الظهور الاعلامي لرئيس الوزراء.. امعان في تجاهل موقف وردود فعل الاردنيين، وقفز عن الاسئلة المهمة
جو 24 :
كتب أحمد الحراسيس - أجرى رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، الأربعاء الماضي، أول مقابلة تلفزيونية منذ تشكيله الحكومة قبل قرابة العام، حيث امتد اللقاء لنحو ساعة كاملة افترض بها الرئيس بانه سينجح في كسب التأييد والاجابة على الكثير من الاسئلة، الا ان اللقاء انتهى وودّع الخصاونة المتابعين دون أن يدركوا ماذا كان يريد ان يقول، وما هي الغاية من وراء هذا الظهور الاعلامي!
بدأ الرئيس لقاءه بالحديث عن موقفه والحكومة من توصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، وأقرّ بمنتهى الخفة بأن الحكومة لن تُراجع الصيغ الواردة من اللجنة، ولن تطرح المخرجات للحوار والنقاش العام، وستقوم باحالتها إلى مجلس النواب بعد انتهاء عرضها على ديوان الرأي والتشريع، وفي هذا تنازل طوعي عن الولاية العامة التي كان الخصاونة تعهّد أمام الشعب ونوابه بالحفاظ عليها وممارستها كما نصّ عليها الدستور..
الأعجب، قول الرئيس إن حكومته ستدافع عن تلك التوصيات والصيغ التي لم تُشارك في وضعها، زاعما أن اللجنة الملكية كانت ممثلة وتضمّ أطياف المجتمع الأردني كاملا وتعبّر عن رؤية أغلبية المجتمع، والحقيقة أن في هذا الحديث تزييف وتضليل كبير، ولا نعرف كيف وصل الخصاونة إلى هذه القناعة متجاهلا كلّ الأصوات التي عارضت مخرجات وتوصيات اللجنة من أحزاب وقوى سياسية وشعبية ونخب.
ومن عجائب وغرائب مقابلة الخصاونة، تطرّق رئيس الوزراء إلى تقييم مجلس النواب وأدائه، والأصل أن لا يقع الرئيس القانوني في هذا المطب، فالبرلمان هو أساس الحكم في الدستور وهو من يقيّم الحكومة وأداءها وليس العكس، وبعيدا عن هذا الأصل الدستوري، لم يوضح الخصاونة في لقائه الأسس والشواهد التي اعتمد عليها في قوله إن أداء النواب كان راقيا ومتميزا وموضوعيا!!
الرئيس، وفي معرض دفاعه عن قانون الدفاع وتمسّك الحكومة به، قال إن القانون موجود لحماية المواطنين ودفعهم للتطعيم والالتزام بالاجراءات الوقائية، كما أنه يحمي الاقتصاد من فقدان (100) ألف وظيفة، وهذه ديماغوجية حكومية وعملية ربط غير موضوعية على الاطلاق، فما علاقة التطعيم بقانون الدفاع؟!! .. الحقيقة أن قانون الصحة العامة يمكّن الحكومة من دفع المواطنين لتلقي المطعوم. وأما القول بحماية (100) ألف وظيفة، فهذا غير مقبول البتة بعد مرور اشهر طويلة على رفع الحظر الكلي والجزئي، هذا اعتراف صريح بالفشل الذريع في هذا الملف، كيف يقبل الرئيس ان تمارس حكومته هذا الدور؟!! الاصل ان تسعى الحكومة لتحفيز وتشجيع اصحاب العمل للمحافظة على الايدي العاملة، وذلك عن طريق تقديم تسهيلات واعفاءات تكفل تحقيق هذه الغاية، كان على الحكومة ان تسعى للوصول الى توازن في السوق، ان تسعى لان يستعيد القطاع الخاص عافيته، مع خلق فرص عمل جديدة تستوعب الذين تم الاستغناء عنهم جراء الازمة، واولئك الذين اعياهم الانتظار بعد مضي سنوات طويلة على تخرجهم وحصولهم على الشهادة الجامعية..
