المال العام ليس سائبا يا حكومة الكوبونات!
جو 24 :
أحمد الحراسيس -
سابقة خطيرة قامت بها حكومة الدكتور بشر الخصاونة أول أمس، إذ أعلنت توزيع (150) كوبون شراء على أعضاء مجلس النواب بحجة توزيعها على الفقراء من أبناء دوائرهم الانتخابية، في خطوة حطّت كثيرا من قيمة مجلس النواب الذي ارتقى درجة بالأمس عندما أعاد مشروع قانون معدل لقانون هيئة النزاهة ومكافحة الفساد إلى لجنته القانونية من أجل دراسته واخراجه بالصورة الأمثل..
كنّا نتوقع في هذا اليوم أن نشهد انتفاضة نيابية بعد الاساءة البالغة التي وجهتها الحكومة للنواب من خلال تلك القسائم الشرائية، فلا يُمكن أن تُفهم تلك "الكوبونات" إلا أنها محاولة لاحتواء واحراج النواب من خلال تمكينهم من استمالة أبناء دوائرهم الانتخابية، وفي هذا اعتراف حكومي بالطريقة التي جرى انتخاب أعضاء المجلس التاسع عشر بها..
وبالاضافة إلى ما يحمله الاجراء الحكومي من دلالات خطيرة، فإنه يمثّل اعتداء على المال العام أيضا، فكيف تقوم الحكومة بمنح أعضاء مجلس النواب قسائم بما مجموعه (682) ألف دينار لتوزيعها على قواعدهم الانتخابية؟!
ثمّ نريد أن نعرف، كيف تضمن الحكومة قيام النواب بتوزيع تلك القسائم بشكل عادل ودون محاباة؟ ماذا عن ناخبي المرشحين الخاسرين، هل سيصلهم شيء من تلك القسائم؟ ماذا عن المقاطعين الذين تجاوزت نسبتهم (70%) من أبناء الشعب الأردني؟
اجراء الحكومة يشير إلى أنها تتصرف وتتعامل مع المال العام وكأنه "مال سائب"، فهي قامت بتخصيص (682) ألف دينار سيصرفها ويوزّعها النواب بعيدا عن أعين كافة الجهات الرقابية من ديوان المحاسبة وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد، إلى جانب أنها ستضمن أن لا يلاحقها مجلس النواب فيما إذا وقع خلل في توزيع تلك "الكوبونات".
الواقع أن ما جرى يستوجب من النواب غضبة تطيح بحكومة الدكتور بشر الخصاونة التي نكثت تعدها بالحفاظ على مكانة مجلس النواب، سواء فيما يتعلق بمحاولة ايقاعها في "فخّ الكوبونات" أو فخّ القوانين التي ارتضتها ودافعت عنها ووصف النائب عبدالكريم الدغمي واضعيها بـ "الجهل القانوني".
ما جرى هو ضرب لكلّ قيم الديمقراطية واطفاء لأي أمل بقدرة حكومة الخصاونة على اجراء اصلاحات سياسية أو اقتصادية، كما أنه اعتداء صارخ على المال العام، ما يستوجب ترحيل هذه الحكومة غير مأسوف عليها..