jo24_banner
jo24_banner

من ظلام دامس إلى مصدّر للطاقة

الدكتور أحمد هندم
جو 24 :
 
منذ حادثة انقطاع التيار الكهربائي المفاجئ في الأردن عن كافة المحافظات الأردنية، أصبح الحديث عن أمن الطاقة وسبب الحادثة التي تسبب بخسائر عدة الشغلَ الشاغل لدى المواطن الأردني وخبراءِ الطاقة والحكومة و مجلس النواب، والحديث يطول ويطول في هذا الصدد لكن الأهم من القيل والقال تشخيص سبب الحادثة والوقوف على مواطن الخلل لضمان عدم تكرارها والاستفادة من تجارب البلدان التي عانت من انقطاع التيار الكهربائي لفترة امتدت لساعات الليل وعم الظلام الدامس أرجاءها، في حين أن من فضل الله علينا أن كان يوم انقطاع التيار يوم جمعة -عطلة رسمية- وفي ساعات النهار وكان الجو ربيعيا بامتياز، ولم تكد تغب شمس ذلك اليوم إلا والتيار الكهربائي أنار كل البيوت وعادت الحياة إلى طبيعتها.
ولضمان عدم تكرار هذا الحادثة ينبغي علينا التفكير بعقل واحد حكومة وشعبا ونوابا والحذو حذو الدولة التي نستورد منها الكهرباء اليوم والتي غرقت في ظلام دامس في يوم عمل رسمي وفي آب اللهاب -كما نطلق عليه- وتسبب في خسائر فادحة من توقف حركة المترو وهدوء ضجيج المصانع وتعطل شركات الاتصالات وأزمة خانقة شلت أرجاء أم الدنيا في يوم الاثنين الرابع من اغسطس/ آب من عام 2014 وامتد إلى ساعات الليل وتفاجأ المواطنون صباح اليوم التالي بتبرير الحكومة بأن مقدار العجز المتوقع خلال الفترة المقبلة يتجاوز 3200 ميجا واط يوميا - وهو ما يعادل أعلى حمل للنظام الكهربائي على مستوى الأردن- وأن الظلام الدامس الذي أعتم أم الدنيا بمن فيها لن يكون الأخير.
لكن الليلة ليست أشبه هذه المرة بالبارحة بل مختلفة اختلافا تاما، فمن عجز في الإنتاج يعادل حجم حمل الأردن في ذروته إلى مصدّر للطاقة واكتفاء ذاتي غير مسبوق في أقل من 6 سنوات عجاف.
خطوة جريئة وغير مسبوقة محت تاريخ الظلام في سنوات عبر رفع حجم الاستثمار في تطوير شبكات التوزيع من 70 مليون دولار إلى أكثر من 700 مليون دولار، وبدلا من التوقف عند تنفيذ خطة طارئة بإضافة 13 ألف ميجاوات لمنع انقطاع التيار عام 2014، واصلت أم الدنيا إنتاج الكهرباء حتى أصبحت تمتلك اليوم قرابة 17 ألف ميجاوات من الاحتياطي يوميا، وذلك بعد تحقيقها الاكتفاء الذاتي من الكهرباء منذ خمس سنوات.
هذه الخطوات الجريئة أدت إلى حصول أم الدنيا على ثقة لدى الجهات الدولية، ومنها البنك الدولي الذي ساهم لاحقا في تمويل مشروعات بالقطاع ووكالات التصنيف الائتماني وعلى رأسها وكالة "فيتش" الدولية.
تحويل العجز إلى فائض سيكون له فوائد جمة سيلمسها أولا المواطن الأردني والمستثمر في ظل انخفاض التعرفة الكهربائية ودعم مشاريع الطاقة المتجددة التي سيكون له دور بارز في إيجاد فرص عمل ودعم الاقتصاد الأردني وتشجيع الاستثماروثقة المؤسسات الدولية الممولة لمثل هذه المشاريع، ليتحول الأردن من مستهلك إلى منتج يساهم في تحقيق الرؤية الملكية السامية في انعاش الاستثمار والتخفيف من عبء البطالة.
 
تابعو الأردن 24 على google news