jo24_banner
jo24_banner

مصر في خطر!

نضال منصور
جو 24 : لست من مؤيدي حكم الإخوان المسلمين، ولكنني أبداً لا أستطيع أن أعطي تبريراً وشرعية للقتل الذي حدث أثناء فضّ اعتصامَي رابعة العدوية والنهضة بمصر، وموقفي يتماثل مع موقف نائب رئيس الجمهورية المستقيل محمد البرادعي، فأي قطرة دم تسيل من مصري غالية، والعنف ليس الطريق الصحيح للتعامل مع الأزمة والحل.

مسار استخدام القوة لمواجهة الإخوان في مصر قد ينجح في منعهم من التظاهر في الشارع، ويقلل من قدرتهم على شل البلاد وإدخالها في حالة من الفوضى، غير أنه أبداً ليس خريطة طريق للحل السياسي، ولن يفضي في نهاية المطاف إلى إعادة مسار العملية السياسية.

مصر بعد حالة الانقسام المجتمعي، وغياب خطاب العقل، وتفشي خطاب الكراهية، والتحريض، والطائفية، تتجه نحو حالة فوضى، وفرض منع التجوال لن يجدي، ولن يوقف أعمال القتل والإصابات، والذي تتحمل الدولة، حكومة وأجهزة أمنية وجيشاً، المسؤولية عنها بالدرجة الأولى، ولكن ذلك لا يعفي من مسؤولية الأطراف الأخرى وعلى رأسها الإخوان المسلمون الذين تورط بعضهم بأعمال عنف، وحمل السلاح، وما يزالون يشيعون خطاب التحريض، ويتحملون بقدر كبير مسؤولية التحريض الطائفي.

لذلك فإن المطلوب تشكيل لجنة تحقيق مستقلة لمعرفة من يتحمل المسؤولية عن أعمال القتل سواء للمدنيين أو رجال الأمن والجيش.

في ظل هذا الانقسام والتحشيد والاستقطاب، غاب الموقف الحقوقي، وطغت الحسابات السياسية الانتهازية، ورمت الكثير من الشخصيات المرموقة من كل الأطراف خطاباتها والتزاماتها بحقوق الإنسان في سلة المهملات، وللأسف أيضاً؛ فإن من يحاول أن يأخذ موقفاً حقوقياً تلاحقه اتهامات الغوغاء، ولا يسلم من انتقادات كل الفرقاء.

آن الأوان الآن، لنوحد الجهود رفضاً لكل أشكال العنف، فالقتل جريمة وفعل مدان، والتعذيب أيضاً، وهي أفعال لا يجوز تبريرها ويجب ملاحقة مرتكبيها حتى لا يفلتوا من العقاب. علينا أن نملك الشجاعة لنعلن بأن حرق المساجد والكنائس والمؤسسات الحكومية، والأمنية، والشركات الخاصة، عمل مرفوض وجريمة أيضاً لا يمكن تبريرها، فهذه ممتلكات للناس وثروتهم الوطنية، وليست ملكاً للسلطة والحكم، وهذا الكلام موجه بالخصوص للمتظاهرين في الشارع الذين لا يتورع بعضهم عن القيام بهذه الأفعال، ضمن خطة لإرباك الحكم أو في سياق نقل المواجهات مع الأمن والجيش.

أخطر ما حدث في مصر منذ فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة حملة التحريض الطائفي ضد الأقباط المصريين، وأعمال القتل على الهوية الدينية، وإن تكررت هذه الحوادث فإن القادم أخطر، وفي هذا نتذكر سنوات الذبح التي بدأت مع الحرب الأهلية في لبنان على الهوية الدينية والطائفية.

مصر في خطر، ودعمها يكون في طرح مبادرات سياسية لإنقاذها من الوضع المتفجر، وجمع الشمل على طاولة المفاوضات، ولن تهدأ الأمور بمساندة الحكم الجديد ضد الإخوان، أو بمساندة الإخوان باعتبارهم الشرعية، وإنما في الضغط على الطرفين للبحث عن قواسم مشتركة للعودة والحوار واجتراح الحلول حتى إن كانت صعبة.

في هذا السياق فإن على الإعلام، سواء المصري أو العربي، أن يوقف حملة التأجيج والتحريض، وهو يتحمل المسؤولية إلى حد كبير عن خطاب الكراهية.

مصر في خطر، ولكن اللحظة لم تفت لإنقاذ المحروسة، وحماية ناسها!.


(الغد)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير