التحريض والتحريض المضاد في ملف الإخوان!
حلمي الأسمر
جو 24 : يخرج علينا بين حين وآخر من يتساءل عن سر اهتمامنا بما يجري في مصر، مع أن هناك قضايا محلية أكثر أهمية، علما بأن قضية مصر في الأردن وسائر بلاد العرب قضية محلية بامتياز، ليس لأسباب قومية ومشاعر ثورية، بل ببساطة لأن كل ما يجري في مصر يؤثر على بلادنا سلبا وإيجابا، والأدلة أكثر من أن تحصى، وليس أقلها هبة الإخوة في الخليج لضخ المليارات في اقتصاد مصر فور الإطاحة بالإخوان المسلمين، ثم يأتي من بعد من يقول لك: ما شأن «الجماعة» بما يجري في مصر؟ ولماذا تعتبرها قضية محورية؟! ولماذا لا تهتم بشؤون البلد وهمومه؟! مع أن «الرسائل» بدأت تترى باتجاه الجماعة في الأردن على خلفية الانقلاب العسكري، وملاحقة قيادات الإخوان، يعني حلال على الآخرين أن يتدخلوا في شأن مصر، حرام على الإخوان، مع أنهم هم أول من يدفع ثمن هبوط وصعود نجم إخوانهم هناك!
هذه واحدة، أما الثانية، فما يقال عن مصلحة الجماعة ومصلحة «الوطن» باعتبارها تقدم مصلحة الجماعة على مصلحة الوطن، على اعتبار أن هناك فرقا جوهريا بين المصلحتين، وعلى اعتبار أن الجماعة قادمة من المريخ، وليست ملح هذه الأرض وكل أرض عربية وإسلامية، أنا هنا لا أدافع عن الإخوان، ولا عن وجهة نظر المناهضين لهم، بل أحاول أن أمسك بلب المسألة، وهي نفي طرف للطرف الآخر، وتحليل ممارسة ما لهذا وتحريمها على ذاك، وهذه العقلية بالذات هي ما يشق الصفوف ويوغر الصدور ويودي بالأوطان في إلى مهاوي الدمار والخراب، لأن للجميع الحق في أن يكونوا موجودين وموفوري الكرامة، وليس لأحد ان ينفي الآخر أو يلاحقه أو يهينه، وما فعله قادة الانقلاب في مصر يشكل عارا ألحقه السيسي بمؤسسة وطنية كالجيش المصري، حين انحاز إلى جانب فصيل في الشعب ضد فصيل آخر، مع أن الجيش للجميع، ولا بد من إصلاح هذا الخلل عاجلا أم آجلا، بحكمة قاض أو بعصبية جندي ثائر!
أخذ على الإخوان أيام مرسي- وما كان أقصرها(!)- انهم «كوشوا» على السلطة، وحاولوا أخونة الدولة، و... إلى آخر هذه الاسطوانة المشروخة، فما الذي فعله العسكر بعد انقلابهم؟ جرت الدماء في مصر الأمن والأمان أنهارا، ولوحق القادة السياسيون، واعتقلوا بشكل مهين، واستدعي كل رجال أمن مبارك وقوة قمعه، واغلقت قنوات وصحف، وتمت عسكرة الإعلام، بحيث غدا ينطق بلغة رجل واحد، وزيفت الحقائق، وصنعت الأكاذيب، وتعمق الانشقاق في المجتمع، ورأينا ما لم نكن نحلم به في حياتنا: قوات أمن وجيش مصري تطلق النار على ابناء الشعب الأعزل، وليس هنالك من محتج أو مستهجن لقنوات الفجور، أو نخب الساسة والثقافة والفكر (!) مع أن هؤلاء كلهم كانوا يصيحون بصوت واحد لو وقع حادث سير وراح ضحيته مواطن: منك لله يا مرسي!
باختصار، مصلحة الوطن تقتضي ألا نستنسخ التجربة المصرية في شق صفوف مجتمعنا، الذي لا تنقصه اصلا عوامل الانشقاق والخلاف، فعلى هذه الأرض متسع للجميع، إلا إذا كان ثمة من يريد أن يحرق أمننا الاجتماعي، عبر التحريض والتحريض المضاد!
(الدستور)
هذه واحدة، أما الثانية، فما يقال عن مصلحة الجماعة ومصلحة «الوطن» باعتبارها تقدم مصلحة الجماعة على مصلحة الوطن، على اعتبار أن هناك فرقا جوهريا بين المصلحتين، وعلى اعتبار أن الجماعة قادمة من المريخ، وليست ملح هذه الأرض وكل أرض عربية وإسلامية، أنا هنا لا أدافع عن الإخوان، ولا عن وجهة نظر المناهضين لهم، بل أحاول أن أمسك بلب المسألة، وهي نفي طرف للطرف الآخر، وتحليل ممارسة ما لهذا وتحريمها على ذاك، وهذه العقلية بالذات هي ما يشق الصفوف ويوغر الصدور ويودي بالأوطان في إلى مهاوي الدمار والخراب، لأن للجميع الحق في أن يكونوا موجودين وموفوري الكرامة، وليس لأحد ان ينفي الآخر أو يلاحقه أو يهينه، وما فعله قادة الانقلاب في مصر يشكل عارا ألحقه السيسي بمؤسسة وطنية كالجيش المصري، حين انحاز إلى جانب فصيل في الشعب ضد فصيل آخر، مع أن الجيش للجميع، ولا بد من إصلاح هذا الخلل عاجلا أم آجلا، بحكمة قاض أو بعصبية جندي ثائر!
أخذ على الإخوان أيام مرسي- وما كان أقصرها(!)- انهم «كوشوا» على السلطة، وحاولوا أخونة الدولة، و... إلى آخر هذه الاسطوانة المشروخة، فما الذي فعله العسكر بعد انقلابهم؟ جرت الدماء في مصر الأمن والأمان أنهارا، ولوحق القادة السياسيون، واعتقلوا بشكل مهين، واستدعي كل رجال أمن مبارك وقوة قمعه، واغلقت قنوات وصحف، وتمت عسكرة الإعلام، بحيث غدا ينطق بلغة رجل واحد، وزيفت الحقائق، وصنعت الأكاذيب، وتعمق الانشقاق في المجتمع، ورأينا ما لم نكن نحلم به في حياتنا: قوات أمن وجيش مصري تطلق النار على ابناء الشعب الأعزل، وليس هنالك من محتج أو مستهجن لقنوات الفجور، أو نخب الساسة والثقافة والفكر (!) مع أن هؤلاء كلهم كانوا يصيحون بصوت واحد لو وقع حادث سير وراح ضحيته مواطن: منك لله يا مرسي!
باختصار، مصلحة الوطن تقتضي ألا نستنسخ التجربة المصرية في شق صفوف مجتمعنا، الذي لا تنقصه اصلا عوامل الانشقاق والخلاف، فعلى هذه الأرض متسع للجميع، إلا إذا كان ثمة من يريد أن يحرق أمننا الاجتماعي، عبر التحريض والتحريض المضاد!
(الدستور)