jo24_banner
jo24_banner

أسعار الذهب، إلى أين؟

الدكتور عمر خليف غرايبة
جو 24 :

شهدت أسعار الذهب ارتفاعا ملحوظا مع بداية انتشار جائحة كورونا وتحديدا بعد شهر مارس من عام 2020، حيث كانت تقريبا 1400 دولار للأونصة، واستمرت بالإرتفاع إلى أن تجاوزت 1900 دولار للأونصة مع نهايات عام 2020، ثم شهدنا بدايات انخفاض ملحوظ في شهر فبراير من هذا العام 2021 إلى أن استقرت على 1720 دولار، هذا يجعلنا نتساءل ما هي الأسباب الحقيقية وراء ارتفاع أسعار الذهب في تلك الفترة والى أين يتجه على المدى القصير والطويل الأجل، وهذه التساؤلات هي ما دفعتني لكتابة هذا المقال.
.
يعتبر الذهب الملاذ الأخير أمام الأفراد والمستثمرين والمؤسسات وخاصة عندما لا يكون هناك إستقرار سياسي أو إقتصادي، والعلاقة تكون طردية بإمتياز، فكلما زادت الفوضى والكوارث والحروب كلما زادت أسعار الذهب لأنه مخزن للقيمة، وكما شاهدنا، كانت جائحة كورونا بمثابة حرب على الدول واقتصادياتها بسبب الإغلاقات الكلية والجزئية التي شهدتها جميع الدول، كما أن مرحلة الإنتخابات الأمريكية زادت الأمور غموض وعدم إستقرار، حيث فقدت الإستثمارات جاذبيتها وتزايد قلق الناس حول المستقبل القريب والبعيد مما أدى إلى توجههم نحو الذهب.
.
وشهدت معظم الدول في منتصف العام 2020 إغلاقات كاملة استمرت إلى أشهر متعددة مما زاد من خوف وقلق الناس، وبالرغم من طباعة ترليونات الدولارات الذي ساهم في تحسين أسواق الأسهم من جهة، ومن تحسين ظروف الأسر والعائلات في أمريكا بشكل خاص، إلا أن ذلك كان له أثر على إرتفاع أسعار الذهب بسبب زيادة معدلات التضخم، كما أنه لم يقلل من الطلب على الذهب فبقيت أسعاره مرتفعة فوق مستواها الطبيعي.
.
ومع نهاية عام 2020 ومع فوز الديمقراطيين بقيادة الرئيس بايدن، بدأت علامات الإستقرار السياسي، وقام الرئيس بايدن بإجراءات جذرية تعزز الاستقرار السياسي داخل وخارج أمريكا، حيث أمر بوقف الحرب على اليمن وفتح الحدود أمام المهاجرين والسماح لهم بالعودة إلى أمريكا، كما زادت العوائد على سندات الخزانة الأمريكية، ما أنعكس هذا الإستقرار السياسي على إرتفاع الطلب على الدولار الأمريكي، فبدأ الأفراد والمستثمرين والمؤسسات تدريجيا ببيع الذهب وشراء السندات، فزاد الطلب على السندات وارتفعت عوائدها لتصل إلى 1.63%، وزاد العرض على الذهب فأنخفض سعره إلى ما دون 1700 دولار للأونصة إلى أن وصلت الآن إلى 1,720 دولار بسبب إنخفاض معدلات العائد على السندات إلى 1.56%.

كما كان هناك عامل آخر بجانب الإستقرار السياسي وقد عزز من إنخفاض سعر الذهب وهو إنتشار اللقاحات القادمة من الصين وأوروبا مع نهايات عام 2020، وهذا الخبر كان له تأثير إيجابي على أسواق الأسهم حيث شاهدنا المؤشرات الرئيسية تتحسن بسبب بيع الذهب والتوجه إلى سوق الأسهم وسندات الخزانة الأمريكية الذي تحسن بشكل ملحوظ بعد فوز الديمقراطيين.

ومع بدايات عام 2021 بدأت التقارير التي تتنبأ بحجم النمو تظهر وتبشر بمعدلات نمو مرتفعة لهذا العام، فحسب تقرير صندوق النقد الدولي فمن المتوقع أن تكون نسب النمو المتوقعة لهذا العام أكثر من 5% سواء في أمريكا أو في الصين، وانخفاضات متوقعة لنسب البطالة حسب التقرير نفسه من 6.8% إلى 6.3%، جميع هذه النسب السابقة تشير إلى أن هناك استقرار اقتصادي على المستوى القريب.

ولكن يبقى سعر الذهب ليس محكوم فقط إلى الإستقرار السياسي والنمو الإقتصادي وتأثيرات جائحة كورونا فقط، إنما أيضا إلى معدلات التضخم الموجودة في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد أظهرت المؤشرات الأخيرة أن معدل التضخم ارتفع تقريبا 0.4% في آخر التقارير المالية، بمعنى انه كان 1.4% وأصبح 1.7%، ما أدى إلى زيادة طفيفة في أسعار الذهب، وبالتالي إذا تمت طباعة 1.9 تريليون دولار هذا سيؤدي إلى زيادة في معدلات التضخم وسيدفع بأسعار الذهب إلى أعلى ولكن بالتأكيد ليست إلى المستويات التي شهدناها في بداية جائحة كورونا.


 
تابعو الأردن 24 على google news