تزوير ارادة الشعوب.. نقابة المهندسين مثلاً
د. م. حامد العايد
جو 24 :
قبل أكثر من عقدين من الزمن سمعت نكتة عن أحد الانظمة العربية الشمولية والتي تُجري انتخابات شكلية كل اربع او خمس سنوات للتجديد للحاكم الأوحد حيث تجري الانتخابات على شكل استفتاء ب(نعم) أو (لا) لعدم وجود منافس آخر وتكون النتيجة بنسبة 99.9٪ نعم.
المهم، تقول النكتة ان أحد الأشخاص البسطاء ذهب ليشارك في الاستفتاء وقد شرب هرمون الشجاعة في الصباح وأضمر في نفسه ان يصوت ب(لا)، وعندما وصل وضع (لا) في الصندوق وخرج، وبعد خروجه التقى زوجته التي صوتت في صندوق الاناث فأسرَّ لها بأنّه قد صوَّت ب(لا) فأخذت تخوفه بالويل والثبور وان الأجهزة الأمنية لذلك النظام تعلم الغيب وستعلم عن تصويته وتحاسبه حساباً عسيراً وأقنعته بأن يعود لتغيير تصويته متذرعاً بأنه قد وضع (لا) بالخطأ وعندما عاد إلى الصندوق اعتذر للشرطي الموجود بالباب بأنه أخطأ بالتصويت وأنه يريد التصحيح وتغيير الورقة فقال له: احنا غيرناها، خلاص روح بس لا تعيدها مرة ثانية.
تذكرت هذه النكتة وكيفية تزوير إرادة الشعوب وما هذه الجرأة التي يحكمون بها عندما تابعت طريقة التصويت وعدّ الأصوات في اجتماع الهيئة المركزية لنقابة المهندسين الذي عقد بتاريخ 2021/11/15 عندما مارس الزميل نقيب المهندسين المنتهية مدته تزوير ارادة الهيئة المركزية وأمام ما يقارب 180 زميل وزميلة حضروا الاجتماع وأمام الكاميرات في بث حي ومباشر وقام بالعدّ بنفسه ليخرج بنتيجة 13 مع التعديلات المقترحة و6 ضد التعديلات ويعلن فوز التعديلات في مهزلة لم تشهدها نقابة المهندسين منذ تأسيسها رغم ان قانون نقابة المهندسين ينص صراحة في المادة ٣٢ج/١ على اتخاذ القرار فيما يخص تعديل التشريعات بالأغلبية المطلقة والتي تعني نصف الحضور زائد واحد وبالتالي نتحدث عن عدد حوالي 91 زميل.
ولكن يبدو أن العقلية واحدة (لا أريكم الا ما أرى) وخصوصاً ان الخلفية الايديولوجية في الحالتين هي نفسها.
وهناك فيديو مدته 39 ثانية يبين طريقة العدّ والتصويت يستحق المشاهدة من كل مهندس بل من كل مواطن حتى يعلم كيف يتم تزوير الإرادة عينك عينك، وبالطبع سرعة التصويت هذه تذكرني بالسرعة التي تم بها تغيير دستور تلك الدولة العربية حتى يسمح لشخص بتولي الرئاسة.
والأدهي من ذلك أن الزميل نقيب المهندسين المنتهية مدته يصر على التمادي في الخطأ والذهاب للهيئة العامة للمهندسين للتصويت على التعديل باعتبار ان الهيئة المركزية قد أوصت بهذه التعديلات رغم انه ليس هناك توصية صحيحة من المركزية بهذه التعديلات بل على العكس تماماً فهناك ١٢٠ زميلا ممن حضروا اجتماع المركزية قد أوصوا برد التعديلات في مذكرة خطية تم تسليمها للنقيب في بداية الاجتماع فضرب النقيب بتوصيتهم عرض الحائط وتمسك بأن هناك ١٣ زميلا قد وافقوا عليها!.
لم أكن اتوقع يوماً ان تتم مثل هذه المسرحية في نقابة عريقة كنقابة المهندسين التي تعتبر واحة للديمقراطية والتنافس الحر ومضرباً للمثل في الممارسة الديمقراطية.