2024-07-01 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الداخل الأردني و التحولات الاقليمية

د. عامر السبايلة
جو 24 : تسود القناعة لدى الكثيرين ان مخاض التحولات التي بدأت تشهدها المنطقة لازالت في بدايتها, و عليه فهذا يبرر حالة الترقب المبررة و الخوف من القادم و التي باتت تسيطر على مشاعر الجميع دون استثناء.

القراءة للمشهد العام يجب ان تأخذ في عين الاعتبار منحيين اساسيين, الاول الوضع الداخلي و الثاني الوضع الاقليمي و انعكاساته القادمة.

على صعيد الداخل الأردني, تبرز التحديات الاقتصادية كعقبة حقيقية لا يمكن تجاوزها بسهولة و تغيب طروحات الانقاذ عن الساحة. و بالتزامن مع ذلك, تبرز قضية الاصلاحات السياسية و التي لم تستطع تقديم اي شيء ملموس يضفي حالة من القناعة لدى الأردنيين و حتى لدى المراقبيين للشأن الأردني, و للاسف فالمعطيات المقدمة لا يمكن ان تخرج ببوصلة الانطباع العام من الدائرة السلبية. فعامل الوقت لم يستغل كما كان متوقعاً, و اخراج كثير من القضايا تم بصورة سلبية اساءت الى صورة الدولة عداك عن فكرة الاعتقالات و تهم اطالة اللسان و التي تم استخدامها مؤخراً بصورة تعزز الصورة السلبية السائدة.

أخطر ما قد يواجه الداخل الأردني اليوم هي فكرة التحالفات و التحزبات المصالحية التي بدأت تظهر بين هذه الاطراف في محاولات لتجيير قانون الانتخابات كل حسب مصالحه و اهوائه. و بالرغم من التحولات التي شهدتها الساحة الا ان الاسلوب الاقصائي و تفرد فئة قليلة في غرفة مغلقة بصياغة القانون لازال السمة السائدة, و الأدهى ان القانون سيشكل في صورته الغالبة حسب معطيات و اهواء شخصية, و تبعاً لتصريحات رئيس الوزراء و الذي استخدم في وصف القانون كلمات تدل على رغبات فردية مطلقة و تفرد كامل مثل كلمة ( أميل الى قانون و ارغب في قانون). و كأن الامور تقتصر على ميول و رغبات شخص دون وطن. كل هذا سيقودنا الى مرحلة جديدة من الصراعات و توجيه و تبادل الاتهامات, و الذي سيشكل في النهاية مناخاً غير نقي للممارسات السياسية و يزيد من حالة الاحتقان و الصراع الداخلي الدائر بين مختلف القوى و الفئات الشعبية.

من جهة أخرى الاستمرار في عدم حسم موضوع الوطن البديل قد يشكل خطرا حقيقا, لأنه سيكون الاساس في خلق الصراع و تقديم عوامل فتنوية تعمل على شرذمة الساحة و تفتيتها, فاسقاط مؤامرة ما يسمى الوطن البديل هي مصلحة فلسطينية و اردنية مشتركة, سواء بالحفاظ على حق العودة و شرعية القضية الفلسطينية او بتبديد مخاوف كثير من الاردنيين بانهاء القضية الفلسطينية على الأرض الأردنية. لهذا نحن بأمس الحاجة اليوم الى خطاب توحيدي توافقي, فقراءة المشهد الاقليمي يحتم علينا العمل على ضبط ايقاع الساحة و اضفاء مشاعر ارتياح و تخفيف الاحتقانات الناتجة عن السقطات الناتجة عن ادارة مختلف الملفات في الفترة الأخيرة. هذا يحتم سرعة البت في المسائل الشائكة مثل قانون الجنسية و قانون فك الارتباط, و بالتالي يتم تفكيك الصاعق و تفريغ المشاكل الكبيرة من محتواها.

و بالتعريج على الجارة سوريا تشير التقارير الاستخباراتية ان السوريين استطاعوا انجاز حسم عسكري على الأرض و بالتالي هذا قد يرشح المشهد السوري لموجات مختلفة من الاستهداف الارهابي و بالتالي قد لا نستغرب وقوع مثل هذه الاحداث بشكل مستمر في سوريا, و لعل دخول سوريا في مثل هذه الدوامة يحتم علينا كأردنيين توخي كل اساليب الحذر نظراً للعلاقة الجيوسياسية المعقدة التي تربطنا مع سوريا عداك عن العلاقات التاريخية من مصاهرة و نسب و شراكة و تجارة, فالمنطفة تستعد للدخول في دائرة هي الاخطر و التي قد تقود الى اعادة تشكيلها طوعاً او كرهاً.

السياسة الخارجية الأردنية لابد ان تكون في قمة لياقتها السياسية في هذه الفترة, نظراً للعلاقة الحذرة مع الخليج خصوصاً مع بروز اختلافات في وجهات النظر مع الجانب القطري و السعودي في عدة مجالات و أهمها الملف السوري و القمة العربية. و قد يكون تحدي المشاركة في قمة بغداد هو الأبرز الان, فالعلاقات مع الجانب العراقي لا تمر بافضل حالاتها و العمق الاستراتيجي الاردني و الحاجة الى مصدر طاقة ثابت بالاضافة الى العلاقة الاستراتيجية و الأمنية التي لا يمكن اسقاطها و هذا يحتم علينا قراءة مشهد المشاركة في القمة بعناية و دهاء سياسي فائق. و لا يمكن انكار النقاط الايجابية التي سجلتها الدبلوماسية الأردنية بتوجيه الملك عبد الله الثاني رسالة تهنئة بروتوكولية الى مرشد الثورة و الرئيس الايراني بمناسبة عيد النيروز. فالمرحلة تتطلب اليوم سياسة اكثر براغماتية و مرونة في الخيارات, ذاك ان كثيراً من الامور لازالت ضبابية و غير واضحة لهذا قد يكون من الأفضل تطبيق شعار "لا حلفاء فالجميع اصدقاء."

د.عامر السبايلة
تابعو الأردن 24 على google news