jo24_banner
jo24_banner

التهمة : صلاة الفجر!

حلمي الأسمر
جو 24 : الأخ محمد خليل، كتب معلقا على مقالي امس «من مصر» يقول: يبدو انك زرت بلدا اخر وليس مصر، في مصر لا يوجد غاز ولا يوجد بنزين للسيارات ولا يوجد خبز ولا يوجد امن ولا امان ولا توجد دولة بالدولة، فكل ما يوجد هناك فلول للنظام السابق يسيطرون على كل شيء ويحرقون الدولة والشعب لأنهم يسيطرون على كل المرافق السياسية والاقتصادية والاعلامية، وهم يفعلون ما يشاءون دون حسيب او رقيب، انتقاما من الشعب الذي قام على ولي نعمتهم واطاح به. عزيزي.. عاصمة مصر القاهرة وليست باريس فربما (خربطت) بالطائرة وذهبت الى باريس وصدفة وجدت تاكسي يقوده (واحد مصري) هرب من بؤس الحياة في دولته نتيجة حكم مبارك سواء من القصر او من السجن فكلاهما اسوأ من الآخر لا بل من السجن اسوأ لانه انتقل من الاستعباد الى الانتقام!.

ما يقوله محمد هنا هو نفس ما استقر في ذهني جراء متابعتي للقنوات لكثير من القنوات الفضائية، غير أن هذه الصورة كلها انقلبت رأسا على عقب حينما هبطت مطار القاهرة، وليس مطار باريس (!) لقد أمضيت يا صديقي أسبوعا كاملا في مصر وقابلت عشرات الأشخاص، وتجولت في محافظات العاصمة كلها، وزرت مرسى مطروح على بعد أكثر من أربعمائة كيلو متر من القاهرة، كما زرت محافظة الفيوم، على بعد أكثر من مائة كيلو متر من القاهرة، وتجولت فيهما، وكنت طبعا أتناول ما تيسر لي من الطعام، سواء مما يأكله المصريون من أكل شعبي، أو مما تقدمه المطاعم، وكان هناك خبز وغاز وبنزين للسيارات، وأمن وأمان، ودولة أيضا، وضبط وربط بالمرور، وكل ما قاله محمد خليل هو عار عن الصحة، وهذه شهادة شخصية، وليست مستوحاة من حلم ليلة صيف!.

هذا أولا، أما ثانيا، يا محمد، فسأروي لك حكاية عن «الأمن» أيام مبارك، نقلها لي أحد جيران «الضحية» وهو شاب عشريني يافع، ليس متدينا، ولا يوجد في بيتهم من يصلي ولو ركعة، وحدث ذات يوم أن دعاه ابن جيرانه إلى صلاة الفجر، فلبى النداء، وصحبه إلى المسجد، وحينما خرج كان في انتظاره عنصران من «أمن الدولة» حملاه في سيارة ومضيا به بعيدا، يقول الراوي لي: الذي شاهد الواقعة بنفسه، أنه أخبر أحد إخوة «الضحية» بما جرى كي يتدبر أمره، ثم عاد الفتى بعد أيام، وهو يقول لأهله: والله لو صلى اليهود الفجر ما صليته بعد الآن!.

باختصار، تعرض الفتى لألوان من الضرب والإهانة من أزلام مبارك، وهدد بما لا يتخيله عقل إن واصل الذهاب إلى المسجد، ولقاء مرتاديه!.

وقل مثل هذا عن قصص وحكايات سمعتها من أصحابها، تعكس شكل «الأمن» الذي كان سائدا أيام مبارك، الذي يدعي محمد خليل أنه يحكم مصر من سجنه، للعلم فقط، كل أو جل رجال مبارك إما هربوا أو سجنوا، فلتطمئن يا محمد، ولتهنأ بالا!.

أما ثالثا، فأود أن أطمئن أيضا من يخافون على مستقبل مصر، ومستقبل ثورتها، من واقع متابعتي للحراك الإنتخابي في سباق المرشحين لكرسي الرئاسة، وسأجازف وأقول، وفق معطيات كثيرة توافرت لي، أن رئيس مصر سيكون إسلاميا، سواء في الجولة الأولى من الانتخابات أو جولة الإعادة، رضي من رضي وغضب من غضب، وهي مجازفة مبنية على استقراء وإحساس وربما رغبة أيضا، ولكنها مجازفة واقعية، تستند إلى رؤية واقعية، وأحمد الله شخصيا أن تقدم لانتخابات الرئاسة مرشحون إسلاميون، سواء من الإخوان المسلمين أو المستقلين، لأنهم لو تركوها لغيرهم لضاعت مصر، وفي نجاحهم ضمانة في أن يذهب ذلك الشاب إلى صلاة الفجر دون أن تكون في انتظاره دورية «أمن الدولة»!.

hilmias@gmail.com
الدستور
تابعو الأردن 24 على google news