2024-12-25 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

بعد مسجد الفتح ..المزيد من المجازر

ياسر ابو هلاله
جو 24 : من لا يصدق وصف الناطق باسم جبهة الإنقاذ خالد داود في استقالته، لما يجري بأنه مجازر، ومن لم تقنعه استقالة الدكتور محمد البرادعي، لن يصدق سيل الفيديوهات ولا النقل المباشر على الهواء. في الجوهر هم يصدقون ويؤيدون ويريدون التخلص من خصومهم سواء كانوا إسلاميين أم ليبراليين بالمجازر أم بغيرها. ولعل في مواقع التواصل الاجتماعي تعبيرات أوضح من المجاملات على الإعلام، فأنصار الانقلاب نشروا صور الجثث المحترقة في رابعة مع سخرية باعتبارها لحما مشويا!

التفاصيل مهمة جدا، والأعداد مهمة، ومن يتجاهل التفاصيل ويقلل من الأعداد هو ذاته من ينكر ويفتري ويكذب. في صور الجثث المحترقة أمر مروع، فبحسب الأطباء؛ فإن الجثث بناء على حركة الأيدي والأرجل كانت حية قبل أن تحترق. أي أن الحرق لم يكن للجثث فقط بل لأحياء أو جرحى قتلوا حرقا. أي أننا أمام حرفية في الإجرام تشبه إلى حد كبير جرائم بشار الأسد الذي يبدو ملهما للجنرال السيسي. ومع ذلك فإن الناشط الحقوقي السوري محمد عيسى كتب على الفيس بوك بأن ما فعله السيسي في ساعات استغرق من بشار ستة أشهر.

هل يسير السيسي وفق استراتيجية واضحة بخطى ثابتة أم هو يمارس ردات فعل عنيفة ومتهورة بناء على هشاشة وضعف وارتباك، فأكثر المجرمين عتوا اقترفوا جرائمهم في لحظة رعب؟ ربما الأولى أو الثانية أو خليط بينهما. مدرسة بشار الأسد تقول ارتكب مجازر والمزيد من المجازر ثم يأتون يفاوضونك على وقفها. والموقف الإقليمي والدولي يعمل في النهاية لصالح الأمر الواقع. صحيح أن موقف أوباما مهم، وأحدث هزة في صفوف الانقلابيين، لكنه منضبط بموقف الجيش الأميركي المساند للسيسي. ويراعي موقف نتنياهو المندفع في دعم الانقلاب لدرجة أنه يخرق عطلة السبت على ما نقل الإعلام الإسرائيلي من أجل الاتصال بزعماء العالم دعما للانقلاب. فوق ذلك الموقف السعودي والإماراتي، فهو يمثل الركيزة المالية التي قدمت أكثر من عشرين مليار دولار حتى الآن.

ذلك كله لا قيمة له في ظل الصمود الأسطوري للشعب المصري في الشوارع والميادين، لقد تأكد بعد استقالة البرادعي وخالد داود أن الانقلاب يعتمد على القوة المجردة، ولم تعد تمرد قادرة على حشد أكثر من مئة شخص في ميدان التحرير الخاوي المصان بدبابات الجيش، في المقابل اقتُلع، حقيقة، معتصمو رابعة بالدبابات والجرافات وحرقوا بالنيران وأُمطروا بالرصاص. وبعد مقتل الآلاف تخرج الملايين في جمعة الغضب ولا يردهم لا رصاص ولا دبابات ولا طائرات ولا قتل ولا اعتقالات ولا حملات التشويه والشيطنة التي لا تقل وحشية عن العنف المادي.

لقد شهدت الثورات العالمية وحشية تشبه وحشية السيسي أو تزيد عليها، في إيران ارتكب الجيش أيام الشاه أكثر من ذلك. لكن كل الخسائر تتحول أرباحا، إن حافظ المتظاهرون على سلميتهم، ولم ينزلقوا إلى فخ الانقلابيين الذين يريدون تحويل ثورة شعبية إلى حرب أهلية. إن كل إعلام السحرة لم يستطع صناعة أيقونة واحدة للجلاد، حتى صورة سيارة الأمن المركزي الملقاة من الجسر نشرت صور فيديو لها تدوس المتظاهرين ثم ترجع بشكل جنوني للخلف وتنقلب من على الجسر، في المقابل ثمة آلاف الإيقونات للمصور أحمد عاصم ولهالة أبو شعيشع ولأسماء البلتاجي، وغيرهم كثر ممن تحتفي بهم صفحات التواصل الاجتماعي.

إن الإنسان الطبيعي يميل للضحية، وهو ذاته الذي يخاف من الجلاد، وهذا الصراع في مصر، يراهن الثوار على التعاطف ويراهن السيسي على الخوف. تبدو الكفة متساوية الآن لكنها بأي وقت قد ترجح لصالح الضحايا. وهذا ما لا يدركه بشار ولا تلميذه السيسي.


(الغد)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير