جبهة سيناء.. هل تنقذ «سمعة» القاعدة الجهادية؟
لا أحد يصدق في مصر او إسرائيل، أو في أي مكان في العالم، أن من قام بقتل المجموعة الجهادية في سيناء يوم الجمعة، هو الجيش المصري وليس إسرائيل، حتى ولو تشدق أحدهم بغير هذا، سواء كان ناطقا رسميا أو مصدرا «رفض الكشف عن اسمه» فقد أصبح من الثابت أن طائرة إسرائيلية من دون طيار، هي التي نفذت العملية، وبمعرفة الجيش المصري، وبالتنسيق الكامل معه، ليس هذا فحسب، بل إن ثمة ما يؤكد أن هذه العملية لم تكن الأولى من نوعها، وهذا ما أكده تحليل على موقع صحيفة « معاريف « نشر اليوم (أمس) الاحد، بقلم المعلق العسكري للصحيفة عمير رابوبورت، قال إن الجيش الإسرائيلي نفذ عمليات عسكرية في قلب سيناء عدة مرات خلال العامين الماضيين، ومن راقب التدفق الإعلامي العبري يومي الجمعة، والأحد، يدرك صحة ما ذهبنا إليه، دون أن يلقي بالا لأي بيانات «رسمية» مصرية تزعم أن من قتل المسلحين طائرة اباتشي مصرية، وهي مزاعم نفتها حتى المصادر الأمنية المصرية ذاتها، التي تسربت بُعيْد العملية، قبل أن يستجمع الناطقون الرسميون المصريون قواهم ويفبركوا ما حصل، فقد نقلت وكالة «الأسوشيتدبرس» عن مسئولين أمنيين مصريين قولهما إن طائرة إسرائيلية دون طيار أطلقت صاروخًا على الشريط الحدودي مع مصر فقتلت 5 متشددين جهاديين محتملين ودمرت منصة صواريخ، ويضيف المصدران أن هجوم الطائرة كان بالتنسيق مع السلطات المصرية. خبر الوكالة المقتضب بثته باللغة الإنجليزية، وقالت أن المسؤولين الأمنيين تحدثا للوكالة بشرط عدم ذكر اسميهما؛ لأنهما غير مخولين بالتحدث للإعلام!
إسرائيل «الرسمية» من جانبها التزمت الصمت، ولم تقل شيئا عمن قام بالعملية، بل حرصت على نقل مزاعم الجانب المصري، و «بروزتها» كي لا تحرج السيسي، الذي تعتبره حسني مبارك جديدا، وليس عبد الناصر كما يحلو للبعض أن يحلم، وفي هذا السياق، تأتي تصريحات وزير حرب العدو الصهيوني، موشيه يعالون، الذي تحدث بـ «ادب» جم عن «السيادة المصرية» و «احترام» إسرائيل لها، حفاظا على سرية التعاون الأمني الهائل مع قيادة مصر الجديدة، حيث تطرق الوزير إلى الهجوم دون أن ينفي أو يؤكد ضلوع الجانب الإسرائيلي في تنفيذ الهجوم، مؤكداً على أن «إسرائيل» تحترم السيادة المصرية الكاملة على مصر، إلا أنه لم ينس التأكيد
على أن «إسرائيل» تعلم بما يقوم به الجيش المصري من عمليات عسكرية ضد الجماعات المسلحة في سيناء خاصة في الآونة الأخيرة وبالتحديد الأسبوع الماضي، مشيراً إلى أن الجيش الإسرائيلي على تواصل دائم مع قيادة الجيش المصري، مقدراً العمل الذي يقوم به النظام المصري الجديد، وفي هذا تأكيد لا لبس فيه على ما أكده الإعلام العبري غير الرسمي،
فكبير المعلقين العسكريين في « يديعوت أحرنوت «، رون بن يشاي، قال بالحرف الواحد: غارتنا في قلب سيناء إشكالية لكنها محقة، أما القناة الإسرائيلية الاولى، فقالت: سماح السيسي بالهجوم الاسرائيلي على سيناء جاء لاقناع المنظمات اليهودية الامريكية للوقوف الى جانبه!
أما إيالا حسون، وهي مقدمة برنامج حواري في القناة الأولى فقالت باستغراب: حتى مبارك لم يجرؤ على التعاون العلني معنا كما يفعل السيسي، وهكذا فعل آخرون في إعلام العدو، حيث بدا جميع المعلقين مندهشين من التعاون العلني للسيسي مع اسرائيل، فالقناة الاولى في التلفزيون الاسرائيلي قالت إن الجيش المصري هو الذي قام بتحويل معلومات لاسرائيل مكنتها من تنفيذ الهجوم على مجموعة جهادية في سيناء ، وهكذا يتبين لنا أن المتحدث العسكري المصري ينفي الهجوم الاسرائيلي على سيناء كما نفى نظام الاسد الهجوم الاسرائيلي على اللاذقية، ليس هذا فحسبن بل ذهب بعض المعلقين الى القول ان سيناء اليوم هي أشبه ما تكون بمحافظة أبين اليمنية، حيث الطيران الأمريكي بلا طيار يسرح ويمرح باستباحة كاملة للسيادة اليمنية، متعقبا مقاتلي القاعدة، كما يفعل طيران العدو الصهيوني اليوم في سيناء!
نحن اليوم أمام حقائق جديدة مذهلة، لا تخطئها العين، فالجيش المصري وجيش العدو الصهيوني «إيد واحدة» في تعقب جهاديي سيناء، سواء اعترفوا بهذا أم لا، مع وعد كبير بأن الأيام الجديدة تحمل مفاجآت كبيرة، باتجاه إحياء جبهة سيناء، التي قد يجد فيها تنظيم القاعدة فرصة ثمينة للإجابة عن سؤال طالما أحرج المنتمين إليها، وهو: لماذا لم توجهوا حتى الآن بنادقكم إلى إسرائيل، وهي عدوكم الأول «كما تدعون» ؟؟
(الدستور)