدة؟!
ليس في المنطق الديمقراطي شيء اسمه الحشود. الحشود تستخدم للضغط السياسي من أجل تحقيق مطلب ما، ولينتهي الأمر بالاحتكام إلى صناديق الاقتراع، لكن القوم يعرفون تماما أن الصناديق تفضحهم، وحتى بمنطق الحشود كان القوم قبل أن تتبنى الدولة العميقة مشروع 30 يونيو، بل ترتبه كما فضحت ذلك منى مكرم عبيد، للانقلاب على الرئيس؛ كانوا يعجزون عن حشد 10 آلاف فيما كانوا يسمونه مليونيات، فكان أن جمعوا بضاعتهم في يوم واحد مع الفلول والكنيسة وبدعم من الأزهر. ولولا دعوة السيسي نفسه للتظاهر في الجمعة الماضية، لما تمكنت جبهة الإنقاذ ومن يسمون “تمرد” من حشد بضعة عشرات من الآلاف بأي حال، بينما تمكن أنصار الشرعية من حشد بضعة ملايين في طول البلد وعرضه طوال شهر كامل، ونقول ملايين، وليس عشرات الملايين.
لقد كنا إزاء عملية تضليل بشعة هدفها تبرير انقلاب عسكري يعلم العالم أجمع حقيقته، تماما كما يدركها الشعب المصري أيضا، لكن ميزان القوى كان لصالح الانقلابيين داخليا وخارجيا، وهذا هو ما منحهم فرصة الانقلاب، ومن ثم الإمساك بالوضع، وليس الشرعية الشعبية المزعومة.
الدستور