صاحب الولاية ... الإعلام الأردني إلى أين ؟
أزمة حقيقية يمر بها الإعلام الاردني و العربي بشكل عام وكلامي هنا ليس تقييماً بقدر ما هو نقاش في المهنية فحين يقتصر دور الإعلام والفضائيات على توجيه عقل المتفرج من خلال تجاهل أحداث برمتها أو حذف مشاهد خفية لا بد أن ندرك أننا أمام أزمة كبيرة سواء في مصداقية نقل الخبر أو في آلية التعامل معه.
وسابدأ هنا من مصر. أتحدث هنا عن التغطية الإخبارية لما يعرف بجمعة التفويض أو جمعة الفرقان في مصر العروبة.
قبل أحداث 30 حزيران كانت القنوات تتنافس على تحشيد الشارع بلا رادع، فهنالك محطات أطلقت عنان الهواء لنقل إعتصامات الأخوان المسلمين ومحطات أخرى تجاهلت هذه الإعتصامات وإستمر الوضع حتى عزل الرئيس محمد مرسي، وحتى بعد اغلاق قنوات الأخوان المسلمين مثل قناة (مصر 25) فقد تابعت الجزيرة تغطية نشاطات الأخوان المسلمين فيما إهتمت القنوات الأخرى بنقل إعتصامات ميدان التحرير وقصر الإتحادية، إذ أصبح الإعلام منقسما إلى تيارين فقط إعلام مع الأخوان وإعلام مع الجيش.
هذا ليس تحليلاً بقدر ما هو واقع رأيناه بعد أن طالب الفريق عبد الفتاح السيسي تفويضه و أمره بردع العنف والإرهاب ومنذ ذلك الحين إنطلقت القنوات الخاصة في حفلات تأييد واسعة لقرار التفويض سواء من خلال التركيز على احداث بعينها او التغاضي عن احداث اخرى مهمه وعلى نفس الطريقة عملت القنوات المؤيدة للرئيس المخلوع. وفي كلتا الحالتين كان اساس المهنية لتلك القنوات هو الأجندة الخاصة و ليس الحرفية الاعلامية.
وهذا يؤسس لمدرسة جديدة في الإعلام المصري حيث لم يعد يقتصر دور الإعلام في تغطية الخبر بل أصبح يصنعه ويقدمه وجبة جاهزة للمتلقي بصرف النظر عن حق هذا المتلقي في الحكم على الخبر وإتخاذه موقفاً سياسياً بناء على قناعته. حتى القنوات غير المصرية عملت على الساحة ففي المقابل لم تغب الجزيرة لثانية عن إعتصام الأخوان المسلمين في رابعة العدوية حتى حينما لم يكن هنالك ما يستحق التغطية كما وركزت على الضيوف المؤيدين للرئيس المعزول سواءً من جماعة الأخوان المسلمين او غيرهم.
كل ذلك سببه قمع وغياب الإعلام المهني والحرفي عن الساحة المصرية فقد كان الإعلام الرسمي المهزوم والمهزوز هو المسيطر على الساحة قبل الثورة ولم يؤسس لإعلام يحتوي الرأي الآخر و يتعامل معه كتحصيل حاصل.
وهنا أريد أن أعرج على المشهد الاعلامي في الأردن...
فالمعطيات تشير الى وجود إعلام رسمي مهزوز ومهزوم وإعلام خاص تائه وبعيد كل البعد عن المهنية والحرفية. فدعونا نتخيل لو أن هناك إعلام خارجي موجه و منظم و بنفس الوقت معادي للأردن ماذا سيكون حالنا في الاردن.
لا الاعلام الرسمي متابع و لا الاعلام الخاص يؤخذ على محمل الجد نظراً لضعفه و عدم مهنيته و مصداقيته.
اعتقد ان ما جرى في مصر منذ اندلاع ثورة 25 يناير و حتى الآن و ما مر به الاعلام المصري من مراحل يجب ان تأخذه الحكومة الأردنية على محمل الجد رغم ثقتي و علمي اليقين بان هنالك فرصه لتطوير الاعلام الاردني المهني و المسؤول و النهوض به.
إعلام لا هم له سوى الوطن و ليس الأجندات و هو ما يمكن ان يحمي الاردن من اي عابث باستقراره لاسمح الله.
فقط، دعو ابناء الوطن يعملون من اجله دون قرارات عبثية و شخصية و فرض قوانين رجعية همّها حماية الفاسدين والمفسدين كقانون المطبوعات و النشر و اغلاق جريدة العرب اليوم و وأد قناة (ايه تي في) و التي هي صرح اعلامي ما زال من الممكن انقاذه . افسحوا المجال امام الرأي الآخر على شاشتنا الرسمية فهوا ليس عدوا وستجدون انكم ملتقون على حب الوطن مع اختلافكم في الرأي.