وفي دفاعه عن المهرجانات الغنائية بما تضمنته من تجاوزات أثارت قلق واستياء الرأي العام الاردني واللجنة الوطنية لمكافحة الأوبئة، قال الرئيس إن تلك الحفلات جرت وفق بروتوكولات صحية وأنها تنشّط الحركة الاقتصادية، والسؤال هنا؛ كيف تنشّط المهرجانات الاقتصاد؟ هل يأتي سياح من الخارج لحضورها؟ ثمّ إذا كانت البروتوكولات الصحية تسمح بالتجمع والاحتشاد والتقارب بهذا الشكل، فلماذا نفرض شروطا وقيودا على المساجد والجامعات والمطاعم وفي الأسواق التجارية؟! لماذا لا نرفع القيود في ظلّ وصولنا إلى نسبة مناعة مجتمعية تجاوزت 80% حسب آراء خبراء الأوبئة والدراسات العلمية. ثم اذا كان هناك بروتوكولات صحية للحفلات والمهرجانات، وهذا غير صحيح، فلماذا لا ينسحب ذلك على كل اوجه الحياة الاخرى؟!!
الخصاونة حرص على التأكيد بأن حكومته لن تُفرط في تقديم الوعود، والواقع أن الحكومة لم تُقدّم أي وعود ولم تفعل أي شيء أصلا، فالوضع يزداد سوءا ومعاناة القطاعات تتعمّق وتتجذّر، بل إن الأزمات التي يعانيها الاقتصاد تحوّلت إلى أزمات بنيوية دون أن تقدّم الحكومة أية حلول! اين اولويات الحكومة، واين خطتها الاقتصادية التأشيرية؟ ما الذي تحقق على الارض؟ ولماذا لا تقدم تقاريرهم للرأي العام، كما قال انه يقدمها للملك بشكل دوري؟ بالاحرى، لماذا لم يلمس الناس شيئا من هذه الانجازات؟!
لا نعرف لماذا يعتقد الرئيس أن "الشعبوية لا تتسق مع الرواية المتماسكة.. وأن المسؤول أصبح يركن إلى عدم الاجتهاد خشية أن يؤشّر عليه بالفساد"، فالأصل أن الرواية المتماسكة حتما ستلقى القبول لدى الناس وستكون شعبوية، وأما إذا كانت غير متماسكة وبعيدة عن الشفافية كما اعتدنا على روايات الحكومات المتعاقبة، فإنها بالتأكيد لن تلقى القبول والشعبوية، وأما المسؤول فلا يُفترض به أن يجتهد في موضع النصّ، وأما في غير موضع النصّ فإن معيار محاكمة قرار المسؤول هو المصلحة المتحققة من قراره واجتهاده. الفساد شيء، والاجتهاد شيء آخر، وأي ربط او خلط بينهما، لن يكون لصالح الحوكمة الرشيدة..
لم يتطرق الرئيس الخصاونة إلى العديد من الملفات الأساسية على الساحة الوطنية، ومنها ملفّ الفقر والبطالة الذان ينهشان ويفتّان في عضد المجتمع الأردني، كما لم يتطرق إلى ملفّ التعليم وهو ملفّ أساسي تدور حوله الكثير من التساؤلات والمخاوف، ولم يتحدث الرئيس أيضا عن ملفّ أزمة نقابة المعلمين، ولم يأتِ أيضا على ذكر ملفّ المحالين على التقاعد المبكّر والاستيداع وما الخطوة التالية بعدما وجّه بدراسة هذا الملفّ ومعالجته!!
مقابلة الخصاونة في مجملها كانت استعراضية لمدى قدرة الرئيس على نسج العبارات، مليئا بالمغالطات والربط غير الموضوعي ولا المقنع للمواطن والمتابع الذي انتظر أن يسمع كلمة واحدة عن منجز تحقق أو فائدة ستعود عليه بعد كلّ هذا التعتير الذي تعرّض له على مدار عام ونصف وأكثر.
نظنّ أن الرئيس ظهر عبر شاشة التلفزيون الأردني لمجرد الظهور فقط، الرئيس انبرى للدفاع عن أداء صفري حاول تبريره ومنْطَقَته على مدار ساعة كاملة كانت مخيّبة للآمال كما هو حال أداء هذه الحكومة..