2024-07-01 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

غلالات الزيف بداية الاستعمار

د. محمد عمارة
جو 24 : إن المصالح الاستعمارية والمطابع الإمبريالية لا تمشى عارية مفتوحة، وإنما لا بد لها من غلالات تستر عوراتها، وتسوقها لدى شعوب الدول الاستعمارية، كى تضحى هذه الشعوب بالغالى والنفيس فى الحروب التى تحقق للقوى الاستعمارية احتلال الأرض ونهب الثروات..

فأساطير التعصب الصليبى، ودعاوى تخليص قبر ابن الله!، وتزييف صورة الإسلام ومقدساته والمسلمين وحضارتهم، كانت الغلالات التى غلف بها البابا الذهبى "أوربان الثانى" (1088-1099م) الأطماع الاستعمارية الغربية فى ثروات الشرق وخيراته، وهى الأطماع التى وقفت وراء الحروب الصليبية التى دامت قرنين من الزمان (489-690هـ - 1096-1291م) ضد الشرق الإسلامى والتى كانت أطول الحروب العالمية فى التاريخ!..

كانت أوروبا تعانى من صراعات أمراء الإقطاع الأوروبيين.. وكانت طامعة فى الاستيلاء على خيرات الشرق المادية، وفى السيطرة على تجارة آسيا مع أوروبا، فأقامت الكنيسة الكاثوليكية تحالفًا بين أمراء الإقطاع وبين المدن التجارية الأوروبية - جنوة.. وبيزا.. ونابلى- تحت قيادة الكنيسة- للاستيلاء على الشرق وثرواته، مغلفة هذه الحروب الصليبية بالغلالات الدينية، وبالصورة الزائفة التى صنعتها للإسلام والمسلمين.. لقد سلحت فرسان الإقطاع بمفاتيح الجنة، ووعدتهم بامتلاك أوطان الشرق وخيراته، كما وعدتهم بفردوس السماء!!.

وفى مدينة "كلير مونت"- بجنوب فرنسا- أعلن البابا عن هذه الأطماع، مغلفًا إياها بهذه الأساطير الكهنوتية، وذلك عندما خطب فى أمراء الإقطاع الأوروبيين فقال:

"يا من كنتم لصوصًا كونوا اليوم جنودًا.. لقد آن الزمان الذى فيه تحولون ضد الإسلام تلك الأسلحة التى أنتم لحد الآن تستخدمونها بعضكم ضد بعض.. فالحرب المقدسة المعتمدة الآن هى فى حق الله عينة.. وليست هى لاكتساب مدينة واحدة.. بل هى أقاليم آسيا بجملتها، مع غناها وخزائنها العديمة الإحصاء!..

فاتخذوا بحجة القبر المقدس، وخلصوا الأراضى المقدسة من أيادى المختلسين، وأنتم ملوكها لذواتكم، فهذه الأرض- حسب ألفاظ التوراة- تفيض لبنا وعسلا، ومدينة أورشليم هى قطب الأرض المذكورة والأمكنة الخصبة المشابهة "فردوسًا سماويًا".. اذهبوا وحاربوا البربر- (أى المسلمين!)- لتخليص الأراضى المقدسة من استيلائهم.. أمضوا متسلحين بسيف مفاتيحى البطرسية- (أى مفاتيح الجنة التى صنعها البابا لهم!) واكتسبوا لذواتكم خزاين المكافآت السماوية الأبدية، فإذا أنتم انتصرتم على أعدائكم، فالملك الشرقى يكون لكم قسمًا وميراثًا..

وهذا هو الحين الذى فيه أنتم تفدون عن كثرة الاغتصابات التى مارستموها عدوانًا.. من حيث أنكم صبغتم أيديكم بالدم ظلمًا فاغسلوها بدم غير المؤمنين- (أى المسلمين!!)-.."

هكذا غلّفت "خزاين المكافآت السماوية الأبدية" الطمع فى الأرض التى تدر لبنا وعسلا!!..

وكانت مفاتيح الجنة السبيل لشحن جحافل أمراء الإقطاع والشعوب الأوروبية للاستيلاء على كل أقاليم آسيا، ذات الغنى الذى يعز على الإحصاء!!..

فهل نتعلم من هذا "القانون" أن تزييف صورة الإسلام، والحديث عن الإرهاب، إنما هى الغلالات التى تريد بها الإمبريالية اليوم ستر أطماعها فى الاستيلاء على ثروات عالم الإسلام؟! (صحيفة المصريون)
تابعو الأردن 24 على google news