قانون الاعسار والمسؤوليات الادبية للشركات
د. عودة صويص
جو 24 :
ان الاعسار قبل ان يصاغ في قانون ومواد محكمة عليه ان يكون نتاج مناخ اقتصادي ونتاج تعثر في الادارة والانتاج وان يكون هذا المناخ وهذا التعثر ضمن سياق زمني ادى الى ان تجهز المؤسسةعلى ما لديها من امكانية ايقاف التراجع والعودة الى التوازن او الى الاتجاه بالتقليل التدريجي لما يمكن ان يقلل من السلبيات .
ان المتتبع لسير نشاط شركة لافارج الانتاجي يلحظ بوضوح انها ومنذ قرار التخاصية في العقد التاسع من القرن المنصرم وهي تحقق ارباحا غير عادية لا بل ان ما تحقق لدى هذه الشركة من عوائد انما ينوف كثيرا حجم راس المال المدفوع حتى انه يمكن القول ان الشركة استطاعت ان تجنى المئات من الملايين خاصة خلال فترة الامتياز واستمرارها في تحقيق ارباح طائلة حتى بعد ذلك ! اي انه يمكن القول ان الارباح المتراكمة للشركة تساوي اضعاف اضعاف اصولها الثابتة وبالتالي فان تغير المناخ الاقتصادي الاقليمي او عدم امكانية الاستمرار في تحقيق ارباح وحتى التعرض الى خسارة جراء هذا الظرف ، فان هذا لا يعتبر مسوغًا مقبولا اذ كان بالأحرى ان تستعمل فوائض الارباح العالية المتراكمة لتتمكن من البقاء في السوق لان الظرف الاقتصادي العام في المنطقة يبقى تحت كل المقاييس ظرفا طارئا غير مستقر ، اما ان يصار الى اللجوء الى قانون الاعسار لأنها لم تعد تحقق ارباحا خيالية او لانها تتعرض الى خسارات طفيفة فهذا يأتي من قبيل التخلي عن المسؤوليات الادبية للاستثمار ، فما من شيء يضمن اي مؤسسة في العالم ان تستمر في تحقيق ارباح خيالية وما من عذر يعطي المؤسسة الحق في انه عند تغير الظروف الاقتصادية ، فعلى المؤسسة ان تلتجئ الى قانون الاعسار الذي يحميها من تبعيات هذا الظرف الاقتصادي الجديد ، فشركة لافارج لم تسجل عبر سجلها الانتاجي ان هناك مديونية تتراكم ولم تسجل هذه المديونية يوما انها تزيد عن حجم وقيمة اموالها ، فالأرباح الطائلة التي تحققت كان يفترض ان تشكل حساب احتياطي ضخم للشركة يؤهلها بان تواجه اي طارئ ،اما ان يصار الى امتصاص كامل الارباح فلا تقوى بعدها الشركة على مواجهة التزمتها فهذا امر مستغرب جدا في شركة يفترض انها شركة عابره للدول وتتعرض الى كل صنوف التقلبات لاقتصادية، وعليه فان الهروب الى الاعسار وظهور الشركة بوضع غير القادر ماليا انما هو بمثابة الحفاظ على التراكم المتحقق للأرباح ون المساس بها، وهو ايضا محاولة الوصول الى ادنى نقطة ممكنة في تخفيض كلفة الظرف التي تمر به ، وهذان الامران غير مقبولين ، فكما قطفت الثمار عليها ان تساهم في الخروج من وضعها بمواردها وبإدارتها الذاتية ، ولذلك كان ايقاف الاعسار قرار صائب لا بل قرار وطني ، مثلما ان لجوء الشركة الى الاعسار هو قرار غير وطني لا بل هو هروب من المسؤوليات المجتمعية الاقتصادية ، الادبية والقانونية .