حكومة الخصاونة تضع يدها في جيب المواطن بدل مراجعة اتفاقياتها المجحفة مع شركات توليد الكهرباء
جو 24 :
أحمد الحراسيس - مرّة أخرى تعود الحكومة إلى الأردنيين بمصطلحات طالما ذاق الشعب وليات ما تخفيه وراءها من اجراءات تمسّ جميع المواطنين وتزيد عناءهم وتستنزف جيوبهم، وهنا نتحدث عن عبارات من قبيل: اعادة توزيع الدعم، وتوجيه الدعم نحو مستحقيه، واعادة هيكلة، وتعديل التعرفة، واجراءات لا تمسّ ذوي الدخل المحدود، وأخيرا ازالة التشوّهات..
اليوم، أطلّت وزيرة الطاقة المهندسة هالة زواتي على الأردنيين من مجلس الشعب لتبشّرهم بأن الحكومة تعمل على اعادة هيكلة تعرفة الكهرباء بهدف "إزالة التشوّهات"، وذلك من خلال دمج شرائح المستهلكين ضمن (3) شرائح بدلا من (7) شرائح، وبما يضمن عدم رفع التعرفة على العائلات الأردنية التي تستهلك شهريا (600) كيلو واط فما دون، بينما سيلمس المستهلكون ما فوق ذلك أثر ارتفاع فواتير منازلهم بمقدار متفاوت.
الغريب، أن زواتي لم تتطرق إلى الدراسات التي تستند إليها الحكومة حول الشرائح التي تستهلك (600) كيلو واط أو (800) كيلو واط، أو ما فوق ذلك، كما لم تتطرق إلى تأثير التغيّر المناخي على استهلاك الأردنيين للكهرباء من أجل تشغيل مكيّفات في الصيف وتدفئة في الشتاء، والواقع أن جهاز التكييف مثلا أضحى متطلبا شبه أساسي بالنسبة لكثير من الأردنيين وخاصة في المناطق الحارة أو الباردة.
كان الأجدر بالحكومة أن تكتفي بدمج شرائح الاستهلاك، مع الحفاظ على القيم الدنيا لسعر الكيلو واط، وأن تبادر بإلغاء بند فرق أسعار الوقود كاملا بدلا من القول إن قيمته صفر، خاصة وأننا نعتمد على الغاز في توليد الكهرباء، ولم يعد هناك ارتباط بين أسعار النفط وكلف التوليد.
لماذا لا نفتح استخدام الطاقة المتجددة للقطاعات الصناعية والتجارية؟
ثمّ إذا كانت الحكومة تريد التخفيف على القطاعات الصناعية والتجارية، فالأولى أن تفتح لهم المجال لتركيب أنظمة طاقة شمسية بدلا من استمرار منعهم من ذلك، فهناك خشية من أن ينعكس قرار الحكومة بشكل أو آخر سلبا على القطاعات التجارية والصناعية، والذي سينعكس بدوره على المواطن.
مشكلة الأردنيين المستمرة، أن الحكومات المتعاقبة تذهب إلى حلّ أزماتها المالية من جيوب المواطنين، ولا تنظر إلى أصل المشكلة، ففي حالة شركة الكهرباء الوطنية، أصل المشكلة هو خصخصة شركات التوليد وتوقيع اتفاقيات مجحفة مع بعض الشركات تتضمن شراء انتاجها بأسعار مرتفعة جدا ويبدو فيها غبن كبير، وهذا ما يجب على الحكومة ووزارة الطاقة أن تدرسه، وليس غيره.
ازالة التشوهات في الاتفاقيات مع شركات التوليد
إذا كانت حكومة الدكتور بشر الخصاونة تريد فعلا إزالة التشوّهات التي تؤثر على شركة الكهرباء الوطنية، فالواجب عليها أن تزيل التشوّهات في اتفاقيات التوليد، وليس في تعرفة استهلاك المواطنين، فمن غير المعقول أن يبقى المواطن يدفع ثمن سوء الادارة الحكومية لملفّ الطاقة، وثمن كهرباء قد لا يستهلكها أصلا.
المواطن الأردني يريد اليوم أن يفهم لماذا تتبجّح الحكومة علينا بزعم وجود فائض الكهرباء لدينا، ولا تقوم باجادة الاستفادة من هذا الفائض لينعكس على المواطن، المواطن يريد أن يفهم لماذا تصرّ الحكومة على ضمان ربح شركات التوليد على حساب شركة الكهرباء الوطنية، ويريد أن يفهم أيضا لماذا نشتري كيلو واط الكهرباء من إحدى الشركات بـ12 قرشا بينما نشتريه من أخرى بسعر 1.3 قرشا؟! ألا يُفترض بالحكومة اعادة النظر باتفاقيات الطاقة مع شركات التوليد سواء التقليدية أو المتجددة؟!
أين نتائج التحقيق في ارتفاع فواتير الكهرباء شتاء؟
كان الأردنيون ينتظرون منذ سنتين أن تخرج عليهم الحكومة بتبريرات منطقية لارتفاع قيم فواتير الكهرباء في فصل الشتاء بشكل مبالغ فيه رغم عدم تغيّر نمط استهلاك كثير ممن يعتمدون على وسائل التدفئة التقليدية ولا يزيد استهلاكهم للكهرباء في أشهر الشتاء، إلا أن الحكومة ويبدو أنها حصلت على مباركة نيابية للانقضاض على المواطن الأردني من أجل زيادة فقرهم وزيادة أعداد الفقراء..
موقف نيابي مهزوز
اللافت أن موقف النواب خلال اجتماع اللجنة المشتركة كان مهزوزا للغاية، ولم يلمس المتابع ممانعة نيابية لفكرة رفع التعرفة على المواطنين، وذلك في الوقت الذي كان الأردنيون ينتظرون -كما في الدول التي تحترم مواطنيها- قرارات تخفيفية تعفيهم أو ترجئ استيفاء فواتير الكهرباء المتراكمة جراء تعطّل أعمالهم خلال سنة ونصف تخللتها اغلاقات وتضررت بفعلها الكثير من القطاعات.