استراحة افتراضية في جمعة الشهداء!
حلمي الأسمر
جو 24 : سأستريح اليوم، وأريح، رغم استحالة أن تصم اذنيك وتغلق عينيك عما يجري حولك من حرائق، ولكن لا بد، كي نبقى على قيد الحياة، وكي لا تذهب أنفسنا هدرا، مع من ذهبوا هدرا تحت التراب، أو وراء الجدران!
سأجترح ما يبدو معجزة، وأنفصل أو قل أنفصم عن واقعي، وأحلق بعيدا في رحلة افتراضية، في يوم جمعة، سماها الأحياء «جمعة الشهداء» كتلك التي يقوم بها أهل اليوغا والتصوف، كي ينسوا الألم الذي يشعرون به، والدخول في عوالم ساحرة من لذة مفترضة، أفعل هذا ليس حبا في الحياة المجردة فقط، بل كي لا نعيش بنصف جسد، او نقد بعض الحواس، جراء تلك الجلطات التي غدت تزورنا كما تزورنا الأنفلونزا!
اذكر حديث صديق عراقي لي كان مقاتلا أيام حرب العراق وإيران، حين وجد نفسه في أرض شديدة البرودة إلى حد لا يحتمل، وكان عليه ان ينام بأي طريقة، كي يبقى على قيد الحياة، ولم يكن ثمة شيء حوله إلا جثث زملائه من الجنود، قال لي، ويا لهول ما قال، أنه اتخذ من أحدهم مخدة، ومن آخرين لحافا، تغطى بهم، ونام، تخيلوا أي نوم يمكن أن يكون، واي أحلام وردية ممكن أن تزوره، هو نام تعبا، وموتا من النعاس، وتلك معجزة، تضطر إلى اجتراحها كي لا تتحول إلى جثة!
تلك مقاربة مرعبة، انساقت بين يديْ حديث يفترض به أن يكون «مريحا» أو استراحة وسط الحرائق، حسنا، ما حيلة الذاكرة وهي لا تستدعي في هذا المناخ إلا الأنواء والعواصف المشابهة؟
اكتشفت أنني انام جيدا في الأوقات التي تعقب مقاطعة قنوات الأخبار، وتلك اول نصيحة لمن يعانون الكوابيس والأرق، فحتى تكون قادرا على متابعة الحدث عليك أن تقاطعه قليلا، كي تتزود بشيء من طاقة احتمال سوئه، واي سوء أكثر بشاعة من أن ترى رئيسا منتخبا وراء القضبان، فيما يغادر القضبان رئيس قاتل.
تلك أولى النصائح، وثانيها، ان تنام وهاتفك بعيد عنك، او مغلق، تلك نومة هانئة جدا، حتى لو انطبقت السماء على الأرض، فلا أجمل من أن تنفصل عن قلق التكنولوجيا، وتهرع إلى صمت قرية نائية، لا يوجد بها إلا هاتف قديم يعمل يدويا!
أما اعظم ما يمكن أن تفعله، كي تستخلص نفسك من حرائق بلا نهاية، فهو الهرب من الفيسبوك، وخاصة من رفاق سوء دأبوا على وضع الملح على جروحك الطازجة، والأسوأ الذي يمكن أن يحصل، أن تحاول اقناعهم بأنهم لهم عيون لا يرون بها، وآذان لا يسمعون بها، ورؤوس كطناجر طبيخ (غير متقن الصنع!) وما عليك هنا إلا أن تتذكر هذه النصيحة الذهبية: لا تضع وقتك بإيضاح الحقيقة لمن لا يريد رؤيتها،
فـ ....
قد تُنكرُ العينُ ضوءَ الشمسِ من رمدٍ..
و يُـنـكـرُ الفـمُ طعـمَ المـاءِ من سَـقَـمِ!
سأجترح ما يبدو معجزة، وأنفصل أو قل أنفصم عن واقعي، وأحلق بعيدا في رحلة افتراضية، في يوم جمعة، سماها الأحياء «جمعة الشهداء» كتلك التي يقوم بها أهل اليوغا والتصوف، كي ينسوا الألم الذي يشعرون به، والدخول في عوالم ساحرة من لذة مفترضة، أفعل هذا ليس حبا في الحياة المجردة فقط، بل كي لا نعيش بنصف جسد، او نقد بعض الحواس، جراء تلك الجلطات التي غدت تزورنا كما تزورنا الأنفلونزا!
اذكر حديث صديق عراقي لي كان مقاتلا أيام حرب العراق وإيران، حين وجد نفسه في أرض شديدة البرودة إلى حد لا يحتمل، وكان عليه ان ينام بأي طريقة، كي يبقى على قيد الحياة، ولم يكن ثمة شيء حوله إلا جثث زملائه من الجنود، قال لي، ويا لهول ما قال، أنه اتخذ من أحدهم مخدة، ومن آخرين لحافا، تغطى بهم، ونام، تخيلوا أي نوم يمكن أن يكون، واي أحلام وردية ممكن أن تزوره، هو نام تعبا، وموتا من النعاس، وتلك معجزة، تضطر إلى اجتراحها كي لا تتحول إلى جثة!
تلك مقاربة مرعبة، انساقت بين يديْ حديث يفترض به أن يكون «مريحا» أو استراحة وسط الحرائق، حسنا، ما حيلة الذاكرة وهي لا تستدعي في هذا المناخ إلا الأنواء والعواصف المشابهة؟
اكتشفت أنني انام جيدا في الأوقات التي تعقب مقاطعة قنوات الأخبار، وتلك اول نصيحة لمن يعانون الكوابيس والأرق، فحتى تكون قادرا على متابعة الحدث عليك أن تقاطعه قليلا، كي تتزود بشيء من طاقة احتمال سوئه، واي سوء أكثر بشاعة من أن ترى رئيسا منتخبا وراء القضبان، فيما يغادر القضبان رئيس قاتل.
تلك أولى النصائح، وثانيها، ان تنام وهاتفك بعيد عنك، او مغلق، تلك نومة هانئة جدا، حتى لو انطبقت السماء على الأرض، فلا أجمل من أن تنفصل عن قلق التكنولوجيا، وتهرع إلى صمت قرية نائية، لا يوجد بها إلا هاتف قديم يعمل يدويا!
أما اعظم ما يمكن أن تفعله، كي تستخلص نفسك من حرائق بلا نهاية، فهو الهرب من الفيسبوك، وخاصة من رفاق سوء دأبوا على وضع الملح على جروحك الطازجة، والأسوأ الذي يمكن أن يحصل، أن تحاول اقناعهم بأنهم لهم عيون لا يرون بها، وآذان لا يسمعون بها، ورؤوس كطناجر طبيخ (غير متقن الصنع!) وما عليك هنا إلا أن تتذكر هذه النصيحة الذهبية: لا تضع وقتك بإيضاح الحقيقة لمن لا يريد رؤيتها،
فـ ....
قد تُنكرُ العينُ ضوءَ الشمسِ من رمدٍ..
و يُـنـكـرُ الفـمُ طعـمَ المـاءِ من سَـقَـمِ!