لجنة الاوبئة ليست فرقة انشاد
جو 24 :
أحمد الحراسيس -
في الوقت الذي تبحث فيه دول العالم عن علمائها المختصين في الحقل الطبيّ، وتحديدا أصحاب الخبرة في الوبائيات، من أجل تقديمهم والاستفادة منهم في المعركة ضد فيروس كورونا وسلالاته، يختار الأردن الذهاب في مسار مغاير للعالم، بتهميش الكفاءات العلمية واقصائها عن المشهد بشكل كامل!
في الأسبوع الماضي، تفاجأ الأردنيون بقرار وزير الصحة الدكتور فراس الهواري اعادة تشكيل اللجنة الوطنية لمكافحة الأوبئة، ليقوم باقصاء اثنين من أكثر الشخصيات اقناعا للناس بوجهة نظرهم المستندة إلى دراسات علمية أجريت بجهود شخصية ووطنية، إذ شمل قرار اعادة تشكيل اللجنة استبعاد وزير الصحة الأسبق والخبير في الوبائيات الدكتور سعد الخرابشة، واستبعاد أستاذ علم الفيروسات وأحد أبرز المتخصصين في هذا المجال على مستوى الوطن العربي الدكتور عزمي محافظة.
ما جرى كان استفزازا للرأي العام والشعب الأردني الذي يئن منذ عام تحت وطأة القرارات الحكومية غير المبنية على الدراسات العلمية، وبشكل جعل المملكة من اسوأ الدول في التعامل مع جائحة كورونا صحيا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، فقد تصدّر الأردن في فترات قائمة أعلى الدول في نسبة الاصابات، إلى جانب ارتفاع معدلات الوفيات جراء فيروس كورونا، بالاضافة إلى انهيار العديد من القطاعات اقتصاديا، وما نلمسه من تراجع كبير في مستوى التعليم، وأخيرا ما نشهده من سوء استخدام واستغلال لقانون الدفاع من أجل تقييد الحريات.
كان الأجدر بالحكومة ممثلة بوزير الصحة أن تبحث عن العلماء وخاصة أصحاب الرأي المختلف منهم، لتضمهم في لجنة الأوبئة، وذلك من أجل اثراء النقاشات العلمية التي يمكن أن تكون محلّ خلاف، وبما يضمن الحصول على أفضل النتائج، لا أن نقوم باقصاء العلماء من أصحاب الرأي المختلف للاستفراد بالقرار وتطويع الوباء لخدمة بعض السياسات، فالمطلوب ليس تشكيل "فرقة انشاد" كما قال محافظة في مناسبة سابقة، والمطلوب لا يجب أن يتجاوز تحقيق الأمن الصحي للأردنيين.
الواقع أن قرار الوزير الهواري يعزز قناعة تولّدت لدى كثير من الأردنيين الذين يرون حكومة الدكتور بشر الخصاونة تستأثر بالقرار ولا تحبّ أن تسمع غير صدى صوتها، ويحرجها أيّ رأي مخالف لتوجهاتها، خاصة إذا كان الرأي علميّا أو مبنيّا على حقائق غير قابلة للانكار.